دخلت جورجيا في ما أسماه رئيسها ميخائيل ساكاشفيلي "حالة حرب" مع روسيا على خلفية النزاع الجاري في إقليم اوسيتيا الجنوبية المنشق عن جورجيا والمدعوم من روسيا. وصوت البرلمان الجورجي بالإجماع على إعلان "حالة الحرب" لمدة 15 يوما في البلاد. * وتؤكد موسكو التي أرسلت قواتها وذباباتها إلى المنطقة أنها لا تريد الحرب مع جارتها المنسلخة عن الشيوعية، ولكنها تسعى فقط لاعادة الوضع في اوسيتيا الجنوبية إلى ما كان عليه قبل اندلاع النزاع هذا الأسبوع. ويأتي ذلك فيما امتدت المعارك إلى إقليم أبخازيا المنفصل عن جورجيا منذ مطلع التسعينيات، حيث أطلق الانفصاليون الابخاز عملية عسكرية لطرد القوات الجورجية من منطقة "كودوري". وعلى صعيد الموقف الدولي، دعا الرئيس الأمريكي جورج بوش روسيا إلى وقف عملياتها العسكرية في اوسيتيا الجنوبية واحترام سيادة جورجيا على أراضيها. * وأكد "وزير" الدفاع الابخازي مراب كشماريا لوكالة ريا نوفوستي الروسية أن "العملية التي تهدف إلى طرد القوات الجورجية قد بدأت، نحن نقاتل بكل أنواع الأسلحة، الجوية منها والبرية". * * وتقع "كودوري" داخل حدود أبخازيا، وهي المنطقة التي سيطرت عليها جورجيا عام 2006 انتهاكا لاتفاق وقف إطلاق النار لعام 1994 * * وأعلن الرئيس الروسي ديميتري مدفيديف أمس حسب ما أوردت "وكالة إنترفاكس" إن قوات بلاده تشن عملية عسكرية في أوسيتيا الجنوبية من أجل "إرغام الطرف الجورجي على السلام"، والتراجع عن السيطرة على الإقليم، مشيرا الى أن "الأعمال الهمجية" الجورجية التي أوقعت "آلاف الضحايا". وأعلنت روسيا أنها تمكنت من طرد القوات الجورجية من تسخينفالي عاصمة إقليم أوسيتيا الجنوبية، وهو الخبر الذي نفته جورجيا. * * واتهمت السلطات الجورجية القوات الروسية بقتل عديد من المدنيين وتدمير مبان سكنية صباح السبت في القصف الجوي على مدينة غوري شمال جورجيا. * * وأكدت نفس السلطات في بيان أن القصف الروسي "دمر كليا" مرفأ بوتي الجورجي الذي يعتبر "أساسيا" لنقل المحروقات من بحر قزوين، كما استهدف القصف السكك الحديدية، ومطار سيناكي الجورجي، غير أن الجيش الروسي نفى أن تكون طائراته قصفت سكانا مدنيين، وأكد ممثل وزارة الدفاع الروسية في تصريح نقلته وكالة ريا-نوفوستي أن بلاده تشن حربا على مدن مسالمة ولا تخوض معارك ضد السكان المدنيين في جورجيا.من جهة أخرى اعترف الجيش الروسي بسقوط طائرتين مقاتلتين من طراز سو-25 وقاذفة من طراز تو-22 على يد القوات الجيش الجورجي، علما أن هذا الأخير أعلن أنه أسقط عشر طائرات حربية روسية ودمر ثلاثين دبابة.. وتأتي هذه المواجهات الدامية بين تبليسي وموسكو بعدما تعهد رئيس جورجيا ميخائيل ساكاشفيلي بإعادة السيطرة على أوسيتيا الجنوبية وإقليم أبخازيا الانفصاليين، وهو التعهد الذي رفضته روسيا. ورغم معارضة روسيا، تطمح جورجيا إلى الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" بدعم من أوروبا والولاياتالمتحدة، ولكنها تحتاج قبل ذلك إلى تسوية النزاع بشأن اوسيتيا الجنوبية لأن تنظيمات الحلف تنص على وجوب أن تكون الدول الأعضاء تمارس سيادتها على كامل أراضيها.. * ويرى مراقبون أن جورجيا تراهن على دعم حلفائها الغربيين عندما قامت بالهجوم على اوسيتيا الجنوبية يوم الجمعة، ولكن مراقبين آخرين يستبعدون أن تكون هناك استجابة لأن الغرب لن يدخل في مواجهة مع الروس.وكانت جورجيا قد وجهت نداء إلى الأسرة الدولية طالبة منها وقف "العدوان العسكري المباشر" الروسي على أراضيها، بينما دعت الولاياتالمتحدةروسيا إلى سحب قواتها القتالية من جورجيا، ووقف الغارات الجوية و"احترام وحدة وسلامة أراضي جورجيا"، كما ذكر بيان نشرته وزارة الخارجية الأمريكية. وفشل مجلس الأمن مرتين في الاتفاق على صيغة بيان كان مقررا أن يصدره ويدعو فيه إلى وقف إطلاق النار. وبرأي بعض الخبراء، فإن الرد الروسي العنيف على الهجوم الجورجي على اوسيتيا الجنوبية يؤكد أن موسكو تريد تثبيت موقعها في مواجهة الغربيين الذين تتعارض معهم حول جملة مواضيع منها مشروع الدرع الصاروخية الأمريكية والتقارب بين الحلف الأطلسي وكل من أوكرانيا وجورجيا ومشاريع مد خطوط لأنابيب النفط بين اذربيجان وتركيا لتجنب عبور صادرات النفط في الأراضي الروسية.يذكر أن جورجيا كانت ثاني جمهورية، بعد لاتفيا، تُعلن رسميا في 9 أفريل 1991 عن استقلالها التام عن الاتحاد السوفيتي السابق.. وتحتل جورجيا موقعا فريدا بين البحر الأسود وبحر قزوين في إقليم القوقاز، وهو من أكثر الأقاليم أهمية - على المستوى السياسي والاقتصادي.