تقاطعت تحاليل عدد من الخبراء عند التأكيد بأن الجزائر تبقى في الفترة الحالية وعلى مدار ثلاث سنوات على الأقل بعيدة عن تداعيات الأزمة المالية العالمية، حيث أرجع هؤلاء ذلك إلى الارتفاع المستمر لأرصدة صناديق تنظيم الإيرادات إلى جانب كون نظامها المالي منفصل عن الساحة المالية الدولية، لكن مع ذلك فإن عبد اللطيف بن أشنهو قد أكد أن استمرار تراجع أسعار النفط قد يؤثر على الاقتصاد الوطني بعد سنوات. اعتبر الخبراء المشاركون في لقاء متبوع بنقاش حول تداعيات الأزمة المالية على الاقتصاد الوطني الذي نظم سهرة يوم الأربعاء الماضي، أن الجزائر ستكون بمنأى عن الآثار السلبية للأزمة العالمية المالية المسجلة منذ صيف 2007. وفي هذا الصدد أكد الخبير في الاقتصاد ووزير المالية السابق عبد اللطيف بن أشنهو الذي ترأس النقاش الذي ميز هذا اللقاء المنظم برعاية منتدى رؤساء المؤسسات، أن الجزائر قد تمكنت من "اكتساب قدرة تسديد ديونها الخارجية لغاية 2015" بفضل الارتفاع المستمر لأرصدة صناديق تنظيم الإيرادات التي تبلغ حاليا 4200 مليار دج (حوالي 60 مليار دولار) واحتياطات الصرف التي بلغت من جانبها 135 مليار دولار في أواخر شهر أكتوبر والتي تسمح بتغطية أربع سنوات من الواردات. وأضاف بن أشنهو أن انخفاض الديون الخارجية قد ساعد كذلك على تعزيز القدرة على تسديد الديون الخارجية التي بفضلها توجد الجزائر حاليا "بعيدة عن ضربة الأزمة"، كما أكد بن أشنهو في هذا الصدد أن التوترات الاقتصادية الدولية الحالية يمكن أن تترجم في الجزائر سيما من خلال التقليص من المداخيل البترولية للبلاد بسبب تراجع الأسعار العالمية للنفط وتراجع "ضئيل" لنسبة الادخار الحالية التي تبلغ 60 بالمائة والتي تعد حصة كبيرة منها ذات طابع عمومي. وأوضح بن أشنهو أنه "على العموم تبقى الجزائر بعيدة عن خطر الأزمة وسيتواصل تمويل الاستثمارات العمومية الرئيسية على الأقل خلال السنوات الثلاثة القادمة وذلك في حالة ما إذا تراجع سعر برميل البترول ل 37 دولار للبرميل الواحد"، وأكد بن أشنهو أنه يرتقب آفاق جيدة بالنسبة للاستثمارات الأجنبية التي تمت مباشرتها في الجزائر أو التي هي في طريق الإنجاز، وأشار قائلا "يقترح المستثمرون الأجانب مشاريع جيدة لتطور في الجزائر ويؤكدون على ذلك و تتوفر البنوك العمومية على سيولة أكثر وأموال نظيفة لتمويل هذه المشاريع". ومن جهته اعتبر الخبير حسين بن يسعد وزير اقتصاد سابق أيضا أن الجزائر تبقى حاليا بعيدة عن هذه التوترات الدولية لكون نظامها المالي "منفصل عن الساحة المالية الدولية" على غرار الأنظمة الاقتصادية الناشئة، ومن أهم نتائج هذه الأزمة التي تأثرت بها الجزائر انخفاض أسعار البترول التي قد تؤثر - حسب بن يسعد- على التمويلات العمومية التي تمت مباشرتها. وقد أيد المدير العام للفرع الجزائري لمجهز السفن الدولي "مايرسك لاينز" لوران بريسون من جهته فكرة المصداقية المالية للجزائر، مشيرا إلى تسجيل استقرار وارتفاع في حجم النقل البحري للبضائع بالجزائر لسنة 2008 مقابل انخفاض نسبته 10 بالمائة من الحجم الإجمالي لنشاطاتها على المستوى العالمي، كما أكد كذلك أن "الجزائر ستكون أكثر جاذبية وإننا نتوقع نموا نسبته 13 بالمئة لنشاطاتنا في هذا البلد سنة 2009". ومن جهة أخرى أشار كل المتدخلون الذين نشطوا هذا النقاش إلى ضرورة أن تشجع الجزائر التمويلات الخاصة والأجنبية وإعطاء حرية أكبر للمتعاملين الاقتصاديين للقطاع الخاص "في إثبات رشاقة عملهم" وتحسين المداخيل خارج المحروقات خصوصا الجبائية منها و كذا تحديد أولويات في مجال أهلية المشاريع التي يمكن تمويلها بهدف الاستفادة إلى حد أقصى من هذه الأزمة.