نطقت أمس، محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء وهران بأحكام تقضي بإدانة ثلاثة إرهابيين من رفقاء الانتحاري "بلزرق الهواري" الذي حاول اغتيال رئيس الجمهورية بباتنة، ب 7 سنوات سجنا نافذا فيما تمّت تبرئة ساحة 5 آخرين، وكانت التهم المنسوبة إليهم، الانخراط في جماعة إرهابية مسلّحة وتمويل وتشجيع وتقديم الدعم والمساندة لجماعات إرهابية مسلّحة، وعدم الإبلاغ عن جناية. كشفت تصريحات المتورّطين لدى مصالح الضبطية القضائية عن حقائق مثيرة حول نشاط الجماعات الإرهابية في تجنيد الشباب وتوفير الدعم اللوجيسيتكي، فيما تمّ الكشف عن مخيّم صيفي تمّ تنظيمه الصائفة الماضية بشاطئ بني صاف والذي اجتمع به إرهابيون على مستوى الجهة كان من بينهم الانتحاري "بلزرق الهواري"، الذي تدرّب هناك. وقد كشفت هذه المحاكمة المعنية بقضيّة المساس بأمن الدولة والمتميّزة بكونها تخصّ رفقاء الانتحاري بلزرق الهواري المدعو "أبو المقداد اليمني" الذي حاول استهدف موكب رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بحزام ناسف في سبتمبر من سنة 2007، والذي خلّف 22 قتيلا وعددا من الجرحى، عن مخطّطات إجرامية كانت تهدف بالدرجة الأولى إلى تجنيد الشباب والحرص على انخراطهم في صفوف الجماعات الإرهابية المسلّحة، من خلال جملة من الاتصالات والعمل الميداني على مستوى المساجد والمصليّات. كما ورد حسب حيثيات القضيّة واستنادا إلى التصريحات التي أدلى بها المتّهمون لدى مصالح الضبطية القضائية، أنّ الانتحاري كان يتردّد على مسجد زين العابدين ومسجد ابن تيمية ومسجد الهداية وكانت له علاقات مع مجموعة من الشباب المتديّن، وقد تمّ في شهر ديسمبر من العام الماضي، توقيف 8 أشخاص في العشرينيات والثلاثينيات من العمر يقيمون بحيّ ليسكور حيث يتواجد مصلّى ابن تيمية، وضبط بحوزة اثنين منهم بن بشير حمزة وصدوقي محمد الأمين مجموعة من المعدّات العسكرية تتمثّل في منظار ليلي عسكري، بوصلة خريطة الجزائر، شريط لاصق من الحجم الكبير يخصّص للفّ القنابل وهواتف نقّالة وكتب دينية وأقراص مضغوطة صرّح صاحباها أنّها للمتاجرة ولا علاقة لها بأعمال إرهابية. وقد أدانت هيئة محكمة الجنايات ثلاثة متّهمين هم، حمدان الجيلالي، صدوقي محمد الأمين وبن بشير حمزة، بعقوبة 7 سنوات سجنا نافذا بالتهم المذكورة وبحكم علاقتهم بالجماعة الإرهابية التي تنشط تحت تسمية كتيبة الموت الناشطة بتبسة وولايات من الشرق والتي كان الانتحاري بلزرق الهواري البالغ من العمر 20 سنة، ينتمي إليها، وبرّأت ذات الهيئة، ساحة المتّهمين الخمسة الآخرين من التهم المذكورة، وقد ورد في قرار الإحالة أنّ الإرهابي المدعو "أمالو سمير" الذي يعدّ أمير كتيبة الموت تحت إمرة الجماعة السلفية للدعوة والقتال، كان إماما بمصلّى ابن تيمية بحي ليسكور المتواجد بالبلاطو بوهران. وقد باشرت مصالح الشرطة القضائية ومصالح الأمن المخابراتي تحرّيات معمّقة عن العلاقات التي كانت تربط الانتحاري بلزرق الهواري بأشخاص من وهران، كونه كان يقيم بحيّ مديوني الشعبي، حيث أسفرت هذه التحرّيات إلى تحديد نشاط الانتحاري الذي كان يتردّد على مصلّى ابن تيمية بحيّ ليسكور ومسجد زين العابدين بحيّ "سان بيار" ومسجد الهداية، حيث كانت له علاقات مع إرهابيين لا يزالون في حالة فرار وهم أمالو سمير، حمدان خالد، محكوكة محمد الأمين المكنى محمد المصري، وجواد أحمد، ليتّم إلقاء القبض على المتّهمين الماثلين أمام العدالة، أوّلهم صدوقي محمد الأمين المكنّى "أبو معاذ" الذي تمّ توقيفه بمحطّة نقل المسافرين بمسرغين حين كان متوجّها إلى ولاية سطيف وبحوزته مبلغ 6 ملايين سنتيم. وورد في قرار الإحالة أنّه كان متوجّها إلى تبّسة حيث تتواجد معاقل الجماعات الإرهابية، ومن خلال التصريحات التي أدلى بها تمّ إلقاء القبض على البقيّة منهم تائب يدعى حمدان الجيلالي وهو طالب جامعي بالسنة أولى حقوق وشقيق الإرهابي المتواجد في حالة فرار، حمدان خالد، وسبق له أن استفاد من تدابير المصالحة الوطنية عقب توقيفه في قضيّة لها علاقة بالإرهاب في سنة 2006 وقد صرّح لدى مصالح الضبطية القضائية أنّه تعرّف على الإرهابي "أمالو سمير" بسجن سركاجي وكان على اتّصال به وبالمتّهم بن بشير حمزة بعد خروجه من السجن، إذ كان يطلب منه تجنيد الشباب في صفوف الجماعات الإرهابية. أمّا بالنسبة للمتّهم بن بشير حمزة، فقد صرّح أنّه كان يعمل كسائق "كلوندستان" على متن سيّارته من نوع "فولسفاكن"، وقد طلب منه نقل المتّهمين إلى مخيّم صيفي بشاطئ بني صاف بولاية عين تموشنت، لعقد اجتماع جهوي للإرهابيين، حيث صرّح أنّ بلزرق الهواري كان يتدرّب هناك وأنّه لم تكن له علاقات معه، مضيفا أنّه قضى الليلة في خيمة بات فيها برفقة كلّ من "أمالو سمير" وحمدان الجيلالي وشقيقه حمدان خالد، كما تمّ توقيف المتّهم مصمودي محمد المدعو بن عودة وهو صاحب مخبزة على مستوى حي الصايم كان يشتغل بها كلّ من الأخوان حمدان، وقد تبيّن أنّ هذا المتّهم كان يقوم بتعبئة دورية لرصيد هاتف الإرهابي أمالو سمير عن طريق خدمة "الفليكسي" إضافة إلى تحويل مبالغ مالية للجماعات الإرهابية بالشرق. وقامت مصالح الأمن كذلك بتوقيف المتّهم سرير سفيان المكنّى ب "أبو حاتم" الذي سافر بطريقة غير شرعية إلى العراق بعد دخوله إلى سوريا في جوان 2007، بعد تعرّفه على شخص يدعى مراد من ولاية سيدي بلعباس والذي عرض عليه فكرة الذهاب إلى العراق للجهاد مع تكفّله بتسهيل مروره عبر الحدود حسب ما صرّح به لدى مصالح الضبطية القضائية والذي تمّ الاتصال به عن طريق حمدان الجيلالي بإيعاز من أمير كتيبة الموت أمالو سمير الذي طلب منه تجنيد الشباب، والاستفادة من خبراته العسكرية التي اكتسبها في العراق. ويجدر بالذكر أنّ النيابة العامّة التمست استنادا إلى الوقائع المذكورة وتصريحات المتّهمين تسليط عقوبة 20 سنة سجنا نافذا على أربعة متّهمين، و10 سنوات سجنا نافذا لمصمودي محمد و5 سنوات لثلاثة متّهمين آخرين. وللتذكير فإنّ قضيّة أخرى لها علاقة بالانتحاري بلزرق الهواري، تمّ الفصل فيها من قبل نفس المحكمة في شهر جويلية الفارط.