يبدو أن المساعي الدبلوماسية الدولية قد نجحت في احتواء الوضع المتوتر بين روسيا وجورجيا من أجل إنهاء المواجهات العسكرية بينهما والتي اندلعت منذ قرابة الأسبوع وذلك بعد أن بدأت قوات الجانبين في الانسحاب. وأجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس اتصالا مع نظيرته الجورجية إيكا تشلشفيلي تناولا سبل تطبيق بنود خطة السلام التي قدمها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وقال بيان وزارة الخارجية الروسية أن الاتصال تركز حول تطبيق بنود هذه الخطة وفقا لمبادئ تسوية النزاع المتوصل إليها بين الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف ونظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي. ويأتي هذا التطور في وقت تبادلت فيه العاصمتان موسكو وتبيليسي الاتهامات بشأن خرق اتفاق وقف إطلاق النار المتوصل إليه مساء اول امس بوساطة أوروبية. ففي الوقت الذي أكد فيه الرئيس الجورجي ميخائيل ساكشفيلي أن القوات الروسية تتجه نحو العاصمة تبيليسي نفى رئيس أركان الجيش الروسي هذه المعلومات وقال أن قواته ليس لديها مهمة بالتوجه نحو العاصمة الجورجية. غير أن القوات الروسية أقرت من جهة أخرى سيطرتها على مدينة غوري الواقعة غرب العاصمة تبيليسي وقالت أنها في مهمة لإفراغ مستودع عسكري جورجي من عتاده العسكري. وتأتي هذه التطورات بعد يوم واحد فقط من توصل جورجيا وروسيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وفق المبادرة الأوروبية التي قدمها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي تضمن بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي. وتنص خطة السلام التي طرحها الرئيس الفرنسي ووافقت عليها تبيلسي وموسكو على عودة القوات العسكرية الجورجية إلى مواقعها المعتادة وانسحاب القوات الروسية إلى خطوط ما قبل بدء الأعمال الحربية. وكانت روسيا أعلنت أول أمس وقف عملياتها العسكرية ضد القوات الجورجية بعدما بسطت سيطرتها على كامل الأراضي الاوسيتية الجنوبية ووصلت إلى مشارف الحدود الدولية مع جورجيا بهدف إرغام قوات هذه الأخيرة على قبول السلام. ولكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن أمس أن التعزيزات العسكرية الروسية في جورجيا لن تسحب إلا بعد عودة القوات الجورجية إلى مواقعها المعتادة وهو ما يهدد اتفاق وقف إطلاق النار الموقع الجانين المتنازعين. وقال لافروف في تصريح صحفي أنه "بعد انسحاب القوات الجورجية إلى ثكناتها تعود القوات الروسية إلى أراضي الاتحاد الروسي وستبقى قواتنا لحفظ السلام في اوسيتيا الجنوبية". وليس ذلك فقط فقد ذهب رئيس الدبلوماسية الروسي إلى التأكيد على أن "وضع المنطقتين الانفصاليتين غير مذكور صراحة في النسخة النهائية من النص الذي اقترحته فرنسا ووافقت عليه موسكو وتبيليسي لكن "من غير الممكن حل هذه القضايا خارج إطار وضعهما". واعتبر انه من الضروري تعزيز دور المراقبين الدوليين في اوسيتيا الجنوبية وابخازيا وطالب بالتركيز أكثر على مراقبة أي استفزازات محتملة من جانب جورجيا". للإشارة فإن قادة ابخازيا واوسيتيا الجنوبية كانوا قد رفضوا فكرة التفاوض مع تبيليسي التي اتهموها بالإبادة وقال ادوارد كوكويتي رئيس اوسيتيا الجنوبية "لا نتفاوض مع من ينفذ إبادة ووحدهم قضاة محكمة دولية يمكنهم التكلم معهم" في حين أكد الرئيس الابخازي سيرغي باغابش انه "لن يكون هناك بعد الآن أي مفاوضات مع جورجيا لا نتفاوض مع مجرمي دولة بل نحاكمهم". يأتي هذا في الوقت الذي تتواصل فيه المجهودات الدولية لاحتواء الوضع المنفجر بين روسيا وجورجيا بالطرق السلمية. وفي هذا السياق طالب الاتحاد الأوروبي الذي درس احتمال ارسال قوة حفظ سلام الى المنطقة بوقف إطلاق نار فعلي. من جهة أخرى دعت الولاياتالمتحدةالأمريكية وزراء خارجية حلف الناتو إلى عقد اجتماع طارئ لمناقشة تطورات الوضع في جورجيا. وقال كارمن ريمورو متحدث باسم الحلف أن واشنطن طالبت بعقد اجتماع على مستوى وزراء خارجية البلدان الأعضاء في المنظمة والمشاورات جارية من أجل عقد هذا الاجتماع الأسبوع المقبل بالعاصمة الأوروبية بروكسل. من جهة أخرى أعلنت هيئة أركان الجيوش الروسية أمس سقوط 74 قتيلا و171 جريحا و19 مفقودا في صفوف القوات الروسية منذ بدء النزاع بين روسيا وجورجيا نهاية الأسبوع الماضي. كما أعلن مساعد قائد هيئة الأركان اناتولي نوغوفيتسين أن القوات الجورجية باشرت الانسحاب من اوسيتيا الجنوبية إنما ليس بشكل كثيف. وقال أن الجنود الجورجيين "باشروا انسحابهم إلى تبيليسي لكننا لم نسجل انسحابا فعليا" مبديا مخاوف بشأن حشد القوات الجورجية قرب المنطقة الأمنية الفاصلة بين اوسيتيا الجنوبية وباقي الأراضي الجورجية. وتنشر روسيا منذ مطلع التسعينات قوات حفظ سلام في اوسيتيا الجنوبية المنطقة الانفصالية الجورجية الموالية لروسيا والتي تقع في صلب النزاع الحالي بين موسكو وتبيليسي. وتطالب موسكو برحيل القوات الجورجية عن هذه المنطقة وعن ابخازيا المنطقة الانفصالية الجورجية الثانية الموالية لروسيا.