أجمع عديد من المتتبعين على الحضور القوي للدبلوماسية الجزائرية على الساحة الدولية خلال الأسبوع المنقضي والممثلة في الزيارة التي قادت الرئيس بوتفليقة إلى إيران في ظل الحديث عن دور ووساطة جزائرية بين طهران والغرب لحل معضلة الملف النووي، إلى جانب الموقف الجزائري الصارم من الانقلابيين في موريتانيا والذي كان محل اهتمام دولي كبير. سميرة.ب تميز الأسبوع المنقضي بحراك سياسي على الصعيدين الوطني والدولي ولعل أبرز ما يعكس هذا الحراك هو الزيارة التي قادت رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة إلى طهران والتي تمثل حلقة جديدة في مسار تطبيع وتعزيز العلاقات بين البلدين، وفضلا عن الأهمية التي تكتسيها الزيارة من حيث اتفاقيات التعاون المبرمة بين الطرفين في مجالات حساسة على غرار الطاقة والصحة والتعليم العالي والبحث العلمي فإنها من المنظور الإيراني لا تخلو من البعد الاستراتيجي لما يمكن أن تحمله هذه الزيارة من إضافة للملف النووي الإيراني والخلاف الدائر بين طهران والغرب، فالبحث عن الدعم الجزائري هو أحد الأهداف التي عبرت عنها طهران صراحة على لسان عدد من كبار مسؤوليها الذين توافدوا على الجزائر في السنتين الأخيرتين لإطلاع الرئيس بوتفليقة على مستجدات الملف النووي في إطار حشد التأييد الدولي للموقف الإيراني، كما تداولت بعض المنابر الإعلامية أنباء عن وساطة قد تقودها الجزائر بين الطرفين بطلب من قادة بعض الدول الغربية وفي مقدمتهم فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية، تقديرا منها للدور الذي يمكن أن تلعبه الجزائر في هذا الخلاف الشائك والملف المعقد بالنظر للعلاقات المميزة التي تجمعها بطهران من جهة وبالدول الغربية في الجهة المقابلة. وغير بعيد عن الحديث الدائر حول أهمية الدور الجزائري على الصعيدين الإقليمي والدولي وما أصبحت تمثله الجزائر من ثقل دبلوماسي جاءت تحركات قادة الانقلاب العسكري في موريتانيا في اتجاه الجزائر بحثا عن شرعية إقليمية لحركة ال6 أوت الجاري والتي أطاحت بالرئيس الموريتاني المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله، وقد كان موقف الجزائر منسجما مع مبادئها الرافضة للتغيير باستعمال القوة، كما كانت رسالتها واضحة ومباشرة لقادة الانقلاب عندما رفض الرئيس الجزائري استقبال موفد محمد ولد عبد العزيز الذي قاد الانقلاب على السلطة الشرعية في موريتانيا، ولم تكتف الجزائر بعدم الاعتراف بالانقلابيين وإنما دعت إلى ضرورة التعجيل بالعودة إلى النظام الدستوري ومؤسسات الدولة المنتخبة إيمانا منها بضرورة أن تتجاوز إفريقيا مرحلة الانقلابات العسكرية إلى البناء الديمقراطي، مثلما ينص عليه ميثاق الاتحاد الإفريقي، وكان لرفض الجزائر الاعتراف بالانقلابيين في موريتانيا صدى واسعا على الصعيد الدولي بالنظر إلى موقع ومكانة الجزائر في اتحاد المغرب العربي والاتحاد الإفريقي خاصة وأنه جاء منسجما مع موقفي طرابلس وتونس باستثناء الرباط التي لم تتوان عن التعبير عن تأييدها للسلطة الحالية القائمة بإيفاد كبير مسؤوليها في جهاز المخابرات في زيارة إلى نواقشط، ولم تستبعد قراءات بعض المحللين والمتتبعين للشأن المغاربي أن يحمل الموقف الجزائري جنرالات الانقلاب في موريتانيا على إعادة حساباتهم والتعامل بجدية مع الموقف الدولي والإقليمي الرافض للاعتراف بهم كسلطة شرعية في موريتانيا. أما على الساحة الوطنية فتصدر الملف الأمني واجهة الأحداث بعد العمليات الأخيرة التي نفذتها بقايا الجماعات المسلحة في مناطق متفرقة، الأمر الذي استدعى تعزيز الطوق الأمني على معاقل هذه الجماعات التي تكون قد دخلت مرحلة الضرب العشوائي دون اهتمام بتحديد دقيق للأهداف بقدر التركيز على الانتقام للضربات الموجعة التي تلقتها وتتلقاها من قبل قوات الجيش الوطني الشعبي خاصة وأن هذه الأخيرة نجحت في القضاء على عديد من قياداتها، ولعل عملية بني دوالة بتيزي وزو التي نفذتها قوات الأمن وأنهت من خلالها المشوار الدموي ل12 إرهابيا من الرؤوس المدبرة للعمليات الانتحارية التي تستهدف الأبرياء أثبتت بوضوح عجز هذه الجماعات التي فقدت المصداقية حتى في صفوف أتباعها. وردا على هذه الضربات الموجعة وفي خطوة لا تخلو من العبثية والعشوائية قامت جماعة درودكال بتدبير وتنفيذ اعتداء إرهابي وحشي بسيارة مفخخة يقودها انتحاري عند مدخل مقر نقطة مراقبة تابعة للدرك الوطني على شاطئ بزموري بولاية بومرداس، ومثلما جرت عليه العادة في عمليات الجماعات المسلحة فإن الاعتداء نال من المدنيين وزرع الرعب في أوساط المصطافين الذين لجئوا إلى هذا الشاطئ بحثا عن لحظات للراحة والاستجمام بعد عناء أشهر من الكد والعمل، أكثر من نيله من قوات الأمن التي تواصل محاصرتها وتشديد الخناق على بقايا الجماعات الإرهابية لمنعها من اقتراف المزيد من الحماقات. وكما كان الحضور الجزائري قويا على الصعيد الدبلوماسي الأسبوع المنقضي واحتلت مستجدات الوضع الأمني صدارة الأحداث الدولية فإن الرياضة الجزائرية بدورها كانت حاضرة بقوة في عاصمة الأولمبياد "بكين" حيث نجح المصارع بن يخلف مهدي في أن يصنع أفراح الجزائر بتتويج تاريخي وفضية ثمينة هي الثانية للجزائر بعد البرونزية التي حققتها المصارعة صورية حداد في انتظار أن يدوي النشيد الوطني في عاصمة الصين.