خلصت أشغال المؤتمر الرابع للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية إلى تزكية النائب محسن بلعباس رئيسا جديدا للحزب خلفا لسعيد سعدي الذي أعلن تنحيه من المنصب بعد 23 سنة من احتكاره له. دخل التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، مرحلة جديدة على المستوى التنظيمي، بعد إعلان الدكتور سعيد سعدي تخليه على منصب رئيس التجمع، وتزكية المؤتمر الرابع للنائب محسن بلعباس البالغ من العمر42 سنة، رئيسا جديدا للأرسيدي. ويأتي هذا التغيير في ظل ظروف سياسية داخلية وإقليمية تتسم بمزيد من الانفتاح، سواء على الصعيد الحزبي أو على صعيد أنظمة الحكم. وقد اختار سعيد سعدي هذا التوقيت للانسحاب لاعتبارات سياسية، في مقدمتها المحافظة على ما تبقى من التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، سيما بعد الهزات التنظيمية العنيفة التي عرفها الأرسيدي منذ مطلع الألفية الثالثة اثر انشقاق العشرات من الكوادر بسبب ما وصفوه استبداد سعدي وانفراده بالقرار داخل الحزب وتهميشه لمؤسسات الحزب ومنها على وجه التحديد المجلس الوطني. ولم تكن الانتقادات الموجهة للدكتور مقتصرة على مناضلي الأرسيدي بل امتدت إلى خصومه في الساحة السياسية والذين أعابوا عليه المطالبة بالديمقراطية والتداول على السلطة في الوقت الذي يحتكر فيه الطبيب سعدي رئاسة الأرسيدي منذ الإعلان عن تأسيسه عام 1989. وقد خاض سعيد سعدي في السنوات الأخيرة حملة سياسية ضد النظام الجزائري وصعد من لهجته تجاه النظام داعيا إلى ضرورة رحيله وفسح المجال أمام بناء ديمقراطي، ومع اندلاع ما يسمى »الثورات العربية« حاول سعدي بالتنسيق مع العديد من جمعيات المجتمع المدني ومنظمات حقوقية شكلت التنسيقية الوطنية من اجل التغيير الديمقراطي، تنظيم »مسيرات سبتية« للمطالبة ب»رحيل النظام«، إلا أنها فشلت في تعبئة الرأي العام تجنيد المواطنين نحو هذا المطلب وهو ما ترتب عنه انفجار التنسيقية قبل أن يتخذ سعدي قرارا بوقف »المسيرات السبتية«. ومعروف عن سعيد سعدي ارتباطاته الخارجية وبالأخص مع الدول الغربية، وفي مقدمتها دوائر سياسية فرنسية، حيث قام في الآونة الأخيرة بجولات إلى أوروبا والاتحاد الأوروبي ببروكسل للطعن في إصلاحات النظام والتقليل من أهمية الانتخابات التشريعية المقررة في العاشر ماي الجاري بدعوى أنها »مزورة مسبقا حتى ولو حضر الملاحظون الدوليون«، وقد اتخذ الأرسيدي قرارا بمقاطعتها. وتنتظر الرئيس الجديد للأرسيدي محسن بلعباس الذي شغل منصب الناطق الرسمي للحزب ورئيس لجنة الاتصال بالمجلس الشعبي الوطني، تحديات كبيرة على المستويين التنظيمي والسياسي، إذ تعرف قواعد الحزب تهلهلا كبيرا وهروبا للمناضلين إلى باقي التشكيلات الجديدة خاصة منها الحركة الشعبية الجزائرية التي أسسها القيادي السابق في الارسيدي عمارة بن يونس، أما على الصعيد السياسي، فالرئيس الجديد مدعو إلى تجديد آليات عمل التجمع من اجل الحفاظ على دور الحزب في الحياة السياسية المرشحة لتغييرات جديدة بعد انتخابات العاشر ماي القادم.