قررت السلطات الأمريكية سحب دمية تتكلم من التداول في الأسواق بد أن تلقت عدة شكاوي من الزبائن. الدمية المسحوبة من المحلات متهمة ب "نشر الإسلام".. أي والله هذه هي التهمة الموجهة لها والتي على ضوئها تم منع بيعها. لقد أكد بعض الأولياء الذين أودعوا شكاويهم أنهم سمعوا الدمية البلاستيكية تردد بالانجليزية "إسلام إيز ذو لايت"، ومعناها بالعربية " الإسلام هو النور". + من "ماما" إلى "الإسلام نور" الناطق الرسمي باسم "فيشر برايس" منتجة الدمية أكد أن التهمة لا أساس لها من الصحة فالشريط الصوتي المثبت في الدمية من المفروض أن يصدر ضجيج وبكاء رضيع يصرخ "ماما"، لكنه يكون تعرض لمشكل أو عطب في الإنتاج جعل الأصوات التي يصدرها تفهم من طرف الأولياء على أنها ترويج لنشر الإسلام، ويتخيلون وكأن الدمية تقول "الإسلام هو النور". نفس التأكيد ذهب إليه مالكو المؤسسة المنتجة، عندما دفعوا عن أنفسهم التهمة بالقول أن الدمية لم تصمم أساسا لتقول جملا مركبة، وما كان لها أن تردد تلك الجملة بل لم تكن ترددها أصلا، موضحين في بيانهم أن " قدرة الإيحاء" هي التي جعلت الأولياء يعتقدون أنها تقول :"الإسلام هو النور".. ولا يزال الجدل قائما في أكبر دولة في العالم حول زوبعة أقامتها دمية تتكلم اتهمت بالترويج للإسلام ولا يستبعد أن تتهم بالإرهاب، وقد يخصص لها جناح في غوانتنامو، على اعتبار أنها أسيرة حرب أو امتداد لشبكة القاعدة. + الأمريكيون و"الإسلامو فوبيا" إن "فومبيا الإسلام" التي استبدت بالأمريكيين هي التي جعلتهم يتوهمون أن الدمية تدعوا إلى الإسلام وتتربص بأبنائهم لتدخلهم في الإسلام. لقد أصبح الأمريكيون يرون الإسلام يحاصرهم من كل مكان، وقد تكون هذه هي اللعنة المسلطة عليهم بعد كل هذه الحروب العدوانية والظلم الذي تمارسه دولتهم وعلى الإسلام والمسلمين في مختلف أنحاء العالم. وقد يكون مفعول كل ذلك سلبيا على مخططات التحالف الأمريكي الصهيوني فيلتفت الأمريكيون بقوة إلى هذا الدين الذي يوصف بكل الأوصاف السيئة، فيكتشفون فيه الخلاص وبأنه الدين الحق. إن حالة الهوس التي وصلها الأمريكيون، ودرجة التوجس من كل شيء خوفا من الإسلام، إلى حد التوهم بأن دمية تمردت عن منتجها وأصبحت تردد جملة لم تبرمج عليها لتدعوهم إلى الإسلام، قد تجعلهم يكتشفون أنهم وقعوا ضحية مخطط جهنمي شحنهم ضد الإسلام، وأنهم أصبحوا يكرهون هذا الدين وأصحابه دون أن يسبب لهم أي شيء، ومن دون أن يعرفوه، فيذهب عنهم الغم والتخدير فيرن الحقيقة الساطعة فيقبلون عليه أفواجا أفواجا فينقلب سحر بوش والصهاينة على السحرة المحافظين الجدد واليهود. + الحرية الدينية تعني المسيحية فقط إن معجزة دمية من هذا القبيل لا تُعجز الله في شيء، لكن عصر المعجزات ولى، والله ليس بحاجة إلى إيمان هؤلاء مهما تجبروا حتى يجعل لهم معجزة في دمية تتكلم، لأنهم لن يعجزوه هم أنفسهم في شيء. فحادثة الدمية تعكس مرحلة الحقد الدفين المتقدمة جدا في التعفن التي بلغها المجتمع الأمريكي، ومدى عدوانيته المعلنة رغم شعارات الحرية التي يتغنى بها. فهل يمنع القانون الأمريكي إنتاج لعب أطفال تروج لديانات موجودة في أمريكا هذا افترضنا جدلا أن الدمية كانت تقول ما اتهمت بقوله. فلماذا تسحب الدمية من الأسواق أصلا، في دولة شعارها حرية التجارة وحرية المبادرة، وحرية التدين وحرية المعتقد وحرية التنقل و.. المفروض أن يمتنع المسيحيون عن اقتنائها، لأنهم أحرار في ذلك فيقتنيها المسلمون لأولادهم وما أكثرهم في أمريكا، أم أن الحرية الدينية الأمريكيةالجديدة تقتضي أن يقتني المسلمون لأولادهم ما يروج للمسيحية، حتى تكون الأمور سليمة، ومنسجمة مع قوانين الجمهورية، وإلا فما دون ذلك يكون مناف للحرية؟. والحقيقة التي تخيف الأمريكيين هي أن الإسلام حقا نور يهدي إلى سواء السبيل وإلى النجاة في الدنيا والآخرة سواء قالته الدمية أم لم تقله، وسواء سمعه الأولياء يقينا أو تهيأ لهم. وسحب الدمية من التداول لن يغير هذه الحقيقة، ولن يطفئ هذا النور، ولن يمنع الأمريكيين أو أبناءهم من اكتشاف هذه الحقيقة وإتباع هذا النور إن هم أرادوا أن يمشوا فيه. حادثة دمية فيشر برايس ورغم ما فيها من طرافة فإنها تعري جانبا كبيرا من تفاهة أمة تقدم على أنها من أكبر الأمم، وهشاشة حضارة تقدم على أنها أقوى حضارات العصر. لأنها خافت من دمية بلاستيكية أن تحطم كبرياءها، وهكذا تنتهي الأمم عندما تصبح ترى العداء في كل من حولها، وهكذا يعيش الظالم متوجسا من ظهور الحق. فبالحق صدحت الدمية وإن كان نتاج عطب.