قرأت في إحدى الصحف الوطنية الصادرة أمس، أن مجموعة من المثقفين بصدد التحضير لبيان مساندة للدكتور أمين الزاوي الذي أقيل مؤخرا من منصبه كمدير عام المكتبة الوطنية لعدة أسباب. والحقيقة أن الوصاية عندما تقرر إقالة أي مسؤول لا تتراجع عن قرارها ببيان يوقعه المثقفون، لسبب بسيط هو أن تأثير المثقفين في القرار جد متواضع، وأن مكانة المثقف في السلطة محل نقاش وجدال طويل وعريض، خلاصته أنها مكانة " هزيلة ". القضية بالنسبة إلي هو أن الدكتور أمين زاوي سواء أقيل بسبب بن شيكو، أو بسبب أدونيس، أو بسبب علاقته السيئة مع وزير الثقافة خليدة تومي، يبقى في تاريخ الجزائر الرجل الذي حرك النشاط الثقافي ، وجعل المكتبة الوطنية قبلة للمثقفين، وملتقى ثقافي كبير، سواء أكان في شكل " مقاهي أدبية أو فلسفية " أو محاضرات وندوات وأيام دراسية أو مناظرات أو حتى نشاطه المميز خلال الجزائر عاصمة الثقافة العربية ، وغيرها. ولولا " الهم " الثقافي الذي يحمله هذا المثقف الكبير ما كان ممكنا له أن يفعل ما فعل. وأعتقد أن الدكتور أمين الزاوي كان له دور كبير في تنظيم وتنشيط مناظرة تاريخية في الجزائر ، تسجل في تاريخ المكتبة الوطنية ، بين كاتب جزائري وسعادة السفير الأمريكي السابق روبرت فورد حول موضوع " الصليبية الأمريكية وعهد حرب الحضارات " ، بحضور أزيد من ألف شخصية ثقافية وإعلامية جزائرية. المناصب دول بين الأشخاص، المشكلة الآن أن المثقفين الجزائريين لا يرضون بخلف للدكتور أمين الزاوي يحيل ذلك الصرح الثقافي إلى أطلال، يتمنون أن تأتي الوزارة الوصية بأحسن من أمين الزاوي وإلا .. لا. قد نختلف مع الدكتور أمين الزاوي في كل شيء، لكن مكتسباته في المكتبة الوطنية لا يمكن أن نختلف عليها. والذي يعين في المناصب، من حقه التعيين ومن حقه الخلع. وقد أقيل الزاوي من منصبه من قبل من عينوه. لكنه يبقى المدير الذي ترك بصمات واضحة للجميع، فهو اليوم فقط بدون وثيقة شكلية تحمل إسم " مدير المكتبة الوطنية " ، لكن شهادة الدكتوراه لا يتصدق بها أحد على أحد، ولا ينزعها أي مسؤول بقرار من أحد ، ورصيده الثقافي ليس صدقة من أحد، إنها عصارة عقل مبدع خلاق ، والزاوي الروائي والكاتب وصاحب الجواهر الإذاعية يبقى أمين الزاوي الحقيقي الذي يحتاج إليه المثقفون دوما.