أنهت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس زيارة إلى ليبيا دامت ثماني ساعات, فتحت "عهدا جديدا" بين البلدين. والتقت رايس -أول وزيرة خارجية أمريكية تزور ليبيا منذ 1953- بداية في طرابلس وزير الخارجية الليبي عبد الرحمن شلقم, ثم الزعيم الليبي معمر القذافي وشاركته طعام الإفطار في مجمع كبير في باب العزيزية يحتضن مكتب الزعيم الليبي وتعرض لقصف أمريكي في 1986. ولم يصافح القذافي رايس واكتفى, على سبيل التحية, بوضع يده على قلبه, خلال اللقاء. وكان القذافي يرتدي ثوبا أبيض طويلا علق عليه دبوس أخضر يرمز إلى أفريقيا, وهي قارة قال العام الماضي إنه فخور أن رايس -أو "ليزا" كما سماها- تنحدر منها, وأبدى إعجابه بطريقة وزيرة الخارجية الأمريكية في "إعطاء الأوامر للقادة العرب". ونقلت رايس تحيات الرئيس الأمريكي إلى القذافي الذي استقصى بدوره عن أخبار الأعاصير التي تضرب الولاياتالمتحدة, وتبادل النكات مع ضيفته. وحسب وكالة الأنباء الليبية تركزت مناقشات رايس والقذافي على قطاعي النفط والتعليم. وقالت رايس لاحقا في مؤتمر صحفي مع شلقم إن قيام ليبيا ب "خيارات إستراتيجية" جعل من الممكن التقارب مع أمريكا البلد الذي لا يملك أعداء دائمين، حسب تعبيرها. وتحدثت عن سفير أمريكي يعين قريبا في طرابلس, واعتبرت من المهم فتح حوار مع ليبيا حول مواضيع حقوق الإنسان, وذكرت المعارض الليبي فتحي الجهمي الذي حكم عليه بالسجن في 2004 بعد أن انتقد نظام القذافي. ورد شلقم بقوله إن ليبيا تهتم بشعبها ولا تحتاج دروس حقوق الإنسان التي تختلف مبادئها في بلاده عنها في الولاياتالمتحدة, وأضاف أن الجهمي حوكم محاكمة عادلة ويتلقى العلاج الآن في مستشفى خاص. وقال شلقم إن زمن المواجهة بين ليبيا وأمريكا انتهى, فالبلدان تغيرا كما تغير العالم, لكنه أقر بوجود خلافات رأي مع الولاياتالمتحدة "لن تهدد العلاقة معها". وجاءت زيارة رايس بعد أقل من شهر من اتفاق شامل، يعوض بموجبه من سقطوا في هجمات ليبية وغارات أمريكية انتقامية. ورغم ذلك ووجهت زيارة رايس بالانتقاد في الولاياتالمتحدة, لأن ليبيا لم تبدأ بعد دفع التعويضات, كما هاجمتها منظمات حقوقية بسبب سجل حقوق الإنسان في ليبيا. واستعادت علاقات البلدين -التي قطعت في 1979- حرارتها تدريجيا منذ قرر القذافي في 2003 التخلي عن برامج أسلحة الدمار الشامل, وهو مثال تريد الولاياتالمتحدةإيران وكوريا الشمالية أن تحتذياه. وتحدثت الخارجية الأمريكية عن مفاوضات على "مذكرة تفاهم عسكرية" مع ليبيا, وقالت إن هذا البلد يتعاون في محاربة الإرهاب, وساعد في وقف تدفق المقاتلين الأجانب على العراق, دون أن تعطي تفاصيل أكثر. واستبق القذافي زيارة رايس قبل أيام بقوله إن الولاياتالمتحدة لا هي صديقة ولا عدو لبلاده، وأضاف "ليس من مصلحتنا أن نكون على خلاف مع الولاياتالمتحدة، لكننا لن نقبل أيضا أن نخضع لها". وتفتح الزيارة -وهي أول محطة لرايس في جولة مغاربية تشمل تونس والجزائر والمغرب- سوق الطاقة الليبية أمام الشركات الأمريكية, فلليبيا تاسع احتياطي نفطي في العالم, وأجزاء واسعة من أراضيها لم تكتشف بعد. للإشارة استكملت رايس جولتها المغاربية أمس بزيارة تونس والجزائر قبل أن تختمها اليوم بالمحطة المغربية. الوكالات/واف