وقعت قيادات كل من حركة مجتمع السلم وحركة النهضة وحركة الإصلاح، أمس، على الميثاق التأسيسي لما أصبح يسمى ب »تكتل الجزائر الخضراء« الذي سيكون العنوان الرئيسي للقوائم المشتركة التي تدخل بها هذه الأحزاب سباق التشريعيات المقبلة. ولم يستبعد أصحاب المبادرة توسيع هذا الائتلاف الموصوف ب »الإسلامي« إلى أحزاب أخرى ترغب في الانضمام إليه. وضع تحالف الأحزاب الإسلامية »تكتل الجزائر الخضراء« ضمن أولوياته تجسيد أهدافه بمرحلية وتدرّج »لاستكمال بناء الدولة الجزائرية الديمقراطية والاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية« وفق ما ورد في ميثاق التأسيس الموقع عليه أمس بإحدى فنادق العاصمة، وهو الميثاق الذي جاء في 24 نقطة لا تختلف كثيرا عما ورد في مضمون الدستور، لكن الثابت هو الاتفاق دخول التشريعيات المقبلة بقوائم موحدة وبرنامج مشترك. وفي سياق ذلك رفض قادة »حمس« و»النهضة« و»الإصلاح« الإدلاء بأي تصريح إعلامي رغم إلحاح الصحفيين للحصول على بعض التوضيحات بخصوص نقاط بدت غامضة، ولذلك اكتفى أبو جرة سلطاني بإبلاغهم أن مؤتمرا صحفيا سيُعقد الأسبوع المقبل لتقديم مزيد من التفاصيل بشأن هذا التكتل الجديد الذي اعتبر مؤسسوه أنه »يسع كل فئات الشعب بكل انتماءاتهم«. وحسب رئيس حركة مجتمع السلم فإن »تكتل الجزائر الخضراء« يأتي من أجل الردّ على جهات التي أرادت للجزائر أن تكون في وقت من الأوقات »حمراء من الدماء التي تسال«، لافتا إلى أن تأسيسه يؤكد »نجاحنا في الانتقال من مرحلة الانقسام إلى مرحلة جمع الصفوف«، وقال إن هذا التحالف »ليس منحصرا ولا منغلقا وإنما هو تكتل غير حزبي وهو أوسع من الأحزاب الثلاثة«. وأرجع سلطاني الفضل في تجسيده إلى عدة عوامل بما فيها »الجهات التي راهنت على فشل المبادرة فرددنا تحدّيهم بتحدّ مماثل«، بدا أن المقصود ليس جاب الله فقط ولكن »كل من ينتقدنا ويخوّف ويُحذّر منا ويقول إننا إسلامويون«، ثم استطرد: »نقول لهم إن هذه النظرة الفوبية طُويت نهائيا..الجزائر تعرفنا مسالمين مدافعين عن هويتها ووحدتها.. نقول لهؤلاء هاتوا برامجكم لأن صراع السبّ والشتم انتهى وجاء صراع الأفكار«. وأردف رئيس »حمس« أن التكتل جاء أيضا »للخروج من الحزبية إلى التيار، والخروج من الشرعية التاريخية إلى الشرعية الشعبية وشرعية الإنجازات«، إضافة إلى الدعوة لجعل المواطنين شركاء بأن يستلم الشعب المشعل عبر صناديق الاقتراع الشفافة ويتجاوز كل أنواع الوصاية، وجزم بأن »هذا الائتلاف سيفتح صفحة جديدة من النضال السياسي يتجاوز ثقافة الأنانيات الحزبية إلى ثقافة الهويات التي لا تحتكر الإسلام والديمقراطية والوطنية«. ومن جانبه اعتبر الأمين العام لحركة النهضة، الدكتور فاتح ربيعي، اجتماع الأحزاب الثلاثة في مثل هذا الظرف ب »الإنجاز التاريخي«، وحرص على اقتباس بعض العبارات من القرآن الكريم ليبيّن أهمية ما يتحدّث عنه قائلا: »لا تحسبوا هذا الإنجاز هيّنا فهو عند الله عظيم لأنه يجمع الكلمة ويوحد الصف وينمي التعاون على البرّ والتقوى«، وأشار إلى أن التكتل »حلم راود التيار الإسلامي لسنين. إنه إنجاز استثنائي في ظرف استثنائي«. وتكمن الاستثنائية التي قصدها ربيعي في أن الحدث صنعته خارجيا »الثورات العربية التي أتت على البنية التحتية للأنظمة الاستبدادية..«، وشدّد على أن »إرادة الشعوب هي من إرادة الله«، فيما أكد أنه على المستوى الداخلي فإن »إرهاصات التغيير والتحوّل تلوح في الأفق«، وبدا متفائلا بأن التحالف الثلاثي سينجح »لأنه جاء ليدفع في اتجاه محاربة التزوير، وسيؤسّس لمرحلة جديدة لأنه يستند على أرضية سياسية مشتركة وليس مجرّد مطامع انتخابية«. وحتى يُكتب النجاح لهذا التكتل اشترط المتحدث أن »يتحوّل إلى رحابة الأفق الواسع ويتجاوز الحدود الحزبية الضيقة«، ليضيف: »إن هذا الائتلاف يحتاج إلى التعاون مع جميع مكونات الساحة السياسية.. فهو لم يأت ضد جهة أو مناوئا لأخرى وإنما هو اجتهاد سياسي مقصده تحقيق تطلعات الشعب الجزائري«، مثلما يهدف »لأن لا تكون الجزائر حالة نشاز في هذا العالم« على حدّ تعبيره. وتركت التصريحات التي أطلقها أمين عام حركة الإصلاح الوطني، حملاوي عكوشي، الكثير من علامات الاستفهام بالنظر إلى العبارات التي استعملها بالمناسبة خاصة لما قال: »الهدف من التوقيع على إعلان تكتل الجزائر الخضراء هو أن نجعل من موعد 10 ماي المقبل يوما من أيام الله«، وذهب أبعد من ذلك: »هذا التكتل نسجته يد الرحمان لتشرق الجزائر بعده بنور ربّها.. والله هو الراعي الرسمي لما نوقعه اليوم«. وجاء على لسان عكوشي في كلمته: »نترك التكتل للشعب ليرضى عنا ويسامحنا لما فرّطنا في جنب الله ونعاهده بأننا عقدنا اليوم عقدا ليس للشيطان فيه نصيب«، مضيفا أن القصد من هذا التحالف »ليس مواجهة أية جهة من مكونات الطيف السياسي سواء حابانا أو واجهنا«، وذكر أن المبدأ »أن يعزف الشباب عن العزوف بسبب التزوير الذي مارسته السلطة لمدة 20 سنة.. هذا التزوير طاعون.. لا بدّ من التصدّي للعزوف«.