جاء تكريم بلدية سيدي امحمد الذي خُصّ به الكاتب الروائي الأمين الزاوي، في أوانه، فقد أعاد الاعتبار للرجل الذي ظلم وبخس حقه عندما أقيل من منصبه كمدير للمكتبة الوطنية· فكم لنا من أدباء ومثقفين من حجم الأمين الزاوي، ليس لأنه يحسن الكتابة باللغتين فحسب، أو أنه غزير الإنتاج، بل لأنه الوحيد الذي أعطى المكتبة الوطنية حجمها وجعلها فضاء للثقافة والفكر، ونشط الحياة الثقافية ببرمجة العديد من الندوات الفكرية والثقافية، ويكفي أن سهرات رمضان السنة الماضية كانت حافلة بالمحاضرات الفكرية والأمسيات الشعرية، بينما تغط المكتبة بفضاءاتها الرحبة وهياكلها رمضان هذا العام في نوم عميق، وحرم روادها والقراء من المحاضرات التي كان ينشطها مفكرون من حجم محمد حربي··· كان لا بد من قول كلمة حق في هذا الرجل الذي ظلمته الوزيرة الديمقراطية، التي من المفروض أنها تدعم وتحافظ على ما بقي لنا من مثقفين، ممن نجوا من سيف الإرهاب، أو لم يهاجروا إلى الخارج، بعد أن جرف نزيف الهجرة كل طاقاتنا الفكرية، هذا دون الحديث عن الذين همشهم الإقصاء والغيرة والحسد··· قد نختلف مع الأمين الزاوي في خياراته وتوجهاته الفكرية أو السياسية، أو حتى الجهوية ما دام منطق الجهوية هو المتحكم في البلاد، لكن لا أحد ينكر أنه مثقف من الطراز النادر وحداثي من الحداثيين المعتزين بانتمائهم إلى مدرسة أبي العلاء المعري وابن حزم الأندلسي مثلما قال في كلمته في حفل التكريم، فالحداثة عنده تواصل بين الماضي والحاضر، وتفتح على اللغات والفكر الإنساني، وليس الانسلاخ والكفر بالإرث الذي قدمه العرب للإنسانية· ربما لأن الأمين الزاوي يستحق أكبر من منصب مدير مكتبة!؟