مؤخرا كتبت في هذا الركن موضوعا بعنوان " لنشرب بترولنا " ، مؤداه أن النفط إن لم يكن ثروة زائلة، فإن الاعتماد عليه لم يعد مضمونا مع توجه عالمي ملحوظ نحو بدائل طاقوية أخرى عديدة ومتنوعة. والهدف من الموضوع هو حث الدولة والمجتمع على زيادة الاهتمام بقطاعات أخرى خارج المحروقات، بما في ذلك رسم سياسات مسهلة ومشجعة للإستثمار المحلي والأجنبي. والحقيقة أن الخوف على مستقبلنا يتعاظم، ويتعاظم معه الخوف من عدم وجود تجاوب بمستوى تعاظم الخوف. فعندما نفقد حاسة الخوف على مستقبلنا ومستقبل أبنائنا وبلدنا، فهذا يعني بكل تأكيد أننا " أمة ميتة ". مؤخرا قرأت أربع تقارير سوداء، تبعث على الخوف إلى درجة الموت. مؤسسة " مصباح الحرية " التابعة لمعهد كيتو بواشنطن تصنف الجزائر في المرتبة 127 عالميا من حيث توفر الشروط الضرورية للإقتصاد والإستثمار. وهذا يعني أن المستثمرين الأجانب والشركات الكبرى ستنأى عن بلادنا لا محالة. وربما هذا ما يفسر في إحدى جوانبه توجه شركة أيرباص للطيران لإقامة مصنع في تونس المصنفة في المركز 96، وتوجه رونو إلى المغرب المصنفة في المركز 108، وسيتوجه غيرهم لدول أخرى أفضل منا. الخبير الإقتصادي الجزائري الشهير عبد الرحمان مبتول يقول أن تراجع أسعار النفط إلى دون 80 دولار للبرميل ستدفع بالعشرات من المشاريع إلى التوقف التام، وسيدفع الوضعية الاجتماعية إلى التعفن الحقيقي جراء توقف مشاريع الصحة والتربية، والسكن والأشغال العمومية، وأن العديد من الشركات النفطية الأجنبية سيقل اهتمامها بالتنقيب. وهو ما ينعكس سلبا على ثروتنا النفطية أو يضيف عبئا جديدا لشركة سونتراك. وقبلهما قرأت مقابلة صحفية لعالم الاجتماع الجزائري " هواري عدي " يتوقع أنه بعد 10 سنوات ستصبح الجزائر شبيهة بالصومال. وحسب فهمي للصومال، فهذا التوقع يعني الفقر المدقع، وانهيار السلطة المركزية، وتفشي الأمراض والمجاعات، وسياسة طاق على من طاق. وبعدهم جميعا قرأت ما نقل عن سيدي السعيد أمين عام المركزية النقابية، الذي قال أنه بتراجع سعر البترول إلى 30 دولار للبرميل ستصبح المؤسسات عاجزة تماما عن دفع رواتب العمال. وفي هذا الوقت تتحدث التقارير الدولية أن سعر البرميل تراجع بنحو 45 دولار للبرميل، وتراجعه مستمر ومتواصل. أليس هناك خوف حقيقي على أمة لا تعيش إلا على مداخل النفط ؟ قديما قيل " الخوف يجري الشيوخة " ، لكن الخوف عندنا لا يجري أحدا، وينبع عنه خوف آخر " قد نكون أمة ميتة ولم نشعر ". [email protected]