كشف رئيس منظمة المجاهدين السعيد عبادو، ولأول مرة، عن مشاورات باشرتها المنظمة مع حقوقيين ورجال قانون تمهيدا لرفع دعاوى قضائية أمام المحكمة الدولية والأمم المتحدة، في حال استمرار رفض باريس لمطلب الاعتذار والاعتراف بجرائم فرنسا الاستعمارية في حق الشعب الجزائري، مؤكدا أن الجزائر لن تعقد أية معاهدة صداقة مع فرنسا دون اعتذار وتعويض عن جرائمها. عرج رئيس المنظمة الوطنية للمجاهدين في الحوار الصادر أمس على صفحات جريدة »العرب« القطرية على مختلف القضايا ذات الصلة بالعلاقات الجزائرية الفرنسية في مقدمتها قضية الاعتذار والموقف الفرنسي المتصلب، وأكد عبادو رفض المنظمة للمنطق الذي تحدث به الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عندما قال إن الأحفاد غير مطالبين بالاعتذار عن ما بدر من الأجداد، مجددا التأكيد على تمسك الجزائر بضرورة اعتذار فرنسا الحالية عن ما اقترفته فرنسا الاستعمارية طيلة سنوات الاحتلال، وقال عبادو »إن قضية الجزائر مع الدولة الفرنسية، والدولة ككيان قانوني لها استمرارية وهي مسؤولة عن كل المراحل في ماضيها وتاريخها، وبالتالي فالمنطق الذي يتحدث به ساركوزي مرفوض ومخالف للتقاليد الدولية، كما أن هناك سوابق في هذا الميدان ترفض منطقه«، متسائلا، »لماذا اعترف بيرلسكوني مثلا بما اقترفه الفاشيون ضد الشعب الليبي وأبرم اتفاقية لتعويض الأضرار، ولماذا عوضت ألمانيا الحديثة اليهود عما ارتكبته ألمانيا النازية؟«. وكشف عبادو عن اتصالات واستشارة تقوم بها المنظمة الوطنية للمجاهدين مع قانونيين من داخل وخارج الجزائر ومؤرخين وباحثين وأطباء، تمهيدا لرفع دعوى قضائية لمطالبة فرنسا بالاعتذار والتعويض، حيث قال إنه وفي حال استمرار فرنسا في تعنتها ستلجأ منظمة المجاهدين إلى رفع دعاوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية والأمم المتحدة، قائلا »لن نسكت عن حقوقنا كما أننا نرفض إقامة معاهدة صداقة أو تعاون مع فرنسا ما لم تعترف فرنسا بجرائمها التي اقترفتها في حق الشعب الجزائري والاعتذار له، وهذا ليس موقف منظمة المجاهدين وإنما هو موقف كل المؤسسات الرسمية الجزائرية«. وربط رئيس المنظمة ووزير المجاهدين الأسبق مطلب الاعتذار بمسألة التعويض، موضحا أن مطلب الاعتذار مرتبط بمسألة تعويض باريس الجزائريين عن ما لحقهم طيلة 132 سنة من الاحتلال، مشيرا إلى أنه لابد للجزائريين أن يحصلوا على اعتراف فرنسا بجرائمها التي ارتكبتها في حق الشعب الجزائري طيلة احتلالها لأرضه مدة 132 سنة، ثم الاعتذار عن تلك الجرائم المرتكبة، ليأتي التعويض عما ارتكب ضدهم من نهب للأراضي والسيطرة على الثروات وطمس الشخصية الجزائرية من خلال استعمار استيطاني حاول أن يجعل شعب الجزائر وأرضها جزءا من فرنسا، بواسطة ما كان يعرف بقانون الإلحاق، مشددا على أن هذا الأسلوب هو الطريق الوحيد لطي صفحة الماضي المؤلمة، حتى لا ترثها الأجيال القادمة. وأبدى المتحدث في نفس السياق حرصا على التأكيد أن الجزائر ليست لها عداوة مع الشعب الفرنسي وإنما مع أولئك الذين لم يتخلوا عن أفكارهم الاستعمارية، واستبعد وزير المجاهدين بشكل صريح وواضح إمكانية إبرام معاهدة صداقة مع فرنسا إذا لم يكن هناك اعتراف واعتذار وتعويض وأيضا إعادة للأرشيف الوطني المنهوب، قائلا »ليس لدينا أحقاد لكننا نريد أن نطوي الملف ونترك للأجيال الصاعدة الجو المناسب لإقامة علاقات متطورة في فائدة البلدين والشعبين«. وعن القانون الفرنسي لتعويض ضحايا التجارب النووية، قال رئيس منظمة المجاهدين أنه »سلبي جدا، أعد من طرف واحد ولم يؤخذ رأينا فيه، رغم أنه يتحدث عن ضحايا سقطوا على أرض جزائرية خلال فترة الاحتلال. فإذا أراد الفرنسيون التكفير عن ذنبهم حقا، فكان يجب عليهم الدخول في محادثات مع الجانب الجزائري وإبرام اتفاقات بين حكومتي البلدين من أجل الوصول إلى أفضل الصيغ لتعويض الضحايا«. واعتبر عبادو أنه كان من المفروض أن تسلم فرنسا كل ما أخذته من الجزائر بعد أن خرجت منها مهزومة بفضل ثورة التحرير، مستشهدا بالسوابق الدولية في هذا الإطار، على غرار إيطاليا التي أرجعت كل ما أخذته عندما خرجت من أثيوبيا،، والشيء نفسه يفعلونه اليوم مع الليبيين، متسائلا »فلماذا يشذ الفرنسيون عن القاعدة؟ أكثر من هذا فإنهم عندما قرروا منحنا جزءا من الأرشيف وفقا لاتفاقية أبرمت بين وزارتي الثقافة للبلدين، عمدوا لأن يكون الأرشيف المسترجع دعائيا«، كما انتقد تمجيد الفرنسيين لعارهم في الجزائر وللحركى، معتبرا إنشاء مؤسسة لتمجيد الحركى بمثابة سلوك متعنت ومتكبر يخلو من أية أخلاق.