دق خبراء ومختصون في الصحة العقلية ناقوس الخطر بسبب تفشي ظاهرة الانتحار في أوساط الأطفال والمراهقين، حيث دعا هؤلاء إلى ضرورة الإسراع في إنشاء شبكة تهتم بدراسة و تشريح حالات الانتحار التي هي في تزايد مستمر رفيقة /ب ففي السنوات الأخيرة تفشت ظاهرة الانتحار بشكل كبير بين أوساط الأطفال والمراهقين حيث سجلت ارتفاعا ملحوظا خلال سنة 2007 مقارنة ب 2006 وقدرت هذه الزيادة حسب مصالح الدرك الوطني ب 64 حالة، أما خلال الثلاثي الأول من هذه السنة فقد سجلت ذات المصالح 17حالة انتحار و27 محاولة انتحار مست الفئة ما بين 18 و30 سنة • فبالإضافة إلى مختلف الآفات التي تفتك بهذه الشريحة من المجتمع من مخدرات وجرائم وغيرها لم يسلم هؤلاء الأطفال والمراهقين من ظاهرة ينبذها ويحرمها ديننا الحنيف ألا وهي الانتحار، حيث لم يعد هذه الآفة تقتصر على فئة معينة بل أصبحت تمس جميع الفئات العمرية، وساعد على انتشار هذه الآفة ظروف مختلفة دفعت بأبرياء إلى ارتكاب أفظع جريمة في حق أنفسهم و في حق المجتمع، والانتشار الكبير لهذه الظاهرة هو دليل على وجود خلل ما رمى بهذه البراءة في جحيم الضياع وألقى بها في طريق الانتحار للتخلص مما ينغص عليها معيشتها في ظل غياب تكفل حقيقي بها. ثلاثة هياكل على المستوى الوطني لا تكفي تنعدم في الجزائر هيئة خاصة في هذا المجال، وهو الأمر الذي أعابه مختصون مؤكدين أن ذلك يزيد من تفاقم الوضع وتعقيده أكثر مما هو عليه، فعدم استفادة المريض من تكفل وعلاج مناسب في حالة الانهيار العصبي يدفع به إلى ارتكاب جريمة بشعة ويصل إلى المرحلة النهائية من هذه الحالة وهي الانتحار • وفي ذات السياق تجدر الإشارة إلى أن الجزائر لا تملك سوى ثلاثة هياكل متخصصة في هذا المجال أحدها في الوسط والثاني في الشرق والثالث في الغرب وهي غير كافية لاستيعاب الطلبات الكبيرة عليها حيث أن الحصول على موعد فيها يتطلب الانتظار لمدة 5 أو 6 أشهر، وعليه فالعملية تأخذ وقتا طويلا• لذا، فإنشاء مراكز جوارية متخصصة أصبحت ضرورة ملحة نظرا للحالة الحرجة التي يتواجد عليها هؤلاء الشباب سجلت مصالح الشرطة خلال سنتي 2006 و2007 حالات انتحار في أوساط الأطفال بلغت 16 حالة إلى جانب 114 محاولة انتحار في أوساط صغار لا تتجاوز أعمارهم 18 سنة وتحتل الفتيات صدارة المقبلين على الانتحار، ولعل أهم أسباب هذه الظاهرة - حسب مصالح الدرك الوطني - هو الإخفاق المدرسي بدرجة أكبر لأن حالات الانتحار تلك تسجل في نهاية السنة الدراسية بالإضافة إلى المشاكل العائلية والضغط الاجتماعي الذي يعيشه هؤلاء الصغار، كما هناك ظروف تدفع بهؤلاء إلى القيام بهذا السلوك الخطير كالحالات النفسية الصعبة• من جهة أخرى أكد مختص في الصحة العقلية أن الانتحار حالة مرضية أيضا يمكن علاجها وهي ليست مرتبطة بالضرورة بالواقع الاجتماعي والاقتصادي للفرد• وسائل مروعة تستعمل للانتحار أصبح الأطفال والمراهقون المقبلين على الانتحار يتفنون في استعمال وسائل تقشعر لسماعها الأبدان، حيث أصبح الشنق وسيلة قديمة وتقتصر نوعا ما على ولايات الوطن الداخلية، بينما سجلت حالات على مستوى المستشفيات باستعمال الأسلحة النارية وكذا الخنجر كما هو الحال بالنسبة لشاب أقدم على إدخال الخنجر في رقبته إلى أن فقد الحياة، هي طريقة مروعة تؤكد حالة اللاوعي التي يكون عليها المنتحر لدرجة أنه لا يشعر بالألم الذي يتسبب فيه ذلك الخنجر • بالإضافة إلى طرق أخرى لا تقل قساوة كالارتماء من البنايات والجسور وبواسطة الأسلاك الكهربائية وغيرها من الوسائل • وبالرغم من هذه الإحصائيات التي تكشف عنها مصالح مختلفة من الوطن إلا أن الانتحار مازال من الطابوهات في مجتمعنا التي يتستر عليها، فالأولياء يخفون الحقائق المتعلقة بانتحار أبنائهم، والواقع يتطلب الإسراع في إيجاد حلول لهذه الوضعية وذلك بمنح المختصين في المجال - حسب ما أكده خبراء -الإمكانيات اللازمة للتصدي لهذه الظاهرة التي تقضي على مراهقين في زهرة الشباب وذلك بالاستماع لانشغالاتهم وإعطائهم الاهتمام اللازم تجنبا للوصول إلى مرحلة الانتحار•