وفق ما كان متوقعا منذ أسابيع، نقابة »كناباست« أعلنت عن دخول أساتذة التعليم الثانوي في إضراب وطني مفتوح، بداية من 10 أفريل الداخل، ونقابة »إينباف« هي الأخرى أعلنت عن دخول في حركة احتجاجية، وحتى وإن لم تحدد طبيعتها وتاريخها، فإنها لن تخرج عن خيار الإضراب، وكل ذلك هو من أجل تحريك المطالب المرفوعة، التي سرت نقاشاتها بسلاسة مع وزارة التربية الوطنية، وتمّ تجميدها على مستوى اللجنة الحكومية، وهي كلها في نظر النقابتين تصحيح لوضع خاطيء. كلتا النقابتين »كناباست« كما هي »إينباف« عقدتا نهاية الأسبوع المنصرم دورتي مجلسيهما الوطنيين، وكان الدافع الأساسي للتعجيل بهاتين الدورتين في هذا الوقت بالذات، ضبط عقارب الحركة الاحتجاجية المقررة على عقارب الفترات الزمنية الخاصة، التي تسبق بقليل فروض وامتحانات الفصل الأخير من السنة الدراسية الجارية، وقد تصلها في حال تقاعس الحكومة عن الاستجابة للمطالب المرفوعة، وفي هذه الحالة تتأكد وتتجسد قناعة الكثير من الأساتذة الذين أصبحوا لا يِؤمنون إلا بمقولة » لا يهمّ، ليسقط السقف علي وعلى من حولي« . نقابة »كناباست« قررت أن تدخل في إضراب مفتوح، وغير محدد الأيام، ولا يهمها حسب عدد من الأساتذة النقابيين الناقمين على الوضع أن يدرس التلاميذ ويمتحنوا، أو لا يدرسوا ولا يمتحنوا، طالما أم منطق السلطات العمومية معهم هو على هذه الحال، ويعتقد هؤلاء أن نقابتهم تعي ما تقوم به، هي تريد أن تضاعف من ضغطها على الوصاية، واللجنة الحكومية التي سقفها الوزير الأول أحمد أويحيي، والضغط هنا لا يستهدف وزارة التربية الوطنية في حدّ ذاتها، بل يستهدف المديرية العامة للوظيفة العمومية، والوزارة الأولى، لأن المطالب المرفوعة من جهة نوقشت مع وزارة التربية، وتمت موافقتها وموافقة النقابات على مضمونها الأخير، وهي الآن ومنذ أكثر من أسبوع مجمدة على مستوى الهيئتين الرسميتين المذكورتين، ولم يتمّ البث فيها وفق ما كان منتظرا، ومن جهة أخرى لكون المديرية العامة للوظيفة العمومية والوزارة الأولى جعلت من قطاع التربية الوطنية مقدمة أولى لكل الزيادات التي أقرتها مع كل القطاعات الوطنية، حيث أصدرت قبل كل القطاعات الأخرى القانون الخاص بهذا القطاع، و تبيّن لعماله فيما بعدُ أن هاتين الهيئتين الرسميتين قد جعلتا من قانون التربية الوطنية فضاء تشريعيا تجريبيا، وقد أصدرتاهُ قبل سائر قوانين القطاعات الأخرى، ويرى أساتذة القطاع أن هاتين الهيئتين متعمدتان تضمينهُ الكثير من الظلم والإجحاف في المنح والزيادات المالية المقررة، وفي التصنيفات الموضوعة لأسلاك التربية، وميكانيزمات وسبل الترقية المهنية، والأحكام الانتقالية، والإدماج، وبلوغ المناصب العليا في منظومة التربية الوطنية. وهذا تحديدا ما أكدت النقابتان من أنه يستوجب منها الوقوف في وجهه في حركات احتجاجية ضاغطة، لعل وعسى أن تأخّر الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين في الإعلان من الآن عن تاريخ حركته الاحتجاجية جنبا إلى جنب مع نقابة المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني فيه ذكاء تكتيكي، الهدف منه التلويح بالضغط ، والتهديد به قبل الشروع في ممارسته فعليا على أرض الواقع عن طريق الإضراب، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ربما لتجنّب الضغوط الحكومية الرسمية المعاكسة، التي قد تسعى من الآن لترتيب السيناريوهات الخاصة بإفشال الحركة الاحتجاجية، ونذكر منها اللجوء لاستخدام العدالة، والخصم من الأجور، والإكراهات الإدارية، ومن يدري ربما ستنضمّ النقابتان لبعضهما البعض في حركة احتجاجية واحدة لاحقا، وفق ما كان عليه الحال في حركات احتجاجية سابقة، وقد يحدث هذا خصوصا في حالة ما إذا ابتعدت نقابة »إينباف« تحديدا عن الشعور بأية حساسية إزاء رغبة وطموح »كناباست« في التوسع والانتشار نقابيا على مستوى أساتذة التعليم المتوسط والابتدائي، الذي أوصت به في دورتها الأخيرة بمدينة بومرداس، وحتى الآن كل الاستعدادات الجارية من قبل النقابتين توحي أن الحركة الاحتجاجية ستكون موحدة، ولو في مرحلة زمنية مقاربة للتاريخ المُعلن عنه من قبل »كناباست«.