قال الجيش الروسي إنه تمكن من "تحرير" عاصمة أوسيتيا الجنوبية بشكل كامل من القوات الجورجية بعد يومين من المعارك الضارية بين الجانبين أسفرت عن مقتل نحو 1600 شخص، في حين أقرت موسكو بسقوط طائرتين عسكريتين أثناء المواجهات، وقد دخل الرئيس الأمريكي جورج بوش على خط الأزمة المتصاعدة بين جورجيا وروسيا بسبب الصراع على إقليم أوسيتيا الجنوبية المطالب بالانفصال عن جورجيا، واعتبر أن ما يجري تصعيد خطير للأزمة، مطالبا موسكو بوقف قصفها الجوي هناك فورا. نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن قائد القوات البرية فلاديمير بولديريف قوله إن قواته "حررت تسخينفالي من الجيش الجورجي وبدأت تدفع الوحدات الجورجية إلى ما وراء المنطقة الواقعة تحت مسؤولية حفظ السلام"، وأضاف بولديريف أنه يجري حاليا إجلاء الجرحى من مدنيين وعناصر قوات حفظ السلام الروسية. وقالت مصادر إعلامية إن الجيش الروسي سيطر على التلال المحيطة بعاصمة أوسيتيا وعلى ثلاث قرى أخرى، كما وتحدثت عن أن السلطات ستتيح للصحافة ووسائل الإعلام الدخول للمدينة لمعرفة حجم الدمار الواقع بها. وقد عبر الرئيس الأمريكي في تصريحات من بكين التي يزورها بمناسبة الأولمبياد "عن قلقه البالغ إزاء الوضع في جورجيا"، معتبرا أن ما وصفه بالهجمات خارج نطاق أوسيتيا الجنوبية تمثل "تصعيدا خطيرا للأزمة"، وقال إن وحدة أراضي جورجيا يجب أن تحترم، ودعا إلى وقف القصف الروسي عليها. وكان الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف وصف الوضع في أوسيتيا الجنوبية بأنه "كارثة إنسانية"، وأضاف في اجتماع مع كبار قادة الجيش في الكرملين أن قواته تشن عملية عسكرية في أوسيتيا الجنوبية من أجل "إرغام الطرف الجورجي على السلام"، كما أكد أن جنود بلاده "يتحملون أيضا مسؤولية حماية السكان، وهذا ما نقوم به الآن". وبدوره نفى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن تكون بلاده تسعى لحرب شاملة مع جورجيا، ملقيا باللوم على السلطات الجورجية في إثارة أعمال العنف، وقال لافروف في تصريحات للصحفيين إن "الوضع مستمر في التدهور، ولا يزال المدنيون يلقون حتفهم"، كما اتهم الوزير الروسي أوكرانيا بتشجيع جورجيا على القيام ب "تطهير عرقي" في أوسيتيا الجنوبية عبر مساعدتها بالأسلحة. وكان الجيش الجورجي قد تحدث في وقت سابق عن سيطرته الكاملة على تسخينفالي "رويترز" وجاءت تلك التأكيدات والتصريحات، بعد معارك ضارية صباح أمس بين القوات الروسية والجورجية في عاصمة أوسيتيا الجنوبية تسخينفالي، وأعلنت تبليسي أن الطيران الروسي دمر مرفأ بوتي الجورجي على البحر الأسود بالكامل. وأوضح بيان لوزارة الخارجية الجورجية أن "المرفأ يعتبر أساسيا لنقل مصادر الطاقة من بحر القزوين وهو قريب من خط أنابيب باكو سوبسا ومن مصب سوبسا النفطي"، كما ذكرت وكالة "رويترز" أن طائرتين عسكريتين روسيتين قصفتا منطقة حول بلدة غوري الجورجية القريبة من أوسيتيا. وأعلن التلفزيون الرسمي الجورجي مقتل العديد من المدنيين وتدمير مبان سكنية في ذلك القصف. وفي الوقت الذي أعلنت فيه جورجيا إسقاطها مقاتلة روسية وأسر قائدها أثناء مواجهات اليوم, أقرت وزارة الدفاع الروسية بسقوط طائرتين عسكريتين بأوسيتيا، وكان متحدث باسم قوات حفظ السلام الروسية أعلن في وقت سابق مقتل 15 جنديا من هذه القوات وإصابة 150 آخرين بنيران القوات الجورجية. من جهتها قالت المتحدثة باسم حكومة أوسيتيا الجنوبية إن عدد القتلى بحسب المعطيات المتوفرة لدى الحكومة يقارب 1600 قتيل، وأضافت أن نحو 90 جريحا نقلوا لمستشفيات العاصمة، أما سيرغي سوبيانين نائب رئيس الوزراء الروسي فقال إن أكثر من 30 ألف شخص هربوا من أوسيتيا الجنوبية منذ بدء المعارك. وأطلق الانفصاليون الأبخاز عملية عسكرية لطرد القوات الجورجية من وادي كودوري ما يفتح عمليا جبهة جديدة ضد قوات جورجيا، حسب "وزير الخارجية" الأبخازي سيرغي شامبا الذي أضاف أنه "جرى قصف جوي وإطلاق قذائف مدفعية على وحدات جورجية، في الجزء الأعلى من الوادي"، أما "وزير الدفاع" الأبخازي مراب كشماريا فقد أعلن أن "العملية تهدف إلى طرد القوات الجورجية، ونحن نقاتل بكل أنواع الأسلحة, الجوية منها والبرية". إلى ذلك، تستعد القوات الجورجية في العراق التي تضم نحو ألفي جندي لمغادرة البلاد خلال ثلاثة أيام، للمشاركة في القتال ضد مسلحي أوسيتيا الجنوبية الانفصاليين، الذين تدعمهم القوات الروسية, وفقا لقائد قواتها. وتزامنا مع هذه التطورات علق مجلس الأمن الدولي المناقشات حول التصعيد والمواجهات العسكرية في أوسيتيا الجنوبية بين جورجيا وقوات الانفصاليين في هذه المنطقة المدعومة من روسيا إلى جلسة ثالثة عقدت أمس، وقال المندوب البلجيكي جان غرولز رئيس المجلس لهذا الشهر إن المجلس علق الجمعة اجتماعه حول تصعيد النزاع في جمهورية أوسيتيا الجنوبية الانفصالية دون التوصل إلى أي اتفاق. وأشار إلى أن بعض الأعضاء يحتاجون إلى مزيد من الوقت لدراسة الأزمة. وعقد مجلس الأمن اجتماعين يومي الخمس والجمعة أحدهما بناء على دعوة جورجية، ولكنه فشل في الاجتماعين في الوصول إلى مشروع لحل الأزمة.