تغرق السوق الجزائرية أنواع مختلفة من الرضاعات البلاستيكية التي اعتبرتها نتائج دراسة كندية حديثة خطيرة على صحة الرضع، وقررت بموجبها السلطات الكندية توقيف تصنيعها وبيعها لاحتوائها على مادة ''البيسفينول أ''، وعلى عكس الدول الأوربية التي ستحذو حذو كندا لا زالت المعلومة أو نتائج الدراسة مجهولة لدى الأطباء والصيادلة الجزائريين، الذي أكدوا جميعا من الناحية العلمية مخاطر وجود هذه المادة في الرضاعات والقارورات والعلب البلاستيكية الموجهة للاستعمال الغذائي. مقابل نفيهم لاحتمال سحبها من السوق الوطنية أو حتى وقف استيرادها، فيم شكك بعض الصيادلة في صحة الدراسة معتبرينها نوعا من الأسلحة المستعملة في الحرب التجارية بين المنتجين مرجحين احتمال أن تكون إشاعة لا غير أطلقها مصنع ما للرضاعات حتى تخلو له السوق لتسويق منتوج جديد ربما أثارت نتائج الدراسة ردود أفعال متباينة ففي الوقت الذي تحركت فيه كندا لوضع حد لوجود هذه المادة المضرة بالصحة والمشوشة لوظيفة الغدد في جسم الإنسان وتلتها كل من الولايات لمتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوربي، لم تتحرك الجهات المعنية بالجزائر وكأن الرضاعات البلاستيكية المستعملة بالجزائر آمنة وخالية من ''البيسفينول أ''، حيث عبر لنا أحد الأطباء المختصين في طب الأطفال بمستشفى لمين دباغين (مايو سابقا) أن جميع من درس الكيمياء أو البيولوجيا يعرف حقيقة الآثار السلبية لوجود هذه المادة في الرضاعات أو القارورات أو العلب الموجهة للاستعمال الغذائي أو تعبئة المواد الغذائية أو المشروبات كعلب المشروبات الغازية مثلا، إلا أننا كاختصاصيين في طب الأطفال لا يسعنا سوى أن ننصح الأهل باستعمال الرضاعات الزجاجية وهذا بتناسينا جميعا مخاطر هذه المادة وإنما من باب تفادي الإصابات الجرثومية بحكم قدرة البلاستيك على الاحتفاظ بالجراثيم حتى مع استعمال المواد المعقمة أو تنظيفها بالمياه الساخنة،وأضاف ذات الدكتور أن '' البيسفينول أ'' يدخل في تركيب العديد من المواد البلاستيكية الواسعة الاستعمال لدى الجزائريين فلماذا الاهتمام بالتخلص فقط من الرضاعات. تنقلت ''الحوار'' بين صيدليات العاصمة ومحلات بيع ملابس وأدوات الرضع، وبين مصلحتي طب الأطفال بمستشفى لمين دباغين ومستشفى مصطفى باشا ومصلحة المواليد الجدد على مستوى قسم الولادة وأمراض النساء على مستوى هذا الأخير، واستطلعت آراء الأخصائيين حول مخاطر ''البيسفينول أ'' وكيفية حماية الرضع من التعرض لها، ولمست ابتعاد غالبيتهم عن ما يجري في ساحة العلم والتكنولوجيا الدولية وأنهم لا تصلهم أي معلومة من هذا الشكل إذا لم تكن صادرة في إطار بيان رسمي من وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، أو في إطار أيام دراسية تندرج ضمن عملية التكوين المتواصل. مقتنعون لكن متخوفون.. الصيادلة: من سيعوضنا إذا ما تقرر سحبها من السوق؟ عبّر جميع الصيادلة الذين زارتهم ''الحوار'' عن جهلهم للمعلومة التي كنا ننقلها إليهم لأول مرة والمتعلقة بوجود مادة ''البيسفينول أ'' المضرة بالصحة والمصنفة ضمن قائمة المواد المشوشة على وظيفة الغدد بجسم الإنسان في تركيبة الرضاعات بنسبة 90 إلى 95 بالمائة، أنهم يجهلون ما إذا كانت هذه المادة ضارة أم لا وأن مهمتهم تتوقف عند عملية البيع فحسب. انتقد أحد الصيادلة على مستوى شارع عبد الكريم خطابي المحاذي للجامعة المركزية، نتائج الدراسة التي عرضناها عليه، واعتبرها نوع من السلاح الذي تستعمله كبريات الشركات لترويج منتجاتها، فلا أستبعد، أضاف هذا الصيدلي أن تكون شركة ما قد أطلقت هذه الدراسة بالتواطؤ مع جهات معينة للقضاء على بقية المنتجين والتمكن من احتكار السوق بإطلاق منتوج جديد تدعي أنه خال من مادة ''البيسفينول أ". من جهتها، أوضحت لنا صيدلية أخرى بباب الواد بالقرب من المستشفى أن هذه المادة مضرة بالصحة وأنها خلال مشوارها الدراسي كانت قد أجرت بحثا عن مضارها وهي على اقتناع تام أن ''البيسفينول أ'' الموجود في بلاستيك الرضاعات ستكون له تأثيرات ومضاعفات مستقبلية خطيرة على الأطفال، حيث يعتبر من المواد الكيميائية الصناعية أو ما يعرف في المجال الصناعي ب ''البوليكاربونات''، وأوضحت أن هذه المادة تدخل في صناعة مختلف المواد البلاستيكية الصلبة سواء الشفافة أو الملونة وكذا الأغلفة الداخلية لعلب الألمنيوم للمشروبات الغازية من نوع ''كانات'' وكذا على الأغذية المعلبة الأخرى كصفائح الأسماك والبقوليات وغيرها. وتكون حدة التأثر بهذه المادة كبيرة لدى الفئة العمرية الأقل من 18 شهرا، حسب ما أوضحته هذه الصيدلية. أبدى بقية الصيادلة الذين تنقلت لهم ''الحوار'' تخوفهم من أن تحذو الجزائر حذو الدول التي قررت توقيف إنتاج وتسويق الرضاعات المصنوعة التي يثبت وجود مادة ''البيسفينول أ'' في تركيبتها، حيث قال لنا أحدهم وبصريح العبارة ، من سيعوضنا عن هذه المنتجات التي سنتخلص منها حينها بما أنها لا تندرج ضمن النشاط الصيدلاني خاصة وأنها صارت تباع حتى لدى محلات بيع العقاقير بعدما كانت تباع فقط في الصيدليات ومحلات بيع ملابس وأدوات الرضع. وعلى عكس هذا الرأي الغريب، كشف لنا أحد الصيادلة بباب الواد الذي حاولنا الحصول من عنده على معلومات حول هذه المادة، أنه لا يبيع أي منتوج آخر في محله سوى الأدوية، وهو ما لاحظناه بالفعل، حيث اختفت المواد شبه الصيدلانية من واجهة محله والرفوف الداخلية أيضا حسب ما تعودنا على رؤيتها لدى الصيدليات، وعلل ذلك قائلا أن الصيدلي لا يجب أن يخرج عن مهنته الرئيسية في بيع الأدوية وإرشاد المستهلك إلى كيفية استعمالها بطريقة آمنة وسليمة، وإذا قام ببيع منتوجات أخرى فإنه سيخرج بذلك عن مهمته الأساسية. وقال هذا الصيدلي أن هذه المنتجات التي تحتوي على ''البيسفينول أ'' يجب فعلا أن تسحب من التداول وأن الصحة العمومية أولى من كل اعتبار فالأهم هو الحفاظ على صحة المواطنين، وعلى الصيادلة أن يلعبوا الدور التوعوي والوقائي فمن واجبهم أن ينصحوا ويوجهوا الأمهات والآباء إلى عدم اقتناء الرضاعات البلاستيكية وتعويضها بالرضاعات الزجاجية لأنها أأمن على صحة أبنائهم وأكثر قدرة على حماية الحليب من التعرض للتلف السريع. وأوضح صيدلي آخر أن الأمهات تطلبن بكثرة الرضاعات البلاستيكية الصنع باعتبار أنها عملية ولذلك لسهولة حملها حتى وهي ممتلئة بالكامل كما أنها لا تشكل خطرا في حال سقوطها أرضا فلا تنكسر مسببة حوادث سواء للأم أو الرضيع معا. تبعن صحة أبنائهن بأقل من 500 دينار الجزائريات تؤكدن افتقادهن لثقافة اختيار الرضاعات تعرض محلات بيع ملابس الأطفال وأدوات الرضع هي الأخرى نفس هذه المنتجات فكما قال لنا أحد الباعة بشارع بلوزداد، السلع الخاصة بالمواليد الجدد والرضع الموجودة بمحلاتنا هي نفسها التي نجدها بالصيدليات فالسلع المستوردة تغرق السوق الوطنية في ظل غياب المنافسة المحلية، وحتى الأسعار هي نفسها. حيث ذكر صاحب المحل أن غالبية الزبونات تأتين في الأشهر الأخيرة من الحمل لاقتناء الجهاز الخاص بالمولود، فنلاحظ أنهن تفتقدن لثقافة اختيار الرضاعات حيث تحتار الواحدة منهن في الاختبار وهي تجد أنواعا عدة من الرضاعات بأحجام وأنواع مختلفة، فكل ما تطلبنه هو الألمانية الصنع فقط لأن إحدى صديقاتها أوصتها بها أو لأنها سمعت عن الخبرة الألمانية في هذا المجال، ثم تعود لتطلب مشورتنا ومساعدتنا. وفي هذا الصدد أكدت لنا إحدى السيدات أن المرأة الجزائرية تفتقر لثقافة اختيار أدوات الرضيع، وأضافت أن اللوم لا يقع على عاتقهن فهن ضحايا إذا أمكن الوصف، فمن واجب وزارة الأسرة أن تنظم حملات توعية على غرار حملات الرضاعة الطبيعية التي تنظمها وزارة الصحة، فهناك من النساء من تحاول المحافظة على مستوى غذائي جيد لمولودها فتقدم له الحليب الاصطناعي إلى جانب الحليب الطبيعي لضمان نموه الجيد، لذا تجد نفسها مضطرة إلى اقتناء رضاعة فتحتار أي نوع تختار الزجاجية أو البلاستيكية لينتهي بها المطاف باقتناء البلاستيكية لعدة اعتبارات أهمها انعدام مخاطر استعمالها حتى وإن تركت بيد الرضيع. تتراوح أسعار الرضاعات حسب ما لاحظناه في تنقلنا بين الصيدليات ومحلات بيع ملابس الأطفال وملابس الرضع بالعاصمة ، ما بين 280 و 500 دينار كأقصى تقدير، وهناك ما وجدناها تباع بسعر 140 دينار لدى محلات بيع العقاقير أو ما يصطلح عليه بالعامية ب (المزابي)، أو حتى لدى محلات بيع المواد الغذائية العامة. وعلّق ذات البائع قائلا في نفس السياق، إن الجزائريات أصبحت تبعن ومن دون وعي صحة أبنائهن بأقل من 500 دينار، وجاء تعليقه هذا بعد إطلاعنا إياه بمخاطر مادة ''البيسفينول أ'' التي تدخل في تركيب الرضاعات البلاستيكية. يجب تجنب استعمالها.. الأطباء ينصحون باقتناء الرضاعات الزجاجية أوصى أخصائيو طب الأطفال في كل من مستشفى الأمين دباغين ومصطفى باشا باستعمال الرضاعات الزجاجية بدلا من البلاستيكية، وأكد لنا جميعهم أنهم حتى وقبل أن يعلموا بنتائج الدراسة المتعلقة بوجود مادة ''البيسفينول أ'' في تركيبة النوع البلاستيكي تبقى نصيحتهم الأولى والأخيرة للنساء المرضعات بتفادي قدر المستطاع تقديم الحليب ومختلف أنواع السوائل الأخرى كالماء أو العصائر في الرضاعات البلاستيكية والسبب معروف، حسب الدكتورة خصال التي أفادتنا أن بعض الأمهات تتسببن في انتقال الجراثيم إلى أطفالهن من الرضع عن غير وعي بتصرفات بسيطة، حيث يمكنها أن تهمل التنظيف الجيد للرضاعة البلاستيكية من الداخل فتبقى بعض بقايا الحليب ملتصقة في الأسفل فتتفاعل بكتيريا الحليب مع تلك الحرة في الجو مشكلة جراثيم قد تكون في بعض الأحيان جد ضارة على معدة الرضيع وجهازه المناعي الضعيف الذي لم يتقوى بعد، فتظهر أحيانا على بعض الرضع أعراض الإصابات الجرثومية كالتقيؤ والحمى والإسهال والسبب في ذلك ما ذكرناه، واصلت الدكتورة خصال، مشيرة إلى أنه يمكن وبكل سهولة تفاديها إذا ما استعملت الرضاعات الزجاجية لأن الزجاج يتمتع بخاصية سرعة تنظيفه وعدم احتفاظه أو توفيره الجو الملائم لتكاثر البكتيريا والجراثيم. وأضافت محدثتنا، أما ومع ظهور هذه الدراسة المحذرة من مخاطر مادة ''البيسفينول أ'' ما يسعنا سوى أن نوعي الأمهات أكثر، وراحت توضح أن من بين المخاطر الأساسية التي قد يسببها تفاعل هذه المادة مع الحليب أو السوائل التي يتناولها الرضيع، بحيث يعد ''البيسفينول أ'' مادة مشوشة على عمل الغدد بجسم الإنسان ويزيد تأثيره كلما كان سن المتأثر به صغيرا خاصة لدى الأطفال الرضع أن هذه المادة تزيد حدة تفاعلها مع السوائل المحتوية على الأحماض كالعصائر والحليب والمواد المحتوية على الدهون بكثرة، فتتسبب في الإصابات السرطانية، وتؤثر على الوظيفة الطبيعية للعديد من الغدد فقد تتسبب في الإصابة بداء السكري أيضا انطلاقا من اختلال وظيفة البنكرياس.