أخيرا كشف فرحات مهني عن وجهه الحقيقي واختار الوجهة التي يعتقد أنها ستوصله إلى مبتغاه، ذهب إلى إسرائيل، ليقول إنه مستعد لفعل كل شيء من أجل تجسيد مشروعه الانفصالي الذي تجاهله العالم بأسره وقبله سكان منطقة القبائل أنفسهم. يعلم رئيس حركة استقلال منطقة القبائل وما يسمى بالحكومة المؤقتة لمنطقة القبائل أن الغرب متوثب اليوم للقفز على كل الفرص السانحة من أجل تعميم هذا الربيع الكاذب الذي بدأ يأتي على الأخضر واليابس، ولأن إسرائيل في قلب هذا المشروع الغربي فقد اختصر مهني الطريق واتجه رأسا إلى أصل المشروع، فلئن تلكأت أمريكا وفرنسا في دعم انفصال القبائل فإن إسرائيل لن تتردد في اقتناص هذه الفرصة وهي التي بقيت طيلة ستة عقود ونصف من الوجود منبوذة ومذمومة في محيطها القريب والبعيد. ليس مفاجئا ما أقدم عليه فرحات مهني عندما زار إسرائيل واستقبله نائب رئيس الكنيست، فمشروع الانفصال كان معروف الأهداف منذ البداية، غير أنه سيكون من غير المعقول أن يسكت الجزائريون، وسكان منطقة القبائل قبل غيرهم، على هذه الخطوة، فقد تجرأ مهني على القول بأن من يسميه شعب القبائل يقف وراءه ويدعمه، وسيكون من واجب كل الأحزاب السياسية والجمعيات والمثقفين الوقوف في وجه هذا الانحراف الخطير، لأن الصمت سيكون تزكية لما أقدم عليه مهني، ويجب الاعتراف بأن تمادي هذا الشخص في غيه يتحمل مسؤوليته أولئك الذين سكتوا على خطواته السابق عندما أسس حركة تدعو صراحة للانفصال ثم تبعها بتأسيس حكومة مؤقتة. الناشطون السياسيون والمثقفون في منطقة القبائل تحديدا أمام مسؤولية تاريخية اليوم، وهم مطالبون بالرد على مهني الذي يدعي أنه يمثل المنطقة وسكانها، وأنهم منحوه تفويضا ليقودهم إلى جهنم ويحولهم إلى معول لهدم وحدة هذا الوطن. لقد تجاوز الأمر حدود الاختلاف في الرأي بكثير، فالذهاب إلى إسرائيل في هذا الظرف بالذات، وبتلك الصفة أيضا، هو بداية لعمل منهجي لزعزعة استقرار الجزائر ووحدتها، ومن لا يعنيه هذا الأمر جاز له الصمت.