المعلومات التي ترد عن فرحات مهني، رأس ما يسمى الحركة من اجل الاستقلال الذاتي لمنطقة القبائل، خطيرة جدا، وتصنف في خانة التهديدات المباشرة لأمن واستقرار ووحدة الجزائر، مع هذا فإن هذا الشخص يدخل ويخرج بمنتهى الحرية، والبعض يعتبر الليونة الزائدة للسلطات الجزائرية مع هذا المغني الفاشل والعميل المتعجرف والوقح، دليل على احترام حقوق الإنسان، وحرية الرأي في الجزائر، وهو »كرم« من السلطة لا يناله حتى البعض ممن ينتفض لحقوقه المشروعة في أحيان كثيرة. البعض نظر إلى الزيارة مهني وأعضاء عصابته لإسرائيل من زاوية خرق مبادئ عدم التطبيع مع الكيان الصهيوني، وركز بشكل لافت على مسألة رد الفعل الرسمي والحزبي والشعبي على هذه الخطوة، مع أن المسألة أخطر من كل هذا بكثير، فمهني لم يكتف فقط بدعوة تل أبيب إلى ربط علاقات مع ما اسماه بالشعب القبائلي، ودعوة من اسماهم ب »الشرفاء« في الكنيست الإسرائيلي لاحتضان ما يسميه بقضية القبائل، أي الانفصال، بل زاد على ذلك بتلقي أموال من الإسرائيليين، وربط علاقات مباشرة بدبلوماسيي الدولة العبرية وباستخباراتها، وبتعبير أخر فإن مهني يقوم بمهمة لصالح الموساد الإسرائيلي، خاصة وأنه سبق لجهات مطلعة أن كشفت النقاب عن تقارير استخباراتية إسرائيلية تتحدث عن دعم الحركات الانفصالية بشمال إفريقيا، فمنطقة القبائل معنية بهذا المشروع الذي يمتد أيضا إلى الجبل الغربي بليبيا ومنطقة الأزواد بشمال مالي، وإلى الريف المغربي أيضا، رغم التعاون الاستراتيجي »الغبي« الذي تقوم به الرباط مع الكيان العبري في مجالات كثيرة ومختلفة أمنية وعسكرية وسياسية..الخ إن ما نشر عن تحركات مهني هو في الواقع قطرة من محيط، فهذا الشخص سبق له أن زار سنة 2009 ولمرتين إسرائيل انطلاقا من فرنسا وبجواز سفر فرنسي يدعى » كاري لويس «، وسواء كانت السلطات الفرنسية على علم بهذه الزيارة أو رتبت لها أم لا فإن الحقيقة التي لا يمكن حجبها هي أن فرنسا متورطة شأنها شأن دول غربية أخرى على غرار أمريكا مهتمة بالتمكين للإستراتيجية الصهيونية في كل شبر من العالم العربي والإسلامي، وفي كل منطقة فيها ما يسمى بالأقليات اللغوية أو العرقية التي هي من دون أدنى شك اخطر سلاح يمكن أن تستعمله كل هذه القوى لهتك امن واستقرار ووحدة العديد من الدول العربية التي قد تقلقها، ومن بين هذه الدول الجزائر المعنية بمخطط التقسيم والتجزئة الذي جرب في السودان واخذ بطريقه مؤخرا إلى ليبيا. نفهم جيدا طبيعة الوصفة التي تستعملها السلطة للتعاطي مع قضية فرحات مهني وما يسمى بالحركة من أجل الاستقلال الذاتي لمنطقة القبائل، فهي لا تريد أن تنفخ في هذا الشخص أو عصابته حتى لا تعطي له أكثر مما يستحق من أهمية، خاصة وأن مهني ومن على شاكلته منبوذون في منطقة القبائل بنفس القدر والكيفية التي هم منبوذون بها أينما حلوا في باقي مناطق البلاد الأخرى، وأن فكرة الانفصال هي مجرد تهيئات جنونية لهذا الشخص ومن كان على ملته، أملتها مصالح شخصية بحتة، فالأموال التي يتلقاه مهني ومعاونوه لا تخفى على أحد، ناهيك عن رواتب خيالية تدفع لهم بالعملة الصعبة لقاء عمالتهم لجهات استخباراتية أجنبية معروفة. تصرفات مهني تجاوزت الخطوط الحمراء، وعلى الجهات المسؤولة السهر على تطبيق القانون على الجميع، فليس من المعقول أن يظل مهني يتصرف وكأنه شخص خارق يحظى بحصانة لا يتمتع بها حتى الوزراء والرؤساء، لأن الحصانة من أي متابعة حتى لما يتعلق الأمر بالتخابر مع جهات أجنبية وتنفيذ مخططات هدفها تقسيم البلاد و التمكين ل »ثورات« هنري ليفي من أن تجد طريق لها إلى الجزائر، قد تدفع ثمنها البلاد غاليا في المستقبل.