وصف الأستاذ أمحند أزرقي فراد، الباحث في التاريخ، ما يُسمى ب »مشروع الحكم الذاتي« الذي يُروّج له فرحات مهني بأنه »موقف سياسي منحدر من بقايا الفكر الكولونيالي«، وأكثر من ذلك فقد اعتبره بمثابة »مشروع انعزالي وُلد ليكون حليفا طبيعيا لليهود ولإسرائيل«، مؤكدا أنه من الخطأ إعطاء »هذا الإنسان« أكثر مما يستحق من اهتمام. أكد الباحث أمحند أرزقي فراد أن مشروع فرحات مهني الانفصالي لا أثر له في المجتمع الزواوي، وقال إن أتباعه يُعدّون على الأصابع، وفي كلامه تقليل من الحجم الذي حظي به الرجل بعد إطلاقه تشكيلة حكومته المزعومة، وأوضح في تصريح خصّ به »صوت الأحرار« أنه »علينا أن لا نصنع إمبراطورية إعلامية لهذه المبادرة المعزولة والشاذة في بلاد القبائل«، قبل أن يُضيف في هذا الشأن بأن المشروع بهدف أساسا إلى تقسيم الجزائريين. ولفت البرلماني السابق إلى أن الناطق باسم حركة المطالبة ب »حكم ذاتي« في منطقة القبائل بالجزائر، يُريد أن يطرح من خلال هذا المشروع الانفصالي ما أسماه فكرة »لبنان الجزائر«، دون أن يغفل التأكيد أيضا بأن هذه »المبادرة« ليس لها أي امتداد فكري في منطقة القبائل ولدى سكانها، وعبّر المتحدث عن ذلك بالقول: »إنها لا تُثير الانتباه، وهي تعكس فكرا سياسيا شاذا، وبالتالي فإن الشاذ يُؤخد ولا يُقاس عليه«. لكن اللافت في تصريح الأستاذ أرزقي فراد، المعروف بدفاعه المستميت عن اللغة العربية، أن فكرة انفصال منطقة القبائل، التي يُروج لها مهني في مشروعه، هي بالأساس فكرة استعمارية تعود إلى القرن التاسع عشر، وبعد مرور كل هذه المدة عاد فرحات مهني واحتضنها من جديد، كما أورد محدّثنا بتفصيل أكثر »أؤكد مرة أخرى أن مشروع هذا الشخص المعزول إعلاميا وثقافيا لا أثر له في الواقع«. واستند الباحث في التاريخ في دفاعه عن هذه المقاربة التي قدّمها إلى بعض المراجع التاريخية التي تحدثت عن »المؤامرة الكولونيالية« من أجل فصل منطقة القبائل ومنحها حكما ذاتيا، وذكر منها بالخصوص كتاب ألفه الباحث والمؤرخ »شارل روبير أجيرون« بعنوان »السياسة القبائلية« الذي أورد فيه الكثير من التفاصيل حول »مشروع الدولة القبائلية«، كما حرص من جهة أخرى على التأكيد بأن كلامه ليس شتما لشخص فرحات مهني بقدر ما هو يُقدّم معلومات تاريخية. وبرأي أمحند أرزقي فرّاد فإن الطرح الذي يتبناه فرحات مهني لتقسيم الجزائريين هو في النهاية طرح كولونيالي بكل المقاييس، مُستدلا كذلك بكتاب آخر ألّفته باحثة أمريكية صدر أواخر تسعينيات القرن الماضي بعنوان »قبائل- عرب – فرنسيون«، وهو المرجع الذي قال إنه فضح بصورة أكبر سياسة »فرّق تسُد« التي »تبناها هذا الإنسان الذي لا أثر له«، ليكشف بأن هذه الكاتبة أشارت هي الأخرى إلى أنه من أهداف المشروع تقريب القبائل مع اليهود. ويُجزم الأستاذ أزرقي فراد الذي ينحدر من منطقة القبائل، على أن مشروع فرحات مهني الانفصالي وضع ضمن أولوياته التقارب مع اليهود وإسرائيل الذين اتخذ منهم حليفا طبيعيا للمبادرة التي يُريد الترويج لها، ومن هذا المنطلق لم يستبعد البرلماني السابق فرضية أنّ مهني يتلقى دعما مُباشرا من جماعات يهودية، وخلص إلى القول أن هذا الكلام ليس من مُخيلته وإنما بالاستناد إلى اعتراف صريح جاء في مؤلف لصاحب هذا المشروع بعنوان »المسألة القبائلية«.