الدكتور محمد العربي ولد خليفة ضيفا على منتدى الشروق/تصوير: يونس.أ الجزائر لن تكون بيدقا في منظمة الفرانكفونية ولا مشكلة في حديث المسؤولين بالفرنسية استضاف منتدى "الشروق" مساء أول أمس الدكتور محمد العربي ولد خليفة رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، للحديث عن أهم الرهانات والتحديات التي تواجه لغة القرآن في الجزائر، بالإضافة إلى المكاسب التي حققتها منذ الاستقلال إلى اليوم، وهي التي تعرضت بسبب الاحتلال الفرنسي إلى عملية تدمير كبيرة انعكست على الهوية الوطنية، حيث تحول اللسان الجزائري إلى لسان هجين تمازجت فيه عديد اللغات واللهجات. من جهة أخرى تحدث ضيف الشروق عن منشورات المجلس ودوره الاستشاري، وكذا عن الأسباب الحقيقية التي وقفت حائلا أمام دخول العربية إلى الإدارات والمؤسسات العلمية والتقنية، وعن وضعها في المؤسسات التربوية. * اعترف الدكتور محمد العربي ولد خليفة لدى نزوله ضيفا على منتدى الشروق بأنّ مكانة اللغة الفرنسية في المجتمع الجزائري تستمدّها من جوانب نفسية وثقافية، ومن اعتقاد الجزائريين أنّ الفرنسية تفتح مجال الترقية والحظوة الاجتماعية، كما أنّ هناك من يعتبر تعلّم الفرنسية نوعا من "الموضة". ولاحظ أنّ هناك محاولات الآن للإفلات والتوجه إلى اللّغة الإنجليزية. ولم يخف ولد خليفة بأنّ العلاقة الموجودة بين الفرنسية ومستعمليها، والوضعية القانونية التي تحدّد هذه العلاقة غير مهدّدة للّغة العربية في الجزائر. ودليل الدكتور ولد خليفة في هذا المذهب، تعزّزه الأرقام والخريطة اللسانية، حيث كشف ولد خليفة بأنّ هناك أوضاعا قائمة، وبالأرقام يوجد 8 ملايين متمدرس باللّغة العربية، بعد أن كانت العربية قبل عشريات من الزمن تدرس كمادة فقط، على عكس ما يحدث اليوم، فكلّ المواد تدرّس بالعربية، وحتى المدارس الخاصة تدرّس بالعربية. * وحول سؤال متعلّق بالقصور الملاحظ في تسويق صورة الجزائر العربية، وعدم عمل المؤسسات الرسمية الجزائرية على ربط الجزائر بهويتها العربية، وإيصال هذه الصورة إلى المحيط الخارجي الدولي، بما في ذلك المحيط العربي، أجاب رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، بأنّ الصورة التي أخذها الأشقاء العرب عن الجزائر، هي صورة قديمة ارتبطت غالبا بالفترة التي كانت فيها الجزائر تحت نير الاستعمار الفرنسي، وفي أحسن الأحوال فإنّ الأشقاء العرب يعودون إلى سبعينيات وستينيات القرن الماضي في الحكم على الجزائر استنادا إلى اعتماد الجزائريين في مخاطبة بعضهم على اللغة الفرنسية. * وضرب ولد خليفة مثالا عن هؤلاء بالذي كان يحدث عندما زار بعض العرب الجزائر خلال أربعينيات القرن الماضي، وكانوا يعيبون على الجزائريين تحدّثهم بالفرنسية. وأبرز ولد خليفة الدور الذي لعبته الحركة الوطنية وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين وكذا النخب الجزائرية التي انتقلت إلى مصر والشام يومئذ، في إعطاء الوجه الحقيقي للجزائر العربية المسلمة. * هذا عن صورة الجزائر لدى العرب، ومحاولات بعضهم سلخها عن هويتها العربية. أمّا عن علاقة الجزائر بالمنظومة الفرانكفونية، فاعترف الدكتور محمد العربي ولد خليفة بأنّ الجزائر لم تقدم على خطوة الانضمام إلى المنظمة الفرانكفونية بحكم أنّ الدستور الجزائري، وإنجازها الثوري لا يجيز لها الدخول في تكتلات، ولا أن تكون بيدقا في يد سياسات أخرى كبيرة تريد تسخير بلدان أخرى لتحقيق مصالحها. والجزائر باعتبارها بلدا له علاقة بالفرانكفونية، يقول ولد خليفة، بحكم عدد الناطقين بالفرنسية الموجودين بها، لا تغامر في الالتحاق بالتنظيمات الإقليمية والجهوية، إلاّ بعد فهم أهدافها أولاّ، وما ينطبق على المنظمة الفرانكفونية، ينطبق أيضا على تنظيم الاتحاد من أجل المتوسط، ومعروف عن الجزائر، بحسب الدكتور ولد خليفة، أنّها لا تؤمن بسياسة الكرسي الشاغر. وخلص رئيس المجلس الأعلى للّغة العربية إلى أنّ الدولة الاستعمارية الفرنسية فرضت اللّغة الفرنسية فرضا، الأمر الذي ترك أثرا لدى بعض الجزائريين الذين تصوّروا أنّ العربية تحتلّ درجة أقلّ من نظيرتها الفرنسية، وبقيت هناك بعض الآثار السلبية والإيحاءات منعكسة في سلوكات الجزائريين إلى حد الآن. وشدّد الدكتور محمد العربي ولد خليفة على ضرورة أن نتنبّه إلى أنّ العربية هي ثقافة وحضارة، وليست عرقا أو سلالة، ومن ثمّ لا يجب التعصّب للّغة العربية على هذا الأساس، كما يجب ألاّ نعتمد على الأفكار التي تدين العربية وتجرّمها استنادا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها الجزائر ومن ورائها الشعوب العربية، فالعربية بحسب الدكتور محمد العربي ولد خليفة، في وضع وسط، فلا هي بالمتقدمة ولا هي متأخرة، ووضعها في قفص الاتّهام هو نوع من الهروب إلى الأمام، لأنّ اللغة تتطور بتطور محيطها وتتخلّف بتخلّفه. وذكر ولد خليفة، أنّ الحديث من قبل بعض الأطراف عن صراع مزعوم بين اللّغتين العربية والأمازيغية، هو في حقيقة الأمر محاولة لإعطاء الفرصة للغة ثالثة، وفي هذا الشأن أشار رئيس المجلس الأعلى للّغة العربية إلى فضل منطقة زواوة في تطوير العربية وذكر مثالا على ذلك الأجرومية ومدوّنة سيدي خليل، منتهيا إلى خلاصة مفادها أنّ العلاقة بين اللغتين العربية والأمازيغية، علاقة تكامل وامتداد تجسّد على مدى حقب طويلة من الزمن. * * أكد أن الدولة تبحث عن صيغة لتسويقها * مكتبتا الكونغرس ونيودلهي طلبتا الحصول على منشورات المجلس * * كشف الدكتور محمد العربي ولد خليفة، رئيس المجلس الأعلى للغة العربية في منتدى الشروق، أنّ المجلس ليس مؤسسة تجارية، ولذلك تجد منشوراته الكثيرة التي توزّع مجانا، نوعا من الصعوبة في وصولها إلى القارئ. ما دفع بالمجلس إلى التفكير في حلّ، بعد توجيهات قدّمها رئيس الجمهورية على هامش زيارته لجناح منشورات المجلس في إحدى طبعات معرض الجزائر الدولي للكتاب. وتمثّل الحل الذي توصّل إليه المجلس في إيجاد موزّع للمنشورات يتمّ التفاهم معه مقابل منحه نسبة معيّنة عن عملية التوزيع. وقدّم ولد خليفة حصيلة لمنشورات المجلس التي وصلت إلى 120 منشور خلال السنوات العشر التي تمثل عمر المجلس الأعلى للغة العربية. كاشفا في الوقت ذاته، بأنّ كلّ منشورات المجلس مطلوبة خارج الجزائر، حيث قدّمت مكتبة الكونغرس الأمريكية طلبا للحصول على اشتراك مفتوح، في حين طلبت مكتبة نيودلهي بالهند اشتراكا مقابل دفع حقوق ذلك. كما اعترف ولد خليفة بأن المجلس الأعلى للغة العربية يقوم بمجهودات، متلافيا الدخول في مبارزات دونكيشوتية لا طائل من ورائها. ونبّه رئيس المجلس الأعلى للغة العربية إلى ما تتميّز به منشورات المجلس من خصوصيات، حيث يعمل من خلال هذه الإصدارات على تغطية جوانب النقص في بعض المجالات، الأمر الذي حدث مع قطاع الطب بإصدار المجلس لدليل المحاثّة الطبية، كما وضع المجلس مؤخرا، ولأول مرة، دليلا يتضمن مقابلات الوسائل العامة، وهو الدليل الذي تلقّفته المؤسسات بكثير من الترحاب، لأنّه يسهّل أمامها العمل، خاصة وأنّ الاعتقاد السائد يذهب في اتّجاه أنّ اللغة العربية لا تتوفر على ألفاظ تقابل تلك الموجودة في لغات أخرى، وتعبّر عن مختلف الوسائل العامة. * * أكد أنّها تعيش فترة ذهبية * "الحديث عن أطراف تحارب العربية مجرد وهم" * * نفى الدكتور محمد العربي ولد خليفة أن تكون هناك أطراف تحارب العربية في الجزائر، معتبرا أنّ علاقة الجزائريين بالعربية ليست مستعارة، وألحّ ولد خليفة، على ضرورة تحاشي الانشطارات داخل النخبة الجزائرية. وقال الدكتور ولد خليفة بالحرف الواحد أنّه لا يرى وجود معسكرات في الجزائر، هناك بحسب رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، أوضاعا قائمة، فالذين يستعملون العربية يستمدّونها من التراث، أما الذين يستعملون اللغات الأجنبية، فيستمدّونها من الأجنبي المتطور، ومن ثمّ لا يجب الحكم على العربية بمقاييس التطور العلمي الحاصل اليوم. وأكّد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، أنّ المجلس باعتباره هيئة استشارية، وجد تجاوبا من قبل المسؤولين الجزائريين ضاربا مثالا على ذلك بما حدث عندما أصدر المجلس دليلا للمصطلحات المالية باللّغة العربية، وكان من بين الحضور مسؤولون أبدوا عدم معرفتهم بوجود مقابلات لتلك المصطلحات بالعربية. وكشف ولد خليفة، بأنّ المشكلة تكمن في كون الكثيرين يستعملون اللغة العربية باعتبارها لغة مساعدة، وليست لغة بديلة. وأضاف رئيس المجلس الأعلى للغة العربية أنّ ما تعيشه العربية في الجزائر اليوم أشبه بالفترة الذهبية، لأنها ولأول مرة منذ السبعينيات من القرن الماضي، استعادت مواقعها الطبيعية دون حروب، معتبرا العربية لغة علم أيضا، على عكس ما يحاول البعض أن يشيع عنها، من أنّها لغة شعر فقط في محاولات لضرب الحصار عليها لصالح إبراز دور لغات أخرى، والعربية بحسب الدكتور ولد خليفة، ليست أقلّ شأنا من اللغات الأخرى، لكنّ الذي حدث أنّها توقفت من حيث التطوّر بسبب تخلّف العرب عن مواكبة التطورات العلمية والاقتصادية الحاصلة في العالم، وأشار محمد العربي ولد خليفة إلى أنّ هناك أداتين يمكن استغلالهما لتطوير العربية في الجزائر وهما الأغاني والصحافة، لما لهما من تأثير على مختلف فئات المجتمع، وكذا لسهولة وصولهما إلى شرائح اجتماعية واسعة. * * حمل المسؤولية للذين أشعلوا نار الفتنة، ولد خليفة يؤكد: * "الأزمة الجزائرية المصرية سببها تدحرج العالم العربي إلى الأسفل" * * عرّج الدكتور محمد العربي ولد خليفة للحديث عن الأزمة التي كادت تعصف بالعلاقات بين الجزائر ومصر عقب الأحداث الكروية، رادّا إياها إلى كون العلاقات بين الشعوب العربية يشوبها نوع من التلقائية، وبعض الأحكام الانطباعية المسبقة والخاطئة، وأضاف رئيس المجلس الأعلى للغة العربية بأنّ العالم العربي منذ سنة 1967 وهو يتدحرج إلى الأسفل، وهو يعيش وضعية اختلال في موازين القوة، حيث صار يراهن على قضايا خاسرة بما أدّى إلى تحويل الفشل إلى جهة معيّنة. واعتبر ضيف منتدى الشروق أنّ التأهل والتفوّق ليس وراثيا. مؤكدا على أنّ هذه المعركة برز فيها الإعلام الجزائري بشكل لافت، وقفز من وضعية الدفاع إلى الهجوم، ومترفّعا بمستوى الخطاب عن أساليب "المنّ" التي اعتمدها الطرف الآخر، عندما راح يذكّر ببعض المساعدات التي قدّمها للجزائر في وقت من الأوقات. وذكر رئيس المجلس الأعلى للغة العربية بمثال طريف أكّد فيه أنّه حتى المتسوّل سيرفض الصدقات إذا كان من يقدّمها يتبعها بالمنّ والأذى. وأكّد ولد خليفة بأنّ المفروض أن يكون هناك تضامن طبيعي بين الشعوب العربية، وأنّ الخلافات على هذا المستوى هي ضعف للجميع، وأنّ الدولة الوطنية لا تتناقض مع التكاتف والتضامن الإقليمي. وفي هذا الإطار نبّه رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، إلى ضرورة أن نحاول التفوّق على الآخرين، ولكن مع احترام الجوانب الأخلاقية ومراعاتها، في إشارة إلى تلك التجاوزات التي حدثت خلال الأزمة الجزائرية المصرية، والتي غذّتها كما هو معروف وسائل إعلام مصرية. * * أثنى على دورها في تطوير اللغة العربية والدفاع عن الجزائر * "الشروق أدركت بذكاء احتياجات الشارع الجزائري" * * استهل الدكتور العربي ولد خليفة رئيس المجلس الأعلى للغة العربية حديثه في منتدى الشروق بتهنئته للجريدة نظير المكانة التي حققتها بعد تصنيفها من طرف معهد إيمار الفرنسي كأفضل صحيفة متغلغلة في أوساط المجتمع الجزائري، واعتبر المتحدث أن هذا يعود إلى ذكاء واحترافية هيئة التحرير، التي أدركت أن الوصول إلى عمق المجتمع يكون عن طريق الاهتمام بانشغالات وقضايا الشارع الجزائري، سواء في طريقة نقل الأخبار أو في تناول القضايا الكبرى للمجتمع، وأكد ولد خليفة أن مقروئية أي جريدة يرتبط بمصداقيتها في نقل نبض الشارع والمحيط الذي تشتغل فيه "الشروق وصلت إلى هذه المكانة بفضل تركيزها على الوصول إلى ما يسمى بأصحاب الياقات البيضاء أو الإطارت من الطبقة الوسطى، الذين يشكلون أغلبية الرأي العام"، وأضاف "هناك ذكاء كبير في اختيار المواضيع التي تستقطب القراء"، معتبرا أن معركة الاحترافية تبدأ من البحث عن الحقيقة. * * نحن نخدم اللغة العربية بعيدا عن الشعارات * * قال الدكتور العربي ولد خليفة أن المجلس الأعلى للغة العربية يخدم العربية بعيدا عن الشعارات وحروب التعصب، وهذا استنادا إلى برنامج تطبيقي وآخر نظري يرمي من خلاله المجلس إخراج اللغة العربية من الحصار الذي ضرب عليها في وقت ما وتخليصها من وصمة الدونية التي عادة ما توصف بها كونها لغة للشعر والأدب والنثر، وتحويلها إلى خوض رهان البحث العلمي والتكنولوجي. * وفي هذا الإطار، قال ولد خليفة أن الكثير من نشاطات المجلس تركز على هذا الجانب لنفي صفة التقصير عن العربية، التي تتهم دوما بكونها ليست لغة للتكنولوجيا، وتوقف ضيف الشروق مطولا عند إنجازات المجلس في مجال إصدار أدلة وكتب علمية تقدم طرقا عملية ومنهجية لتعريب بعض المصطلحات في مجال المالية والإدارة والطب، وقد لقيت التجربة حسبه إقبالا كبيرا، وأثارت إعجاب وتجاوب من تعامل معها. * وأكثر من هذا قال ولد خليفة أن التجربة التي يقدمها خبراء المجلس في هذا الإطار، أثبتت أن الذين يتعلمون العربية يتمثلون المصطلحات والمفاهيم الدقيقة بشكل أسهل وأفضل من الذين يتلقونها بالفرنسية، وفي هذا الإطار رفض المتحدث الافتراءات والاتهامات التي تلصق بالعربية كونها لغة متخلفة، مؤكدا أن اللغة لا تتقدم ولا تتأخر، ولكن الذين يتقدمون ويتأخرون هم مستعملو اللغة ومستخدموها، وهي تأخذ صورتها منهم، لأن العربية ليست جنسية وليست أصلا وليست عرقا. * وبالرغم من هذا اعترف رئيس المجلس الأعلى للغة العربية أن اللغة ليست محايدة تماما، لكنها وعاء لقيم وثقافة تعبر عن هوية وحضارة مجموعة معينة، وتساهم في تشكيل تجانس بين أفراد المجتمع وهذه هي مهمة المجلس، التي يعمل لتحقيقها بطرق علمية وواقعية تراعي حاجيات المجتمع وأبعاده بعيدا عن الشعارات، والمجال مفتوح حسب ولد خليفة لتعلم لغات واستيعاب ثقافات أخرى، لأن ليس هناك قانون يحرم أو يجرم تعلم لغات أخرى في الجزائر، وهنا توقف ولد خليفة عند ملاحظة هامة مهمة وهي كون الذين يقرأون بالعربية يبذلون أيضا جهدا للقراءة بالفرنسية دون عقدة ولكن العكس قليل. * * الأمازيغية لغة وطنية وليست مستوردة ولا غريبة عن الجزائر * * أكد ضيف الشروق أن العلاقة بين اللغة العربية واللغة الأمازيغية هي علاقة تكامل وامتداد، كل واحدة في الأخرى وليست علاقة صراع، معتبرا أن الأمازيغية لغة وطنية وليست لغة مستوردة أو دخيلة عن الجزائر، ونفس الشيء بالنسبة للعربية التي قال المتحدث أن الجزائريين قبلوها واحتضنوها، بل وأكثر من ذلك ساهموا في إثرائها عبر مدونات عديدة، فمن مدونة سيدي خليل إلى الأجرومية المنسوبة إلى منطقة الزواوة. * وكانت الفرصة مناسبة أمام رئيس المجلس الأعلى للغة العربية ليذكر بالمساهمة الفعالة لمنطقة الزواوة في خدمة اللغة العربية، إذ لم يكن من غريب الصدف أن تكون هذه المنطقة قد خرجت أسماء بارزة ولامعة في الدفاع عن العربية، خاصة في الظروف الصعبة إبان الاحتلال الفرنسي للجزائر، واعتبر أن الصراع بين العربية والأمازيغية لا يخدم كلاهما، لكنه يعطي فرصة للغة ثالثة معروفة للاستحواذ على الساحة. * * الصراع اللغوي في الجزائر مفتعل * * لا يؤمن العربي ولد خليفة بوجود تقسيمات لغوية مثل "العربوفونية" ولا "الفرانكفونية" وهي التقسيمات التي أضرت كثيرا بالمجتمع أكثر مما خدمته وخلقت التمايزات الاقصائية، خاصة في أوساط النخبة عكست حصيلة 130 سنة من الاستعمار الفرنسي الذي عمل على السعي بكل الوسائل والطرق لهدم الهوية من الداخل. وذكر المتحدث بنتائج التقسيمات الأيديولوجية وما جنته على الجزائر في فترة التسعينيات، واعتبر كلمة "المعربون" هي كلمة دخيلة أطلقها الفرنسيون في منتصف القرن 19 على من كانوا يعرفون بجماعة المكاتب العربية وهم الفرنسيون الذين يتعلمون العربية بغرض تسيير المكاتب الإدارية ذات الأكثرية العربية، وذكر المتحدث في هذا الصدد بما فعله لمستعمر لإبقاء العربية لغة "العبد" والفرنسية لغة "السيد"، وهي التي خلفت نظرة دونية تجاه العربية كلغة وكثقافة وماتزال منعكسة في سلوكنا إلى اليوم. * * ليس هناك حرج في حديث المسؤولين بالفرنسية والعربية لا تعني الجزائر وحدها * * قال العربي ولد خليفة أن مهمة المجلس الأعلى للغة العربية هي مهمة استشارية تقوم على الملاحظة الميدانية ومعاينة وضع اللغة العربية، ورغم أن قراراته ليست إلزامية، لكن من مهامه رفع تقارير دورية تتضمن تسجيل ملاحظات حول استعمال اللغة العربية ووضعها في المجتمع إلى رئاسة الجمهورية التي يتبع لها المجلس، وأكد ولد خليفة أن المجلس لا يتعامل مع ظاهرة الحديث بالفرنسية من منطلق الانغلاق على الذات ولا من منطق التعصب والصراع، ويرى أن حديث بعض المسؤولين الجزائريين في التلفزيون بالفرنسية لا يشكل خطرا كبيرا على العربية في الجزائر، كون خطاب ممثلي الدولة لا يوجه فقط لأبناء الجزائر في الداخل، لكنه أيضا يوجه لأبناء الجالية الجزائرية المهاجرة بدول أوروبا والذين يشكلون جزءا لا يتجزأ من الدولة والمجتمع الجزائري، ومن الواجب إشراكهم فيما يعني بلدهم وإعلامهم بما يدور فيه، ومن حقهم أن يكونوا قريبين من بلدهم، مؤكدا أن الهوية ليست مغلقة على نفسها، لكنها تتغذى من الروافد الثقافية الموجودة حولها، مؤكدا أن الشعب الذي يملك ثقة في نفسه لا يخاف على هويته ولا على مستقبل أبنائه، واعتبر ولد خليفة أن العربية ليست فقط لغة الجزائر وحدها، لكنها لغة 22 دولة عربية، وربما ما تقدمه الجزائر لهذه اللغة أكبر مما يقدم عند الغير، ضاربا المثل باستفحال العامية في الإعلام المشرقي بشكل صار يهدد اللغة العربية، وهذا لا يحدث عندنا في الجزائر. وقد عاد ولد خليفة للإنجازات التي حققتها الجزائر كدولة في خدمة العربية على المستوى العربي، وهي التي قدمت مثلا مشروعا لذخيرة العربية لعبد الرحمان حاج صالح، الفائز مؤخرا بجائزة الملك فيصل العالمية عن مشروعه الرائد في الذخيرة العربية الذي تبنته جامعة الدول العربية إلى جانب احتضان الجزائر للمعهد العربي للترجمة الذي يساهم في تكوين مترجمين عرب وتطوير الترجمة من وإلى اللغة العربية، وهي انجازات تحسب للجزائر في مجال خدمة اللغة العربية، ومع هذا اعترف المتحدث أن اللهجة الجزائرية تم إفقارها من محتواها واقتصارها في الأفلام فقط على لهجة العاصمة. * * الفرنسية لغة أجنبية ويجب أن تبقى لغة أجنبية * * رفض العربي ولد خليفة الطرح القائل بالتعدد اللغوي في المجتمع الجزائري، واعتبر الفرنسية لغة أجنية ويجب استغلها وفق ما يخدم ويكمل العربية والأمازيغية في الجزائر، واعتبر وجود اختلاف لساني في الجزائر على غرار ما هو موجود في الألسن والثقافات الفرعية الأخرى عنصر ثراء وإغناء، فداخل الفضاء الأمازيغي نجد اختلافات مثلما نجدها في العربية وهذه طبيعية وموجودة في العديد من الدول مثل فرنسا وألمانيا وغيرها، لكن هناك لغة جامعة وموحدة لكل دولة ومجتمع واللغة الموحدة في الجزائر هي العربية، والأمازيغية حسب ولد خليفة ليست لغة أجنبية ولا عدوة العربية، وهي موجودة في الجزائر وتكمل العربية، لكن الفرنسية لغة أجنبية، وتبقى لغة أجنية، ويجب أن نحولها من سيف على رقابنا إلى سيف في أيدينا ونستفيد منها ونكمل بها لغتنا، لأن التقوقع على لغة واحدة لا يسمح لنا حسب المتحدث بتحقيق الاندماج في عالم يفرض علينا التكتلات الإقليمية التي ليست بالضرورة مهددة للدولة الوطنية ولا للسيادة ولا للهوية، فأوروبا الموحدة اليوم كما يرى ولد خليفة لم تفقد الدول الأعضاء فيها قوتها وسيادتها، بل بالعكس، كانت عنصر قوة وإثراء جعلت من أوروبا قوة إقليمية لا يستهان بها. * * تراجع مستوى استعمال اللغة في المدارس سببه ضعف اللغة الوظيفية * * يرجع رئيس المجلس الأعلى للغة العربية أن تراجع مستوى استعمال اللغة في المدارس والثانويات يرجع أساسا إلى تراجع مخزون اللغة الوظيفية عند مستخدميها وهي ظاهرة عامة حسب ولد خليفة تعاني منها عدة دول وليست الجزائر فقط، لأن جزءا من الثراء اللغوي يكتسب عن طريق الاستعمال اليومي، أما اللغة المدرسية فإنها تتحول إلى عملة بدون سوق لعدم الحاجة اليومية إليها، كما أرجع المتحدث ظاهرة الميل للحديث بالفرنسية في الأوساط الجزائرية إلى عقدة المستعمر والإنجذاب الذي تركته سنين الاحتلال الفرنسية على النسيج الحضاري التي رسخت فكرة مفادها أن إتقان الفرنسية يرتبط بمكانة ثقافية واقتصادية مرموقة، وقد يفتح أبواب الترقية الاجتماعية على مصراعيها التي صارت العائلات تميل لتعليم أبنائها الفرنسية في سن مبكرة انطلاقا من هذا المبدأ، كما صار اليوم التوجه لتعليم الانجليزية ضرورة أملتها الحاجة الاقتصادية ورغبة الأولياء أن يتحكم أبناؤهم في الوسائل التكنولوجية الحديثة. * * قال إن الصراع اللغوي في الجزائر مفتعل * "المستعمر جعل الفرنسية لغة للأسياد والعربية للعبيد" * * لا يؤمن الدكتور العربي ولد خليفة بوجود تقسيمات لغوية على شاكلة "العربوفونية" و"الفرانكفونية"، حيث رأى أن هذه التقسيمات أضرت كثيرا بالمجتمع أكثر مما خدمته، وخلقت تشنجا بين المعربين والمفرنسين خاصة في أوساط النخبة، عكست حصيلة 130 سنة من الاستعمار الفرنسي وسعيه بكل الوسائل والطرق لهدم الهوية من الداخل. * وذكر المتحدث بنتائج التقسيمات الأديولوجية وما جنته على الجزائر في فترة التسعينات، واعتبر أن كلمة "المعربين" هي كلمة دخيلة أطلقها الفرنسيون في منتصف القرن 19 على من كانوا يعرفون بجماعة المكاتب العربية، وهم الفرنسيون الذين يتعلمون العربية بغرض تسيير المكاتب الإدارية ذات الأكثرية المعربة، وذكر المتحدث في هذا الصدد بما فعله المستعمر لإبقاء العربية لغة "العبد" والفرنسية لغة "السيد" وهي التي خلفت نظرة دونية تجاه العربية كلغة وثقافة، وما تزال منعكسة في سلوكنا إلى اليوم. * * شدد على عدم الإهمال الثقافي لجاليتنا بالخارج * "حديث المسؤولين الجزائريين بالفرنسية لا يشكل خطرا على العربية" * * قال ضيف الشروق إن مهمة المجلس الأعلى للغة العربية هي مهمة استشارية تقوم على الملاحظة الميدانية ومعاينة وضع اللغة العربية، وقراراته ليست إلزامية، ومن مهامه رفع تقارير دورية لرئاسة الجمهورية، تتضمن تسجيل ملاحظات حول استعمال اللغة العربية، ووضعها في المجتمع. وأكد ولد خليفة أن المجلس لا يتعامل مع ظاهرة الحديث بالفرنسية من منطلق الانغلاق على الذات ولا من منطق التعصب والصراع، ويرى أن حديث بعض المسؤولين الجزائريين في التلفزيون بالفرنسية لا يشكل خطرا كبيرا على العربية في الجزائر، كون خطاب ممثلي الدولة لا يوجه فقط لأبناء الجزائر في الداخل، لكنه أيضا يوجه لأبناء الجالية الجزائرية المهاجرة بأوروبا، وهم جزء لا يتجزأ من الدولة والمجتمع الجزائري، ومن الواجب إشراكهم فيما يعني بلدهم وإعلامهم بما يدور فيه، ومن حقهم أن يكونوا قريبين من بلدهم، مؤكدا أن الهوية ليست منغلقة على نفسها لكنها تتغذى من الروافد الثقافية الموجودة حولها. * وأكد المتحدث أن الشعب الذي يملك ثقة في نفسه لا يخاف على هويته ولا على مستقبل أبنائه، معتبرا أن العربية ليست فقط لغة الجزائر وحدها، لكنها لغة 22 دولة عربية وربما ما تقدمه الجزائر لهذه اللغة أكبر مما يقدم عند الغير، ضاربا المثل باستفحال العامية في الإعلام المشرقي بشكل صار يهدد اللغة العربية، و هذا لا يحدث عندنا في الجزائر. وقد عاد ولد خليفة للانجازات التي حققتها الجزائر كدولة في خدمة العربية على المستوى العربي، وهي التي قدمت مثلا مشروع الذخيرة العربية للبروفيسور عبد الرحمان حاج صالح الفائز مؤخرا بجائزة الملك فيصل العالمية عن مشروعه الرائد في الذخيرة العربية الذي تبنته جامعة الدول العربية إلى جانب احتضان الجزائر للمعهد العربي للترجمة الذي يساهم في تكوين مترجمين عرب وتطوير الترجمة من وإلى اللغة العربية، وهي إنجازات تحسب للجزائر في مجال خدمة اللغة العربية، ومع هذا اعترف المتحدث أن اللهجة الجزائرية تم إفقارها من محتواها، ولم تنج منها إلا اللهجة العاصمية التي تستعمل في المسلسلات والأفلام التلفزيونية. * * قال إن تعدد الألسن في الجزائر مكسب حضاري * "الفرنسية لغة أجنبية.. ويجب أن تبقى كذلك" * * رفض الدكتور العربي ولد خليفة الطرح القائل بالتعدد اللغوي في المجتمع الجزائري، واعتبر الفرنسية لغة أجنية، ويجب استغلالها فيما يخدم ويكمل العربية والأمازيغية في الجزائر، واعتبر وجود اختلاف لساني في الجزائر على غرار ما هو موجود في الألسن والثقافات الفرعية الأخرى عنصر ثراء، فداخل الفضاء الأمازيغي نجد اختلافات مثلما نجدها في العربية، وهذه طبيعية وموجودة في العديد من الدول مثل فرنسا وألمانيا وغيرها، لكن هناك لغة جامعة وموحدة لكل دولة ومجتمع، واللغة الموحدة في الجزائر هي العربية، والأمازيغية ليست لغة أجنية ولا عدوة للعربية وهي موجودة في الجزائر، لكن الفرنسية لغة أجنبية وتبقى لغة أجنية، شدد على وجوب تحويلها من سيف على رقابنا إلى سيف في أيدينا، نستفيد منها ونكمل بها لغتنا، لأن التقوقع على لغة واحدة لا يسمح لنا حسب المتحدث بتحقيق الاندماج في عالم يفرض علينا التكتلات الإقليمية، التي ليست بالضرورة مهددة للدولة الوطنية ولا للسيادة ولا للهوية، فأوروبا الموحدة اليوم، كما يرى ولد خليفة لم تفقد الدول الأعضاء فيها قوتها وسيادتها، بل بالعكس كانت عنصر قوة وإثراء جعلت من أوروبا قوة إقليمية لا يستهان بها. * * تراجع مستوى استعمال اللغة في المدارس سببه ضعف اللغة الوظيفية * * أرجع رئيس المجلس الأعلى للغة العربية تراجع مستوى استعمال اللغة في المدارس والثانويات يرجع أساسا إلى تراجع مخزون اللغة الوظيفية عند مستخدميها، وهي ظاهرة عامة حسب ولد خليفة تعاني منها عدة دول وليست الجزائر فقط، لأن جزءا من الثراء اللغوي يكتسب عن طريق الاستعمال اليومي، أما اللغة المدرسية فإنها تتحول إلى عملة بدون سوق لعدم الحاجة اليومية إليها، كما أرجع المتحدث ظاهرة الميل للحديث بالفرنسية في الأوساط الجزائرية إلى عقدة المستعمر والانجذاب الذي رسخه الاحتلال الفرنسي في النسيج الحضاري والمبني على فكرة مفادها أن إتقان الفرنسية يرتبط بمكانة ثقافية واقتصادية مرموقة، وقد يفتح أبواب الترقية الاجتماعية على مصراعيها، ذلك ما أدى إلى إصرار الكثير من العائلات الجزائرية على تعليم أبنائها الفرنسية في سن مبكرة، وقد تحول الأمر في الوقت الحالي إلى إقبالها أيضا على تعليم الانجليزية لأبنائها على اعتبار أنها ضرورة أملتها الحاجة الاقتصادية ورغبة أسرية في تحكم أبنائها في الوسائل التكنولوجية الحديثة. * * علي فضيل (مدير الشروق):"العربية تطورت في الجزائر لكن العراقيل موجودة" * قال الأستاذ علي فضيل مدير عام الشروق أن الدكتور محمد العربي ولد خليفة مثقف ومفكر من طراز خاص، يرأس أهم مؤسسة رسمية تعنى بترقية اللغة العربية وتطويرها باعتبارها اللغة الرسمية للبلد، وأضاف مدير الشروق أن هذه اللغة واجهت تحديات كبيرة منذ فجر الاستقلال إلى اليوم، فقد تمكنت من تحقيق الكثير من المكاسب، لكنها وإلى حد الساعة مازالت تعاني من بعض العراقيل كعدم دخولها إلى كل الإدارات والمؤسسات التقنية والعلمية، مؤكدا أن المجهود الذي قام به المجلس منذ تأسيسه إلى اليوم يعد ركيزة هامة لتطوير اللغة العربية في الجزائر، مثنيا على دور الدكتور ولد خليفة المشهود له بمعارفه الكثيرة وحضوره الفكري والأدبي المتميز منذ السبعينيات وقدرته على التحكم في ملف أحد أهم مقومات الهوية الوطنية، وهي اللغة العربية.