بدأت الولاياتالمتحدةالأمريكية تفصح عن نواياها تجاه سوريا، فقد قال وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا إن بلاده مستعدة لأي عمل عسكري في سوريا قد يكون ضروريا، ورغم إشارته إلى أنه من الضروري الآن أن تواصل أمريكا العمل مع المجتمع الدولي لتماثل الأهداف، فإنه لا يخفي الاستعداد لكل الاحتمالات. حتى وإن بدت هذه التصريحات أكثر مرونة مما ذهبت إليه السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة سوزان رايس عندما قالت إن القيام بعمل عسكري دون تفويض من الأممالمتحدة قد يكون ضروريا إذا لم يتفق مجلس الأمن الدولي على إجراءات سريعة لحمل سوريا على إنهاء حملتها على المعارضة، فإنها في النهاية تؤكد حرص أمريكا على تشديد الضغط على دمشق من أجل إجهاض كل مساعي البحث عن حل سياسي سلمي للأزمة السورية. منذ بروز أمريكا على الساحة الدولية كقوة عظمى وهي تستعمل هذا الأسلوب في تدمير كل القوى المناوئة لها، أو تلك التي تبدي بعض المقاومة لسياسة الهيمنة، فقد تم تدمير اليابان باستعمال السلاح النووي في وقت كانت كل إجراءات الاستسلام جاهزة، وقد غلبت روح الانتقام الإجرامي لدى الإدارة الأمريكية السعي إلى إنهاء الحكم العسكري في اليابان ووضع حد للحرب العالمية الثانية، وبعد أزيد من خمسة عقود من ذلك تم تدمير العراق بدون سبب، وجرى إجهاض كل مساعي حل أزمة الخليج في مطلع تسعينيات القرن الماضي، كما أحبطت كل محاولات تجنب الغزو قبل عشرة أعوام من الآن، وكانت الخطط الأمريكية في كل الحالات جاهزة من أجل استعمال القوة لإخضاع المعارضين والمتمردين والمقاومين الذين تسميهم واشنطن مارقين. في الحالة السورية أيضا هناك استعجال للتدخل، فما يقوم به كوفي عنان لا يروق لأمريكا وحلفائها الغربيين وعبيدها من الأعراب، والحديث عن الحرب الأهلية الذي يتداوله الجميع أصبح يعطي للتدخل العسكري بعدا سلبيا حتى أن وزير الدفاع الأمريكي وجد تفسيرا غريبا يقول إن التأخر في حل الأزمة عن طريق التدخل سيؤدي إلى تعقيدها من خلال تدخل قوى إقليمية مثل إيران، وفي النهاية يصبح الحل الوحيد هو التدخل العسكري. الذين يحملون السلاح في سوريا يستعجلون هذا التدخل، والأعراب الذين يمولون قتل السوريين لا يخجلون من أفعالهم، والثورة المزعومة تتحول بسرعة إلى مشروع غزو خارجي لا يبقي ولا يذر.