انقسمت آراء النواب، أمس، بين مؤيد ورافض لأحكام مشروع القانون الخاص بحالات التنافي مع العهدة البرلمانية، الملزم لممثلي الشعب بالتفرغ إلى مهامهم وعدم ممارسة أنشطة تجارية أو تولي مناصب مسؤولية في مؤسسات اقتصادية ومنظمات نقابية ومهنية. وأظهر النواب المتضررون من أحكام المشروع، وخصوصا المادة الثالثة منه، معارضة شديدة للقانون. وخاطب النائب الأفالاني، مصطفى بن عطا الله، ممثل الحكومة الطيب بلعيز، بالقول ''إذا أقصيتم كل هذه المهن من عضوية البرلمان لم يبق لكم إلا ملء المقاعد بالعاطلين عن العمل من الطلبة والنساء الماكثات بالبيت''. وأضاف بأسلوب ساخر، فجر ضحك قاعة شبه فارغة،''لقد نسيتم الأئمة من قائمة المعنيين بأحكام تنافي، فالإمام عندما ينطق يتبعه الناس وشيوخ الزوايا ومدراء الصحف''. وتنص المادة الثالثة من المشروع على إقصاء 12 فئة من ممارسة العمل البرلماني، منها ''وظيفة أو منصب في الهيئات والمؤسسات العمومية أو شركة أو تجمع تجاري أو مالي أو صناعي أو حرفي أو فلاحي، وممارسة نشاط تجاري أو مهنة حرة ورئاسة الأندية، والعضوية في مكاتب التنظيمات والاتحادات المهنية''. ولاحظ متدخل آخر أن أحكام المادة من المشروع تفتقد للدقة، وخصوصا عدم تحديد مفهوم نوع النشاط التجاري الذي يتنافى مع العهدة البرلمانية. وسجل النائب محمد قحش ''تناقض أحكام النص باستثناء فئة الأساتذة والأطباء من المنع، وتساءل إذا كان البرلمان القادم مشكل من أغلبية من الأساتذة والأطباء، فكيف يكون الحضور في قبة البرلمان؟''. وحذر نواب آخرون من العمل بهذا النص، الذي يهدف، حسبهم، لوضع حد لتضارب المصالح وظاهرة الغياب، لأنه ''سيؤدي إلى إفراغ المجالس الوطنية المنتخبة من الكفاءات السياسية والنقابات في وقت تعاني بلادنا من عجز في النخب البرلمانية، وضعف إيمان قطاع من الطبقة السياسية بجدوى الترشح لدخول المجالس المنتخبة، حيث لا يتجاوز عدد قادة الأحزاب الممثلة في المجلس الشعبي الوطني اثنين فقط، هما سعيد سعدي رئيس الأرسيدي ولويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال''. ولخص النائب منصور عبد العزيز من كتلة التغيير، المنشقة عن حركة حمس، هذا التخوف، بالقول ''من غير العادل أن يحرم القانون رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال من الترشح لمنصب النيابة في البرلمان''. وأبرز المؤيدون للعمل بالقانون، وخصوصا نواب حزب العمال أهمية المشروع، وطالب البرلماني رمضان تعزيبت ''بتشديد الإجراءات لمنع أصحاب المصالح والمال من الوصول إلى البرلمان. ودعا لإنهاء استعمال غطاء الدستور للحفاظ على المصالح الخاصة والفئوية''. وأبرز وزير العدل وحافظ الأختام الطيب بلعيز، في تدخله أن المشروع الذي يأتي تطبيقا لأحكام المادة 103 من الدستور يهدف إلى إطلاع البرلمان على المهام والوظائف التي يمارسها أعضاؤه وحمايته من الآثار السلبية التي قد تنجر عن تعارض مصلحة عضو البرلمان مع مهام هذا الأخير، وضمان عدم خضوع النواب للتبعية والتفرغ للمهام النيابية النبيلة.