من منا لم يأسره ويتأثر أيما تأثر بدور عمار الصغير "لو بتي" في فيلم "معركة الجزائر"، لكن الحقيقة أجمل بكثير من الفيلم، عندما يروي لك أخ هذا البطل الصغير الذي ولد كبيرا بهمه وهم وطنه ومات كبيرا بالشهادة في سبيله، حكايته مع "علي لابوانت" ياسف سعدي وحسيبة وفتيحة والعربي بن مهيدي وكل أولائك الأبطال والنضال والثورة ثم الشهادة. اجتمع مجموعة من الأهل ورفقاء النضال والمجاهدين في أمسية الأربعاء 08 أكتوبر أمام المبنى الذي نسفه جنود المظلات الفرنسيين، تحت قيادة العقيد "إيفس غودارد" على رأس أربعة من شهداء القصبة والجزائر، كتبوا أسماءهم بالدم في تاريخ ثورة تبقى الأعظم في تاريخ البشرية، كيف لا وأكبرهم لم يتجاوز الثلاثين سنة وأصغرهم 13 سنة ومن بينهم فتاة زهرة تفتحت لم تتعدى ربيعها العشرين. الذكرى كانت للقاء والتذكر والترحم على أرواح كل من الفدائية والشهيدة حسيبة بن بوعلي، علي عمار المدعو "علي لابوانت"، عمار ياسف المدعو "عمار لوبتي" ومحمود بوحميدي وهم أبطال ما عرف تاريخيا بمعركة الجزائر التي أشرف عليها العربي بن مهيدي وكانت تحت تأطير ياسف سعدي وهو خال عمار الصغير. وقد قدم الحاضرون مجموعة من الشهادات المؤثرة والتي تكشف شجاعة هؤلاء الشباب المجاهد وروحهم الوطنية، كما عبروا عن حقد الاستعمار وهمجيته في التعامل مع الجزائريين من بين الشهادات التي جمعتها "صوت الأحرار"، شهادة أخ "عمار لوبتي" دحمان ياسف الذي بكى بدموع حارة عندما تذكر آخر مرة رأى فيها أخاه عمار وكان ذلك أياما قبل استشهاده، حيث جاء إلى أمه بعد غياب دام 06 أشهر، بعد أن أصدرت سلطات الاحتلال بالعاصمة أمرا بالقبض عليه وأصبح يعمل في السرية مع المجموعة الباقية من المجاهدين في معركة الجزائر وكان آخر ما قاله الصغير ذو 13 سنة يوم ذاك أنه يريد النوم بين أخواته، كما كان يفعل دائما، لكن أمه رفضت خوفا عليه من مداهمة المظليين للمنزل رقم 03 في القصبة، الذي ولد فيه عمار في 28 سبتمبر 1944 في عائلة كبيرة العدد، 10 أخوة ومن وسط وطني، فرضع الوطنية والكفاح من أبيه الذي كان يصحبه معه في سن مبكرة إلى اجتماعات حزب الشعب الذي كان ينشط فيه، من هنا بدأ يتولد لدى عمار الوعي بقضية وطنه. بعد اندلاع الثورة وبداية معركة الجزائر غذا المجاهد ياسف سعدي هذا الإحساس لدى عمر لينظم إلى المجموعة الفدائية كفدائي ربط، كان ينقل الرسائل والأسلحة و يوزع المناشير وينقل الأخبار للإخوان. كان عمار حسب أخيه ينشط دون أن تتعقبه القوات الفرنسية، لكن بعد التحقيقات المتواصلة انكشف أمره فدخل السرية التامة سنة 1956. يتسم عمار بالذكاء وروح المسؤولية رغم صغر سنه، حيث كان ينقل أموال الجبهة والرسائل الهامة والأسلحة ويعرف عنه اليقظة وحبه الشديد للوطن والجهاد وإدراكه لوضع وطنه وشعبه. من بين المواقف الشاهدة على ذلك كما ذكر أخوه دحمان انه ذات يوم خرج من منزل المقاومة المرقم 05 أين استشهد و كانت حسيبة ومجموعة من المجاهدات حاملات للقنابل ولاحظ عمار المظليين الفرنسيين قادمين فطلب من مجموعة من الشباب الجالس في طريقهم أن يقوموا بشتم وسب الفتيات ويقولون أنهن صديقات الفرنسيين فقاموا بذلك وتدخل الجنودالفرنسيون لفسح الطريق أمام المجاهدات بدون علمهم بعد حيلة عمار ثم عاد إلى الشباب ومنهم أبناء عمه وقال لهم " إياكم أن تتعرضوا لهؤلاء النسوة إنهن مجاهدات اخواتاتنا"