يرى محمد فادن المحامي وعضو المجلس الدستوري السابق أنه من التحديات الكبرى التي تنتظر المجلس الشعبي الوطني القادم، رسم معالم دستور جديد يتماشى وطبيعة مستجدات المرحلة، لاسيما فيما تعلق بضرورة تبني تعديل المحكمة الدستورية بصلاحيات واسعة بدل المجلس الدستوري بمجال حرية محدود. اعترف القانوني محمد فادن أن استدراك الثغرة القانونية التي كانت في قانون الانتخابات السابق، لاسيما فيما تعلق باستخلاف العهدة النيابية، والذي كان مقتصرا على الوفاة أو التعيين في الحكومة أو المجلس الدستوري أو مجلس الأمة، وذلك بإضافة احتمال الاستقالة، سيفتح المجال واسعا لإحدى أشكال »البزنسة«، إذا ما سلمنا بالاتفاق بين أعضاء القائمة المغلقة بالتداول لمدة سنتين ونصف للواحد، وبالتالي الاستفادة من الامتيازات، ما يستدعي استكمال المنظومة التشريعية التي تضمنتها حزمة الإصلاحات الجارية في البرلمان المقبل من خلال ضبط أسباب الاستقالة وتحديد إطارها. ولم يخف الخبير القانوني الذي نشّط ندوة مركز الدراسات الإستراتيجية والأمنية أمس، أن حزمة الإصلاحات تضمنت عدة تناقضات قانونية وأخطاء غضّ المجلس الدستوري الطرف عنها بسبب ارتباط ذلك بأجندة وطنية واستحقاقات مصيرية، مؤكدا أن ما تداولته بعض التقارير بعدم أهلية المجلس الدستوري في المصادقة على حزمة قوانين الإصلاحات بسبب انتهاء عهدة بعض أعضاء المجلس الدستوري المحددة ب 6 سنوات، غير صحيح. ولم يخف عضو المجلس الدستوري السباق أن الدستور الجديد يجب أن يتضمن إعادة النظر جديا في التحول نحو تبني المحاكم الدستورية لأنه توجه عالمي ويتيح مجالا أوسع لضبط دستورية القوانين أكثر، مؤكدا بضرورة توسيع الإخطار إلى المجلس الشعبي الوطني في إحالة القوانين وحتى المواطن البسيط، علما أنه مقتصر حاليا على مجلس الأمة، واستطرد يقول »المحكمة الدستورية تتولى حل كل النزاعات المطروحة«. وبالعودة لقانون الانتخابات، اعترف القانوني أن الإدارة مازالت تتدخل في أطوار العملية الانتخابية مما يجعلنا بعيدين نوعا ما عن المقاييس العالمية، لكنه أكد أن الجزائر أجلت ذلك بسبب الإمكانيات اللوجستيكية، وتبنت بالمقابل 14 آلية للرقابة وتعزيز الشفافية، وأضاف »الهندسة التي استعملها المشرع في تشريع القوانين كلها سليمة«، واستدرك يقول »لكن هناك فرق شاسع بين التشريع وتطبيق القوانين«. واعترف فادن بأن البرلمان الحالي لا يمثل الشعب الجزائري ككل لكنه حظي بحزمة إصلاحات مهمة، مؤكدا أنه كرجل قانوني ينتظر بمعية كل الجزائريين مجلسا شعبيا معبرا بعد 50 سنة من الاستقلال، وأضاف »لو تم اعتماد القائمة المفتوحة بدل المغلقة سيتم إقصاء المرأة مسبقا لأن المجتمع الجزائري لا يزال منغلقا« وتابع »السلطة التنفيذية تتحمل مسؤولية إضعاف السلطتين القضائية والتشريعية وننتظر إعادة هيبتهما لاسيما إذا علمنا أن هاجس المستثمرين الأجانب حاليا هو انعدام الأمن في التشريع«. وخلص المتحدث إلى أن إشراك الملاحظين الدوليين في مرافقة العملية الانتخابية مؤشر إيجابي يخدم مصداقية التشريعيات المقبلة، لكن فادن أبدى تخوفه من أن تكون النتيجة عكسية برفع تقارير تشكك في شفافية العملية الانتخابية، وهو ما يستدعي تظافر كل الجهود من أحزاب ومجتمع مدني وإشراف قضائي لحماية العملية الانتخابية كفعل مقدس.