تأسف الباحث في علم الاجتماع ناصر جابي لعد فهم واستيعاب البعض للإشكالية التي طرحها الأمين العام للأفلان عبد العزيز بلخادم حول لغة التدريس والبحث العلمي التي تحتاج إلى نقاش وإعادة نظر، مستغربا محاولات البعض طرح الموضوع على أنه عودة للصراع الإيديولوجي بين معرب ومفرنس. أكد الباحث في علم الاجتماع ناصر جابي في تقييمه لفعاليات الجامعة الصيفية لحزب جبهة التحرير الوطني أن عديد من المناضلين لم يستوعبوا في البداية طرح موضوع الجامعة للنقاش في الجامعة الصيفية باعتباره موضوعا فكريا وأكاديميا بينما التظاهرة سياسية، إلا أنهم اقتنعوا لاحقا أن الخيار كان موفقا لأن موضوع الجامعة لم يعد كما في الماضي قضية تهم فقط الأساتذة والطلبة وإنما هي قضية مجتمعية تطرح العديد من الانشغالات والإشكالات مثل مسألة التطور الكمي والديمغرافي للجامعة وكيفية تسيير هذا الكم الهائل من الطلبة. كما أشار المتحدث إلى أن الاهتمام بالموضوع داخل الجامعة الصيفية للأفلان يعكسه الإقبال المتزايد على النقاش من حيث عدد المناضلين الذين طلبوا الكلمة من أجل إبداء آرائهم في الموضوع وإسماع انشغالاتهم، مبرزا في المقابل في خانة المآخذ التي تسجل على الجامعة الصيفية للأفلان هو غياب الحوار بين المناضلين والمسؤولين حيث يفترض أن تكون الجامعة فضاء لهذا الحوار بين المناضلين والإطارات والقيادات، أما عن مستوى المداخلات فقد اعتبره جابي متباينا منها المداخلات المعمقة ومنها الأقل جدية. ويرى الباحث جابي أنه من الطبيعي أن يتراوح النقاش بين نقاش فكري ونقاش سياسي لأن موضوع الجامعة يعني المجتمع لأن أكثر من مليون جزائري يرتادون الجامعة ولم تعد الجامعة كما في الماضي مؤسسة تعني النخبة وشريحة معينة من الجزائريين، بل البكالوريا والتسجيلات الجامعية تحولت إلى ظاهرة اجتماعية، فهناك 7 ملايين تلميذ وأكثر من مليون طالب جامعي وهو ما يعني أن ربع الجزائريين مرتبطين بشكل مباشر بالمدرسة والجامعة وأن الإضراب في المدرسة أو الجامعة له صدى وتأثير في المجتمع أكثر من الإضراب في المؤسسات الاقتصادية. وفي موضوع لغة التدريس والبحث العلمي أوضح جابي أنها كانت من أهم الإشكالات المطروحة في الجامعة الصيفية للأفلان خصوصا وأن الجامعة الجزائرية ما تزال تعاني من هذا الإشكال وهو تحديد لغة التدريس ولغة البحث هل نختار العربية أم الفرنسية أم الانجليزية وكيفية الانفتاح على اللغات الأجنبية دون أن يكون ذلك على حساب مكانة اللغة العربية كلغة وطنية، وتأسف جابي على عدم فهم واستيعاب البعض لهذا الطرح الذي قدمه الأمين العام للأفلان عبد العزيز بلخادم بالدعوة إلى فتح النقاش حول لغة التدريس في الجامعة، مستغربا محاولات البعض تقديم الإشكالية التي أثارها بلخادم على أنها عودة إلى الصراع الإيديولوجي الذي يفترض أن الجزائر تجاوزته من سنوات وهو الصراع بين التيارين المعرب والمفرنس. ومن وجهة نظر جابي فإنه بعد تراجع حدة الصراع الإيديولوجي في الجزائر يكون قد حان الوقت المناسب لطرح القضايا الجدية في المجتمع للنقاش، ومنها مسألة لغة التدريس في الجامعة وكيفية الانفتاح على اللغات الأجنبية دون المساس بالعربي حتى لا يتحول التحكم في اللغات الأجنبية إلى فرز اجتماعي مثلما بدأ يظهر في الجزائر لأن الذين يحسنون اللغات الأجنبية يحصلون على مستوى عال من التأهيل وعلى المناصب المرموقة وظروف عمل أحسن على عكس الذين يتقنون العربية فقط. أما الحل في نظر جابي فلا يتعلق بالتعريب لأنه يفترض أن الجزائر تجاوزت هذا الأمر وتخطت الصراع الإيديولوجي بين معرب ومفرنس لكن الحل هو كيف نجل أبناء الجيل الحالي والمقبل يتقنون اللغات الأجنبية دون العودة إلى خلق جيل مفرنس كما في الماضي.