العدوان العسكري على غزة، خطة عسكرية وضعت في طور الاستعداد لتنفيذ أخطر فصل من فصول البرنامج السياسي الذي وضعته حكومة إيهود أولمرت وضمنت له امتدادا إقليميا واسعا في منطقة الشرق الأوسط.. لا تعطله الرغبة الكاذبة لتفعيل تطلعات مؤتمر "أنابوليس".. فإسرائيل وضعت "إستراتيجية" هدفها إعادة رسم وتكوين خارطة القوى السياسية الفلسطينية وتقليم أضافرها وجعلها دائما في نطاق السيطرة الإسرائيلية، والقضاء على نفوذ حركة حماس وتجريد كتائب المقاومة من قدراتها القتالية.. وإنهاء دور حكومة إسماعيل هنية غير الشرعية في غزة المنفصلة عن سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني.. قبل البدء بمفاوضات الوضع النهائي التي دعا اليها مؤتمر "أنابوليس" ويتمسك بها الرئيس جورج بوش كحل نهائي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.. وفلسفة الرفض الإسرائيلي لأي حق عربي مشروع، هي فلسفة المتعالي على الحق الإنساني العادل في موازنات الحياة المتنوعة بأجناسها البشرية، والرافض لمنطق السلام الحقيقي القابل للحياة في أرض الواقع الذي يعاني من اهتزازات أمنية قلقة، وغير الملتزم بالمعاهدات والمواثيق التي صادق عليها في احتفال دبلوماسي سوق بحرفية إعلامية مؤثرة الى الرأي العام العالمي. إيهود أولمرت بدأ فعليا برنامجه العدواني قبل دخول توصيات "أنابوليس" حيز التطبيق وإبداء النوايا الحسنة في تنفيذها، ومصادقة النظام الرسمي العربي على آخر التنازلات الممكنة في تفاصيل الصراع العربي-الإسرائيلي، وإزالته لكل الحواجز النفسية التي تعترض الاعتراف بإسرائيل دولة آمنة في العالم العربي. وستكون غزة المحاصرة أول مسرح لجرائمه العدوانية التي ترتكب بعد فض جلسات احتفالية "أنابوليس" دون مبرّر يمكن الاستناد عليه في تنفيذ عمل عسكري يفسر دائما في العرف الإسرائيلي-الأمريكي بأنه دفاع عن النفس. وإنقاذ الآسير "جلعاد شاليت" لم يعد مبررا يستحق تسويق إستراتيجية عدوانية واسعة النطاق تعيد احتلال قطاع غزة وقطع صلته نهائيا بالسيادة الفلسطينية المتضائلة في جغرافية الحكم الذاتي، فالحجة هي القضاء "بؤر إرهابية تهدد أمن اسرائيل" حتى وان اطلق سراح "جلعاد" الذي يحظى الآن بقواعد الكرم العربي في معاملة الأسرى. عدوان إيهود أولمرت المرتقب على الأبواب، وقطعانه العسكرية الملتفة حول قطاع غزة لن تعود قبل انجاز جريمتها، أمام أنظار العرب المتفائلين بوعود الرئيس جورج بوش في "إقامة دولة فلسطين" الذي صمم تراجيديا الموسم.