يوم السبت 26 ماي 2012، سوف يبقى تاريخيا بداية العهدة السابعة للممارسة الديمقراطية من خلال نواب الشعب في المجلس الشعبي الوطني المنتخب، وتتميز هذه العهدة عن غيرها بالمشاركة غير المسبوقة للأحزاب، والتي تأتي عقب إصلاحات سياسية طالت قوانين الأحزاب والانتخابات، إضافة إلى ما تمخضت عنه عملية إحصاء السكان بزيادة في مقاعد التمثيل لمختلف الولايات، وأخيرا وليس آخرا، سيضطلع هذا المجلس بمهمة تعديل الدستور وإقرار نوعية النظام الذي ستعتمده الجزائر في طريقة الحكم. ولأول مرة في تاريخ الانتخابات التشريعية تجرى تحت مراقبة دولية وعربية وإسلامية وإفريقية، وكذلك قضاة ولجنة وطنية مشكلة من ممثلي المترشحين أحزابا وقوائم حرة وهو ما يعني أن هذه الانتخابات وبهذه المقاييس – رغم ما قاله بعض ممثلي الأحزاب التي أخفقت في الحصول على مقاعد- نزيهة ونظيفة مقارنة بغيرها في السنوات السابقة. الآن وقد أفرزت النتائج النهائية واقعا جديدا في الخارطة السياسية أصبح المطلوب، أن يلتزم الجميع بما تفرضه المرحلة من جدية في الممارسة السياسية وفي التعامل مع القضايا الوطنية ذات الأولوية بروح وطنية تترفع عن الحزبية الضيقة إلى رحاب الوطن الشاسعة، وأن تكون المعارضة معارضة إيجابية تبحث في عمق القضايا التي تخدم المصلحة العليا للوطن والاستجابة لما يطالب به المواطن للتخفيف من معاناته المتعددة الأوجه وليس استعراضا تحت قبة البرلمان للمشاكسات تجاه السلطة التنفيذية، وعملا بعيد الثقة بين المواطن والمجالس المنتخبة. في ظل هذا الوضع الجديد، والجدل الذي سجل على الساحة السياسية من طرف أحزاب بعضها يدعو للمقاطعة، وآخر إلى إلغاء الانتخابات إلى غير ذلك من الطروحات التي تعبر عن أنانية ضيقة ومصلحة ذاتية بسبب الإخفاق في الحصول على مقاعد في المجلس الشعبي الوطني، وهو ما يعني انعدام النضج السياسي، والامتداد القاعدي المدعم ببرنامج مدروس في هذه الأحزاب التي تحاول أن توسم الانتخابات التشريعية بالتزوير وهي لم تقدر على إقناع المواطنين ليمنحوهم مقاعد في البرلمان. والمفارقة أن هذه الطروحات التي يتناوب على ترويجها مجموعة من الأحزاب تضعنا أمام مقارنة حتمية للمستوى الذي يتميز به كل حزب، فهذا حزب القوى الاشتراكية الذي يتزعمه آيت أحمد، يثمن الأجواء التي جرت فيها الانتخابات، وكذلك النتائج ليؤكد مرة أخرى تحمله المسؤولية الوطنية بروح عالية من الحس الوطني بإعطائه التوجيهات لمنتخبي حزبه في البرلمان بالتزام الأخلاق في الممارسة السياسية وفي العمل البرلماني بما يخدم المصلحة الوطنية بعيدا عن الحزبية الضيقة. مهما كانت الآراء تجاه هذه الانتخابات فإن المرحلة تلزم نواب الشعب للعمل من أجل استعادة الثقة المفقودة مع المواطنين بالعمل من أجل مواكبة الإصلاحات السياسية بعمل برلماني يشرع من أجل القضاء على كل مظاهر الفساد، وتفعيل الآليات الموجودة لتلعب دورا إيجابيا في تطهير المجتمع والنظام من كل بذور الفساد والانحراف، عندها فقط سيكون حكم الشعب على ممثليه تحت قبة البرلمان.