برر عبد الله جاب الله الانتقادات التي توجه كل يوم، ومن طرف الأصدقاء قبل الأعداء، بأنها مؤامرة من طرف الإدارة لإضعاف حزبه وتشويه صورته أمام الناس، خاصة بعد الزخم الذي رافق عملية إطلاقه. في الحقيقة وإحقاقا للحق لطالما صدقنا نظرية المؤامرة ودسائس الإدارة وأعوانها من »رجال الخفاء« عندما تعرض حزب النهضة ثم الإصلاح إلى عمليات تقسيم، وشككنا في انتقادات وتصريحات العديد من المنشقين عنه، ولكن هذه المرة من الصعب الحديث عن المؤامرة والدسائس كما يزعم جاب الله، لأن الذين استاءوا من تصرفاته هم من الذين اعتقدوا حقا بأنه يمكن أن يشكل البديل المثالي للنظام السياسي القائم، وأنه سوف يتصرف بطريقة تختلف تماما وكليا عن باقي الأحزاب. الخرجة الإعلامية الأخيرة للسيد عبد الله جاب الله على قناة النهار لم تكن موفقة بالمرة، ولو كنت مكانه لبحثت عن مختصين في الإعلام والاتصال لكي يساعدونني في الأيام المقبلة لأنها ستكون صعبة على الشيخ الذي اعتقد بأن الاعتماد على الفصاحة اللغوية والآيات القرآنية يمكن أن يجعله النموذج المقبول لدى الرأي العام الوطني. فعندما يبرر جاب الله ترشيح أربعة أشخاص من عائلته وفي المراتب المتقدمة، وفي أبرز ولايات الوطن بأنها من قبيل البر بالأهل، وأنه لو فعل غير ذلك لما كان مسلما حقيقيا، فإنه يكون قد ارتكب خطأ لأنه يتناقض كليا مع جوهر الدين الإسلامي الذي تجسد في مواقف الرسول الأعظم والصحابة والتابعين والذين كانوا لا يمكنون أهاليهم من المناصب والغنائم. ثم إن البر بالأهل لا يكون من خلال تمكينهم من جباية 20 مليون من خزينة الشعب، بل البر يكون من خلال الإحسان إليهم من المال الخاص والحلال. أما فيما يخص السيدة حرمه المرشحة للتربع على عرش الجزائر، فإنني والله لأرأف لحالها وقد كنت أتمنى لو أن لي الصحة - اللهم احفظ - التي تتمتع بها لكي تنشط سياسيا وبكل هذه الطاقة، كما صرحت لجريدة الشروق، وذلك بعد إنجاب تسعة أولاد، ما شاء الله وتربيتهم وتعليمهم. عمليا لقد أمضت السيدة جاب الله، وفي أدنى تقدير، 18 عاما بين حمل ورضاعة، يضاف إليها سنوات من التربية والسهر والرعاية، فماذا بقي لهذه السيدة التي تستحق فعلا الحصول على وسام الأم المثالية، من طاقة وجهد وصحة لكي تسهر وترعى وتناضل وتدافع عن حقوق الشعب الجزائري. اللهم لا حسد، ولكني كنت فعلا أتمنى أن أكون في مثل طاقتها وصحتها، وأن لا أعاني كل هذه المعاناة من العديد من الانزلاقات الغضروفية والالتهابات المفصلية وما خفي كان أعظم، رغم أني أنجبت نصف عدد أبنائها. قد يكون من الأفضل للسيدة جاب الله أن تفيد الأمة الجزائرية بتجربتها في الأمومة أكثر من التشريع ووجع الدماغ.