تعرف العلاقات الجزائريةالإيرانية ازدهارا متزايدا، في مختلف المجالات، لتتوحد رؤى البلدين في العديد من القضايا الإقليمية والدولية، خاصة بعد وضع الجزائروإيران من طرف الولاياتالمتحدةالأمريكية وبمباركة فرنسية في لائحة الدول الأربع عشرة، وتأتي دعوة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لنظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لحضور مجموعة ال 15 في ماي القادم، محاولة من طهران لأجل تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين حيال الكثير من القضايا المطروحة التي تهم الدولتين، وكذا مجموعة الدول المنضوية تحت المجموعة ومنها دول من أمريكا اللاتينية وأخرى آسيوية وإفريقية . بعد تطابق وجهات النظر في القضايا الدولية الأخرى إيران تطالب بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره يصف المراقبون العلاقات الجزائريةالإيرانية بالقوية والمتينة، ومؤهلة لأن تصير علاقات استراتيجية في المستقبل المنظور، خاصة وأن البلدين لهما وجهات تنظر متطابقة في الكثير من الشؤون، فإيران وحسب وزير خارجيتها ابو شهر متكي الذي زار الجزائر مؤخرا وسلم رسالة من أحمدي نجاد إلى بوتفليقة تدعم دور الجزائر الإقليمي لإحلال السلام في المغرب العربي والشرق الأوسط، ويجد الشعب الصحراوي مساندة قوية من طهران التي قطعت الرباط علاقتها الدبلوماسية بها العام الماضي، معتبرة إن النظام الإيراني يتدخل في شؤونها الداخلية على خلفية مساندته للقضية الصحراوية، على غرار الكثير من الدول، ويرى النظام في المغرب أن إيران بدعمها للبوليزاريو إنما تدعم وجهة النظر الجزائر، رغم أن طهران مثلها مثل المجتمع الدولي تطالب بحل أممي للقضية دون تدخل في شؤون المغرب، وربما العلاقات المتينة بين طهرانوالجزائر تسببت في صداع لنظام المخزن وهذا ما جعل الرباط تقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران . رغم اهتزاز العلاقات بين البلدين في بداية التسعينات علاقات تاريخية وتعاون طويل في مختلف المجالات العلاقات الجزائريةالإيرانية ليست وليدة السنوات الأخيرة، ولكنها تعود إلى أواخر السبعينات في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين، . فقد رعت الجزائر توقيع الشاه رضا بهلوي ونائب الرئيس العراقي صدام حسين على الاتفاق الشهير بين إيران والعراق سنة 1975 والذي عرف باتفاقية الجزائر الذي وضع حدا للخلاف الحدودي بين البلدين. وقد لاقت الثورة الإيرانية ترحيبا من طرف الجزائر، وعرف التعاون الإيراني أشده حين قامت الولاياتالمتحدة بقطع علاقتها بإيران سنة 1980 حينها كان الجزائر راعية مصالح طهرانبواشنطن فضلا عن هذا قام الرئيس الجزائري الأسبق الشاذلي بن جديد بزيارة إلى إيران سنة 1982 أسفرت على الكثير من الاتفاقات الثنائية، ودوما حين الحديث عن العلاقات الإيرانيةالجزائرية يتبادر إلى الأذهان تمكن الدبلوماسية الجزائرية العريقة وبفضل العلاقات المميزة بين طهرانوالجزائر من حل أزمة الرهائن الأمريكيين في السفارة الأمريكيةبطهران وذلك في 20 جانفي 1981 بعد التوصل إلى اتفاق بين واشنطنوطهران برعاية جزائرية، ورغم العلاقات المتينة بين البلدين طيلة هذه السنوات إلا أن العلاقات عرفت توترا في بداية التسعينات خلال اندلاع الأزمة الأمنية في الجزائر، حين اتهام رئيس الحكومة الأسبق إيران بتوفير الغطاء الإعلامي والسياسي للحزب المحضور، إلا أنه سرعان ما انقشع ضباب الخلاف بين البلدين لتعود العلاقات إلى سابق عهدها، خلال حكم الرئيس السابق ليامين زروال لتتعزز أكثر بعد وصول الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى السلطة سنة 1999 . أين وصلت الزيارات المتبادلة بين البلدين إلى أوجها وعلى أعلى مستوى، حيث اجتمع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في أكتوبر 2000، مع نظيره الإيراني آنذاك محمد خاتمي في نيويورك على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وأعلنا تطبيع العلاقات وتبادل السفراء اعتباراً جانفي 2001. وتطورت العلاقات خلال السنوات الماضية، خصوصاً على الصعيد السياسي، لتنتقل العلاقات بين البلدين من التطبيع إلى التفاهم المتبادل لتتعزز العلاقات أكثر بعد هذا التاريخ حيث زار بوتفليقة إيران 2003 ليرد له خاتمي الزيارة في 2004 ، وتكثفت بعدها الزيارات بين مختلف المسؤولين حيث اتسع التعاون بين البلدين منذ تبادل الزيارات بين الرئيسين بوتفليقة وخاتمي. اين زار وزير الشؤون الخارجية منوشهر متكى الجزائر في اوت 2006. كما زارها مسؤول الملف النووي الإيراني علي لارجاني في جوان 2006. إضافة الى تبادلات بين الوفود وتعاون في مختلف المجالات الثقافية والاقتصادية والسياسية. رغم متانة العلاقة السياسية العلاقات الاقتصادية بين البلدين لم ترق إلى ما وصلت إليه العلاقات السياسية أنشأت الجزائروإيران لجنة اقتصادية مشتركة عقدت أول اجتماع لها في جانفي 2003 بالعاصمة الجزائرية . وقد اسفرت هذه اللجنة التي يغطي اهتمامها الكثير من المجالات عن توقيع عشرين مذكرة تفاهم بين البلدين. تشمل العديد من المجالات لعل أبرزها التعاون في مجال الصحة الحيوانية والمالية والتعليم العالي والصناعات الصغيرة والتعاون القضائي وتطوير النشاط الاقتصادى بالمناطق الصناعية والاستثمار المشترك فى قطاع البتروكيمياويات. كما تم في 2006 إقامة معرض اقتصادي إيراني في الجزائر من أجل الترعيف بالمنوتجات الإيرانية في الجزائر ومحاولة تبادل وجهات النظر في مجال الاستثمار المشترك، إضافة الى هذا اتفقت إيران مع الجزائر على تكوين كرتيل للغاز المميع بعد فشل مفاوضاتها مع روسيا، والذي قد يفك عزلة إيران في تسويق منتوجاتها الطاقوية ورغم هذا تظل العلاقات الإقتصادية بين البلدين اقل ما هي عليه مقارنة بالعلاقات السياسية المتينة بين الجزائروإيران . بعد تضييق الغرب على إيران طهران تبحث عن وساطة جزائرية لحل ملفها النوي مع الغرب لعل من أبرز القضايا الشائكة التي تعاني منها إيران حاليا هو مشكلة ملفها النووي وتداعيته مع الغرب وعلى رأسه الولاياتالمتحدة الإمريكية وتراهن طهران على الجزائر لحل خلافها مع الدول الغربية خاصة وأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة معروف بدلوماسيته وحله الزاعات المختلفة فضلا عن علاقاته المتميزة مع زعماء العالم، وكل المحادثات بين المسؤولين الجزائريينوالإيرانيين يكون الملف النوي حاضرا على جدول المحادثات الثنائية خاصة وأن موقف الجزائر واضح من هذه القضية وهي المساندة لمشروعية امتلاك إيران للطاقة النووية لاستعمالها في الأغراض السلمية، ولعل تمسك إيران بعلاقاتها مع الجزائر يظهر مدى قدرة الجزائر على تقديم المساعدة الدبلوماسية في حل المشكل النوي الإيراني وتخفيف الضغط الذي تعاني منه طهران بسبب العقوبات المفروضة عليها من طرف الغرب، وكذا التهديد بعقوبات أخرى، خاصة وأن إيران ابحث عن منفذ لها في أفريقيا والباب سيكون واسعا أمامها بفضل التعاون الجزائري لولوج افريقيا ومحاولة الإتثمار الاقتصادي و والسياسي أيضا نظرا لما للجزائر من ثقل أقليمي في القارة السمراء. وتأتي قمة دول 15 المزمع عقدها في الشهر المقبل كفرصة أخرى لتعزيز التعاون بين البلدين والأكيد أن هذه العلاقات مؤهلة لأن تعرف المزيد من التنسيق والتقارب خصوصا أن بوتفليقة أكد أكثر من مرة على حق حكومات الجنوب في امتلاك التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية، وهذا ما يعتبر اعترافا ضمنيا من الجزائر بأحقية إيران في امتلاكها للتكنولجيا النووية .