نفى الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين، السعيد عبادو، أن تكون هذه الهيئة الثورية قد تخلّت عن مطلبها بإقرار مشروع قانون لتجريم الاستعمار الذي دافعت عنه بقوة منذ أن بادر به عدد من نواب البرلمان. واستنكر عبادو باسم الأسرة الثورية موقف »حكام فرنسا الحاليين« الرافض الاعتراف بجرائم فرنسا الاستعمارية، محمّلا البرلمان المقبل مسؤولية إعادة بعث هذا المشروع. جدّدت المنظمة الوطنية للمجاهدين تمسّكها القاضي بالمطالبة بإقرار مشروع قانون تجريم الاستعمار ومطالبة فرنسا بالاعتذار عن الجرائم التي ارتكبتها في حق الشعب الجزائري، وهو ما دعت إليه أمس في تقرير حول نشاطها العام قدمه أمينها العام أمام المشاركين في المؤتمر الحادي عشر، مثلما شدّدت على المجلس الشعبي الوطني المقبل ضرورة إقرار مشروع قانون تجريم الاستعمار الفرنسي »المجمد حاليا على مستوى هذه الهيئة«. واعتبر تقرير المنظمة أن ما تطرحه »مطابخ السياسة الفرنسية هو إمعان في تهرّب هذه الدولة من تحمل مسؤولياتها التاريخية إزاء ما ألحقته من مظالم ومآس بالشعب الجزائري«، وأوضحت أن هذا الحرص »يُملي علينا واجب التمسك بحقوقنا المشروعة في مطالبة الدولة الفرنسية بالتخلي عن أطروحات حكامها الحاليين الرافضة للاعتذار والإقرار بالمظالم التي ألحقها بالشعب الجزائري وتعويض ما نهبته من خيراته طيلة حقبة الاحتلال«. ولم تتوقف منظمة المجاهدين عند هذا الحدّ لأنها طالبت ب »استرجاع الممتلكات المهرّبة والأرشيف المرحل باعتبار ذلك جزءا من حقوق الشعب الجزائري ومن ذاكرته الوطنية التي لا يملك أي جيل حق التنازل عنها«. وجاء في الوثيقة »مع إدراك ساسة فرنسا لأهمية هذا الملف بالنسبة للأجيال الوطنية فإننا نراهم يمضون في اجترار دعوتنا لنسيان الماضي والتوجه نحو المستقبل«. ولفتت المنظمة إلى أن مسؤولي الدولة الفرنسية دأبوا على »تكريس خطاب رفض التبعات المرتبطة بحقبة الاحتلال وترغيب الطرف الجزائري في إقامة علاقات تواكب ما يشهده العالم من تغيرات«. كما أكد التقرير حرص المجاهدين على التواجد في الميدان وإثبات حضورهم ومساهمتهم في كل الخطوات الهادفة إلى تمكين البلاد من تحقيق تطلعاتها في تثبيت الأمن والاستقرار وحشد الطاقات الوطنية لإنجاز مشاريع وطنية طموحة تمس مختلف القطاعات. إلى ذلك أورد السعيد عبادو في تصريح للصحفيين أمس أنه يأمل في أن »يولي البرلمان القادم أهمية بالغة لمشروع قانون تجريم الاستعمار والمصادقة عليه خصوصا وأن النواب سيكونون منتخبين في إطار الشفافية النزاهة«، مدافعا عن المشروع الذي قال إنه »لا يعد تعدّيا على الدولة الفرنسية وإنما هو رد فعل على قانون تمجيد الاستعمار الذي صادق عليه البرلمان الفرنسي سنة 2005«. وذكر المتحدّث أن المؤتمر »يولي اهتماما كبيرا« لكتابة تاريخ الثورة التحريرية والحركة الوطنية من خلال شهادات المجاهدين إلى جانب إعادة كتابة كتب التاريخ المدرسية، موضحا أن هذا الاهتمام »يدفعنا إلى منح ميزانية خاصة لمعاهد التاريخ الجزائرية قصد تشجيعها أكثر للبحث في تاريخ الجزائر«. واعترف في ردّه على سؤال حول المسؤولين الذين يحملون الجنسية المزدوجة بأنه يرفض بشكل مطلق »أن يمتلك أي مسؤول جزائري للجنسية المزدوجة«. وموازاة مع ذلك عرفت أشغال اليوم الثاني من أشغال المؤتمر الحادي عشر للمنظمة الوطنية للمجاهدين التي حضرها الوزير محمد الشريف عباس، فتح نقاش عام أكد فيه المجاهدون على ضرورة الاهتمام بكتابة تاريخ الثورة التحريرية والحركة الوطنية قصد إظهاره للأجيال المقبلة، وأشارت أغلبت المداخلات إلى أن »الأمم التي تجهل تاريخها تكون معرضة أكثر لتكرار أخطاء الماضي«. ومن بين الأمور التنظيمية التي أثيرت في النقاش المطالبة بانتخاب الأمين العام للمنظمة من قبل المؤتمر وليس من طرف المجلس الوطني أو الأمانة الوطنية للمجاهدين »حتى لا يكون خاضعا لنزوات الأشخاص إلى جانب منحه صلاحيات واسعة لتمكينه من معاقبة المخالفين لقوانين المنظمة«، وعليه شدّد المجاهدون على أنه »ينبغي وضع شروط واضحة ومحدّدة لاختيار المسؤولين في المنظمة الوطنية للمجاهدين ومنع المكاتب الولائية من التدخل وتنظيم الانتخابات الخاصة بالمجلس الوطني«.