تراهن طهران حسب المحللين السياسيين على زيارة الدولة التي يشرع فيها اليوم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى إيران بدعوة من نظيره أحمدي نجاد من أجل الحصول على دعم جزائري لملفها النووي في ظل التطورات الأخيرة للعلاقات الإيرانيةالغربية لا تخلو من التعقيد، كما تسعى إلى وساطة جزائرية لإذابة الجليد في علاقاتها مع الغرب، ومن المنتظر حسب مصادر دبلوماسية أن تحظى ملفات الصحة والسكن والطاقة وكذا إنشاء كارتل للدول المصدرة للغاز على غرار منظمة الأوبيب باهتمام خاص من الرئيسين. وصل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقه بعد ظهر أمس إلى طهران قادما من العاصمة الصينية بكين على رأس وفد سياسي واقتصادي رفيع المستوي يتقدمه وزير الخارجية مراد مدلسي ووزير الطاقة والمناجم شكيب خليل ووزير السكن نور الدين موسى ووزير التعليم العالي والبحث العلمي رشيد حراوبية ووزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات السعيد بركات، وكان في استقبال الرئيس بوتفليقه في مطار مهراباد، بطهران المتحدث باسم الحكومة غلام حسين الهام ووزير الخارجية منوجهر متكي ووزير السكن وبناء المدن محمد سعيدي كيا ووزير الصحة كامران باقري لنكراني ووزير العلوم محمد مهدي زاهدي ووزير الصناعة والمناجم علي أكبر محرابيان وعدد آخر من المسؤولين. وتأتي زيارة الدولة التي يشرع فيها رسميا اليوم الرئيس بوتفليقة إلى طهران وتستمر يومين بدعوة من نظيره الإيراني أحمدي نجاد لبحث العديد من القضايا بما فيها العلاقات الثنائية والقضايا الاقتصادية والسياسية والدولية، كما تعد الزيارة الثانية للرئيس بوتفليقة إلى إيران بعد تلك التي قام بها سنة 2003، في مقابل زيارة واحدة لنجاد كانت مسبوقة بزيارة وزير الخارجية الإيراني والتي أدرجتها عديد من المصادر الإعلامية في سياق محاولات الحصول على الدعم الجزائري في غمرة أزمة الملف النووي الإيراني، ومعلوم أن الملف النووى الإيراني، كان محل زيارات عديدة قام بها مسؤولون كبار في طهران للجزائر رغبة في لعب دور وساطة لدى الإدارة الأمريكية بهدف تخفيف الضغط عليها. وبخصوص الملف النووي الإيراني فإن طهران من وجهة نظر المتتبعين للعلاقات الثنائية ما تزال تنتظر الرد الرسمي بخصوص العرض الذي قدمته لوزير الطاقة والمناجم شكيب خليل، بخصوص استعدادها تصدير تجربتها في الاستعمالات السلمية للطاقة النووية للجزائر، كما يستبعدون في المقابل طرح الملف النووي الإيراني على طاولة مباحثات الجانبين بالنظر إلى التعقيدات التي يعرفها خاصة بالنسبة للعلاقات مع الغرب والولايات المتحدةالأمريكية. وحسب مصادر دبلوماسية إيرانية فإن التعاون في مجال الطاقة والبناء والصحة سيكون محور المحادثات التي ستجمع الوفدين الإيرانيوالجزائري خلال هذه الزيارة، ومن المتوقع ان يتم تعميق التشاور بين وزيري طاقه البلدين بشأن فكره إنشاء كارتل للدول المصدرة للغاز علي غرار أوبك للنفط. وستكون مسألة التعاون الطاقوي وتبادل المحروقات، خاصة في مجال البيتروكيمياويات حيث يعتبر البلدان رائدان في ذلك، من أهم النقاط التي سيتم التطرق لها، كما ينتظر أن يتم التطرق إلى سبل التعاون بين البلدين في قطاع السكن والعمران علي ضوء المباحثات التي تمت بين وزير السكن الإيراني سعيدي كيا خلال زيارته الأخيرة إلى الجزائر مع وزير السكن الجزائري نور الدين موسي. في نفس الإطار سيتم الحديث عن تبادل الخبرات بين البلدين في مجال البناء المضاد للزلازل، بالنظر إلى الطبيعة الجيولوجية المتشابهة للبلدين كونهما منطقتين تشهدان نشاطا زلزاليا. وفي مجال الصحة يشكل الاهتمام الجزائري بتقليص فاتورة استيراد الدواء احد أهم التحديات التي تبحث الجزائر لتحقيقه عن شركاء في مجال صناعه الأدوية، خاصة لبعض الأمراض الخاصة، ويذكر أن اللجنة المشتركة الإيرانيةالجزائرية كانت قد عقدت دورتها الثالثة بالجزائر في ? جويلية الفارط، ويرتقب خلال هذه الزيارة التوقيع علي عدد من الاتفاقيات التي تم التباحث بشأنها. العلاقات الجزائريةالإيرانية: من التطبيع إلى التفاهم المشترك التقارب الجزائري- الايرانى انتقل من مرحلة التطبيع إلى التفاهم المشترك، انطلاقا من مسار تطبيع بادر ببعثه رئيسا البلدين عام 2000 بنيويورك" على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأن هذا التطور "قد ميزته" زيارة الدولة التي قام بها الرئيس بوتفليقة إلى طهران في شهر أكتوبر 2003 و تلك التي قام بها سنة بعد ذلك الرئيس السابق محمد خاتمي إلى الجزائر. كما أن تولي رئيسا البلدين رئاسة الندوة الدولية حول ترقية الحوار بين الحضارات المنظمة بباريس في 5 أفريل 2005 برعاية منظمة الاممالمتحدة للتربية و العلوم و الثقافة "يونيسكو" "قد ساهم في توطيد هذا التقارب"، كما أن التوقيع في 5 جانفي 2003 بطهران على مذكرة تفاهم بين وزارتي خارجية البلدين وتكثيف الاتصالات على أعلى مستوى في إطار لقاءات ثنائية أو أحداث دولية "شجع على بعث حوار و تشاور سياسي حول قضايا الساعة الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك مثل الشرق الأوسط والوضع في العراق أو نزاع الصحراء الغربية". و كان الرئيسان بوتفليقة واحمدي نجاد قد التقيا مرة أولى على هامش أشغال الاجتماع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقد بنيويورك في سبتمبر 2005 واجتمعا مجددا خلال قمة الاتحاد الأفريقي المنعقدة ببانجول (غامبيا) في جويلية 2006 وبمناسبة انعقاد القمة 14 لدول حركة عدم الانحياز بهافانا في شهر سبتمبر لذات السنة. ومعلوم أن"مسار المشاورات السياسية بين الجزائروإيران منتظم منذ أكثر من سنة من خلال الزيارات التي قام بها ستة مبعوثين خاصين في سنة 2006 من بينهم علي لاريجاني الذي كان يشغل حينئذ منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني منوشهر متقي وزير الشؤون الخارجية الذي قام في شهر جوان 2007 بزيارة ثانية إلى الجزائر" بهدف إطلاع الجزائر على مختلف مراحل أزمة الملف النووي الإيراني و التأكد من دعم و تضامن الجزائر مع إيران.