كان اختيار الدكتور موسى بن حمادي لتصدر قائمة الحزب العتيد في ولاية برج بوعريرج ضمن مشروع كبير وطموح لحزب جبهة التحرير الوطني يقوم أساسا على الاستثمار الاستراتيجي، الذكي والمدروس لطاقات الحزب بالدرجة الأولى وضمن الإطار والسياق الصحيحين، فلم يكن غريبا أن يتولى هذه المهمة في ولاية تعرف طفرة تكنولوجية وصناعية منذ سنوات، صاحب مشروع وطني لجزائر جديدة قوام نهضتها المعرفة والتكنولوجيا والاستثمار في الجامعة. موسى بن حمادي، هو أحد الوزراء الشباب الذين راهن عليهم الحزب العتيد في معركة التشريعيات بعاصمة »البيبان«، فوحده المختص في علم الرياضيات والإعلام الآلي القادر على فهم متطلبات واحتياجات، ولاية برج بوعريريج، المدينة التي تحولت إلى قبلة للصناعة الإلكترونية وقطبا تكنولوجيا في الجزائر، فالرجل ومن خلال المناصب التي تقلّدها سواء على رأس مجمع اتصالات الجزائر أو وزارة البريد وتكنولوجيات الاتصال كان هدفه الاستراتيجي هو تقليص الفجوة الرقمية بين الجزائر وبقية العالم الأكثر تطورا وبناء اقتصاد قائم على المعرفة. بن حمادي ولغة المعرفة.. منذ بداياته الأولى كان الدكتور بن حمادي يؤمن أن المعرفة والعلم هي الرهان الحقيقي للنجاح في الحياة على المستويين الشخصي والعام ؛ فمن دقة وصرامة الرياضيات في البكالوريا إلى آفاق وطموحات عوالم المعلوماتية والإعلام الآلي في السنوات الأولى في الجامعة لتكون دكتوراه الرياضيات تخصص إعلام آلي أولى الخطوات الكبرى في المشوار العلمي والبحثي لابن دائرة راس الوادي ..هذه المنطقة المعروفة بتاريخها الثوري والنضال والعلم والعلماء. ولأن قاعات المحاضرات وحجرات الدروس ليست المعين الوحيد للمعرفة انتبه الدكتور بن حمادي إلى أهمية الانفتاح على المؤتمرات والدورات التكوينية العلمية في المعاهد والجامعات العريقة وتنقل بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفياتي سابقا وفي قلب هذا النشاط والحراك العلمي والمعرفي شكلت مرحلة التدريس بجامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا إحدى المحطات الأساسية في تشكيل الوجدان العلمي والمعرفي للدكتور بن حماي لتتحول لاحقا إلى مشروع حضاري متكامل . من محراب الجامعة إلى قبة البرلمان.. ولأن الطموح كان إحدى الميزات الأساسية المشكلة لابن عاصمة »البيبان« القادم للعاصمة وحيويتها السياسية والحزبية كان الدخول إلى عوالم السياسة وآفاقها وصراعاتها عن قناعة لأن أي مشروع أو طموح شخصي أو عام لابد أن يجد السند والدعم السياسي ، رافضا ومحطما بذلك قناعة بالية تشكلت لدى قطاع واسع من أساتذة الجامعة وهي أن العمل السياسي هو معركة لا تعني الباحثين والأكاديميين بأي حال من الأحوال. والأهم من ذلك أن ابن منطقة الهضاب العليا أدرك أن العلم والمعرفة هي كنز وثروة خص بها المولى عز وجل بعضا من عباده ليقوموا على خدمة بقية عباده ومن هنا كانت بداية المشوار مع الدكتور بن حماي لدخول معترك الحياة السياسية من بابها الواسع ؛ حيث انتخب نائبا في البرلمان سنة 2002 وانتقل واستفاد سياسيا وتنفيذيا من خلال عضويته في عديد اللجان المهمة للمجلس الشعبي الوطني ، فمن السكان إلى اللجنة المالية خبر دكتور الرياضيات هموم ومشاكل إدارة الشأن العام في بلد يخطو خطواته الأولى ضمن مشروع ضخم دشنه الرئيس بوتفليقة، لكن أهم التجارب السياسية للدكتور بن حمادي كانت حين وصل إلى عضوية اللجنة المركزية لأعرق وأكبر الأحزاب الجزائرية وترأسه لأحدى أهم لجان العمل للحزب العتيد وهي اللجنة المكلفة بدراسة آفاق البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للاستثمار بجبهة التحرير الوطني..كل هذه المهام السياسية والحزبية كانت اللبنة والقاعدة الأولى تحضيرا للأكاديمي ليشغل بعدها منصبا مهما وهو وزير البريد وتكنولوجيا الإعلام والاتصال وهذه محطة أخرى في تاريخ ابن الهضاب العليا صاحب الطموح العالي. من اتصالات الجزائر ..إلى بريد و اتصالات كل الجزائر في سنة 2008 غادر الدكتور بن حمادي مسؤولية تسيير احدى أكبر شركات القطاع العام في الجزائر ، إن لم تكن الشركة الأهم بعد سوناطراك وهي اتصالات الجزائر التي كان حجم استثماراتها يزداد ومسؤلياتها تتوسع بفعل سرعة نمو قطاع الاتصالات في الجزائر بشكل كبير، وعرفت الشركة العملاقة في عهد بن حمادي حركة استثمارية وتجارية كبيرة وبدأ رقم أعمال الشركة السنوي يصل إلى مستويات قياسية والأهم من ذلك هو إعادة الاعتبار للكوادر والطاقات الجزائرية في مجال تكنولوجيا الإعلام والاتصال. شركة اتصالات الجزائر وبعد أن كانت تعرف مشاكل حقيقية في التعامل فقط مع شبكة الهاتف الثابت فيما خدمة التدفق العالي للانترنت تتكفل بها بعض الشركات الخاصة عادت اتصالات الجزائر من بعيد واستعادت زمام المبادرة على كافة الجبهات ؛ فمن جهة بدأ فرع »جواب« لتقديم خدمة التدفق العالي لانترنت يقدم عروضا مختلفة ومتميزة وبأسعار خيالية لاقت كل الترحاب والرضا لدي الزبائن وأيضا المتعامل التاريخي للهاتف النقال موبيليس استعاد حضوره القوي على ساحة المنافسة وتحولت اتصالات الجزائر من شركة تعاني من ارتباكات في تقديم الحد الأدنى من الخدمات إلى شركة عملاقة تدرس مشاريع ضخمة وواعدة يصل مداها إلى عشرات السنوات..وفي سنة 2010 وبعد النجاح الواضح للدكتور بن حمادي في إدارة اتصالات الجزائر، كان طبيعيا أن يضع فيه الرئيس بوتفليقة ثقته لإدارة وزارة البريد وتكنولوجيا الإعلام والاتصال..لكن القادم هو الأهم..إنه مشروع ابن الهضاب الحقيقي والأكبر، مشروع »الحظائر أو القرى التكنولوجية«. من رأس الواد..إلى واد السيلكون بطبعة جزائرية.. في كل حواراته وتصريحات وجلساته يرافع ويدافع الدكتور بن حمادي على مشروعه مشددا على نقطة مفصلية وهي أن قوام أي نهضة هو العلم والمعرفة ومن هنا جاء إصراره وحرصه على جعل الجامعة والجامعيين شريكا أساسيا وفي قلب مشروع بن حمادي الذي هو بالأساس مشروع ورؤية حزب الجزائر الأول والأكبر هو مشروع القرى أو الحظائر التكنولوجية التي ستنجز في أكثر من منطقة عبر ربوع الوطن وستكون هذه القرى المحاضن الأساسية لبناء نهضة تكنولوجية ومعرفية جزائرية خالصة أسوة بالمشروع الأمريكي الضخم واد السيلكون الذي يضم كبرى شركات تكنولوجيا الإعلام الآلي والاتصالات وكانت البداية بأولى القرى التكنولوجية بمنطقة سيدي عبد الله بالعاصمة والمشروع الثاني الذي يجري انجازه بمنطقة ورقلة ..وجامعة عنابة مؤخرا دخلت أيضا على الخط والقادم أكثر وأكبر. لكن اذا كان الدكتور بن حمادي يضع جزء كبيرا من وقته للدفع بقطاع تكنولوجيا الاتصالات بكافة فروعها فإن قطاع البريد وما يمثله من خصوصية سواء في نقل الرسائل والطرود أو الخدمة الأهم والأخطر وهي حصول ملايين الموظفين الجزائريين على أجورهم عن طريق بريد الجزائر شكل الفرع الثاني في مشروع الدكتور بن حمادي وبدأ الحديث عن إدخال تقنيات وأدوات جديدة لرفع خدمة بريد الجزائر إلى أعلى المستويات وأيضا زيادة عدد مراكز البريد لتصل إلى كل قرى ومداشر الوطن. البرج والأفلان ..دائما في القلب واذا كانت مشاريع ابن مدينة راس الواد وسعت كل هموم ومشاكل الجزائر ، فإن الحنين و الارتباط بأرض الآباء والأجداد كان دائما يشكل ميزة وطبيعة بن حمادي وهو لا يجد غضاضة أو حرج في إعلان أحلامه وطموحاته لأبناء منطقته وولايته وربما يكون برنامج ومشروع الأفلان ممثلا في شخص الدكتور بن حمادي لتشريعيات العاشر ماي القادم يمثل تزاوج وتكامل مقاربة الحزب العتيد للتنمية التي يرافع عنها ؛ فمن جهة هناك الخطوط العريضة والتي تبحث وتدرس المشاكل الكبرى للتنمية والاقتصاد الوطني ومن جهة ثانية الاستفادة من خصوصية كل منطقة للدفع بالتنمية المحلية وهي الفلسفة التي تدافع عنها قائمة الأفلان في ولاية برج بوعريريج التي يتصدرها الدكتور بن حمادي. وفي حديثه عن تشريعيات ال10 ماي المقبل، يقول بن حمادي إن الموعد يحمل أهمية خاصة بالنسبة للشعب الجزائري وبالنسبة لمستقبل الجزائر، ما يستدعي الكثير من الوعي والتجنيد لإنجاح هذا الرهان الاستراتيجي، لا سيما في ظل ما يعيشه العالم العربي من تحولات أثّرت على استقرار عديد من الدول، مذكّرا بعشرية الجزائر التي تلونت باللونين الأحمر والأسود، وما عاشه الشعب الجزائري حينها، مشدّدا على أهمية التغيير عن طريق صندوق الاقتراع والذهاب إلى برلمان تمثيلي وقوي قادر على إعداد القانون الأسمى في البلاد وهو الدستور ولما لا؟ يقول بن حمادي »الذهاب بعد تشريعيات ال10 ماي إلى جمهورية ثانية مع الحفاظ على ثوابتنا ومكتسباتنا؟«