قبل عدة أسابيع التجأت لمسؤول كبير من ّأجل توفير دواء لمريض يعاني سرطان الكبد، لأن هذا الدواء مفقود منذ أكثر من شهرين..وقد ترجاني والحسرة بادية على محياه أن أعمل ما في وسعي لتوفير هذا الدواء الذي تعود على استلامه من صيدلية المستشفى -معتقدا أنني على مقدرة لتوفيره له- ومنذ انقطاعه فإن معدل المرض يتنامى في جسمه بسرعة مذهلة.. حالة الآسى التي كانت بادية على وجهه وفقدان الأمل في الحياة دفعاني لأن أقتحم تلك العوالم التي بيدها الحل والعقد، وتجرأت أن أطلب المساعدة من أجل مريض.. حالته هي حالة آلاف مثله.. ينتظرون على أبواب صيدليات المستشفيات لعل الرحمة تنزل والدواء يصل. أُخبرت من المسؤول أن الدواء وصل إلى الجزائر إلاّ أنه تحت الاختبار في المخابر المختصة وبداية الأسبوع )قبل شهر( سيكون متوفرا في صيدلية المستشفى حيث يوجد المريض..تنفست الصعداء، ورحت عبر الهاتف أزف البشرى لهذا المريض الذي لم تصدق أذناه الخبر وراح يلح عليّ بالسؤال. هل ما قلته له جاءني من طرف المسؤول المعني بقضايا الدواء؟ باعتبار أن هذا من اختصاصاته ومن المسؤولين أصحاب القرار. وطال الانتظار ومرت الأسابيع والدواء لا يزال مفقودا حتى كتابة هذه السطور، ومرضى السرطان يعانون هكذا دون أي اعتبار لحالتهم، والوعود تقدم بديلا للدواء وهي لا تخرج عن كونها وعود لا أساس لها من الصحة. وليست حالة المرضى الآخرين بأفضل من حالات مرض السرطان فلقد نشرت الصحافة بأن العديد من المصالح الاستشفائية عبر الوطن تعرف توقفا شبه تام خاصة المصالح الجراحية بسبب الندرة الحادة في الأدوية الضرورية وحتى المستلزمات الطبية تأتي في مقدمتها مواد التخدير وحتى خيط الجراحة التي أصبح أقارب المرضى يجلبونها من الخارج لإنقاذ حياة ذويهم. فهل هؤلاء المرضى الذين يموتون نتيجة فقدان الأدوية لعدم توفرها في السوق –في ظل عناد من وزارة الصحة وتأكيد غير مدعم- بأن »كل شيء متوفر« عندما يموتون هؤلاء فعلى من تقع المسؤولية؟ أنها لا تخرج عن حالة القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد، وإلا كيف نفسر هذه الحالات الشاذة التي تشتم منها رائحة »البزنسة« في سوق الدواء والاستيراد وكل ما يتعلق بهذا المجال الذي دخل سوق البورصة وأصبح مجالا للمزايدات في سوق الصراع بين الأقوياء.. أما المرضى فليموتوا مادام لا أحد يسأل عنهم كيف ماتوا. ولماذا الأدوية والمستلزمات الطبية مفقودة في السوق.. إنهم يكذبون المرضى ويصدقون التصريحات الكاذبة للمسؤولين عن هذه الوضعية، السؤال المطروح هل هذه الأمور تجري دون رقيب أو حسيب وهل أن حياة المواطن أصبحت لا تساوي شيئا عند مختلف السلطات المسؤولة، أم أن الأمور أصبحت تتحكم فيها قوىً نافذة تقرر ما تشاء حتى ولو كانت حياة المواطنين في خطر؟ ولو يموتون على مائدة الجراحة أو في بيوتهم لأن جرعة الدواء لم تتوفر في السوق والمسؤولين المباشرين يؤكدون وعلى المباشر في القنوات الفضائية أن كل شيء على مايرام. لا ياسيدي ليس كل شيء على ما يرام وأن المواطن الذي يعاني الآلام يُسوق له الوهم الكاذب لا الدواء الشافي. والدليل قائم في هذه الحالة التي عشتها شخصيا وليست مستوحاة من مسلسل مكسيكي طويل. لا ياسيدي فالأدوية مفقودة والمرضى يعانون وأنتم مسؤولون مسؤولية مباشرة عن كل حالة وفاة لم يتوفر لصاحبها الدواء.. فاتقوا غضبة المحتاج.