بسم الله الرحمن الرحيم " الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقونِ يا أولي الألباب". (البقرة:197). كثير من حجاج بيت الله الحرام، وفي زحمة الأحداث ينسون أنفسهم، وينسون أنهم في بيت الله يؤدون واحدا من أعظم المناسك، وأعزها لأنه لا يتاح للجميع. فعادة ما ينزلق هؤلاء إلى سلوكاتهم العادية وتفلت منهم أعصابهم فيتصرفون بطبيعتهم العادية فيفسقون ويجادلون ويرفثون أما الجزائريين وبعض الأجناس فيزيدون على ذلك كيل بعير فينهارون إلى الاشتباكات واللكمات والضرب والاعتداءات والعياذ بالله لأتفه الأسباب. * تتبع عورات الناس فسق فالأخبار الذي تناقلتها الكثير من الوسائط الإعلامية وإن كانت هي الأخرى تدخل ضمن الفسوق والجدال في الحج لأنها تتبع لعورات الناس، تثير الاستغراب والدهشة إذ كيف لأناس يصرفون الملايين ويتحملون المشاق لأداء مناسك الحج، فلا يصبرون شهرا واحدا يمسكون فيه أيديهم وأرجلهم وألسنتهم وأعصابهم حتى يعودون كما ولدتهم أمهاتهم، بحج مبرور ليس له من جزاء إلا الجنة، فيفسدون حجهم ويرتكبون الآثام، ويعودون وعلى عاتقهم اعتداءات على بعضهم أو على الآخرين. لم يفهم الكثير من الناس أن الحج مكلف لكن الله وعدنا بأنه يضاعف المال الذي ينفق في الخير والصدقات، فما بالك بالطاعات والقربات كالحج والنحر، وأن أداء المناسك ليست نزهة في فندق خمس نجوم وإنما سعي واجتهاد ومشقة مأجور، بوعد من المولى، من يتحملهما بإيمان وصبر وثبات، وأن تعظيم شعائر الله من تقوى القلوب، وليست منة يمن بها الشخص على المولى فيتأفف وينزعج من أخيه ويقيم الدنيا ويعتدي إن هو لم يتغد أو لم يجد مكانا يبيت فيه في منى أو يجلس فيه في عرفات. ذلك لأن نهي الله عن هذه المنكرات بنص صريح وواضح، في الأية الكريمة لا خلاف فيه أو تفسيرات متباينة، ولا يتطلب الاجتهاد ولا الذكاء الكبير لفهم كنهه ومعانيه. فطبيعي أن ينفق المسلم الورع المال دون أن يصرخ ويستغيث من الغلاء لأن في ذلك أجر كبير، ومن الطبيعي أن يتعب لأن في ذلك من الحسنات ما لا يحققه في سائر الأيام والعبادات وإن اجتهد، ومن الطبيعي أن تحدث بعض المشاكل والعراقيل فلا يجد الإنسان مكانا أو يأخذ إنسان آخر مكان آخر فالحجيج كثيرون ومتمركزون في مكان واحد إنه الحج الأكبر أو المؤتمر الأكبر فلا ضير أن يصبر الإنسان ثلاثة أو أربعة أيام يجني منها الخير العميم لا يتصوره عقل ولا تدركه الأبصار ولا يعده العادون. إنها تجارة مع الله رابحة على طول الخط فكيف تضيعها بلسانك أو بيدك كمن يوصل اللقمة الشهية إلى فمه ثم يرميها والعياذ بالله. قد تكون طول المدة وضياع الحجاج دون وعض ولا إرشاد ولا دروس هي التي تنسيهم ما هم فيه، وتفقدهم أعصابهم فيذهب الخشوع من قلوبهم ويتلاشى الشوق من أفئدتهم، وتصبح الأمور عادية في عيونهم وهم يترددون على البيت الحرام فيتصرفون وكأنهم في بيوتهم أو خارج نطاق الحج الذي يتطلب سلوكات وتصرفات أكثر روحانية وخشوع والتزاما وتأدبا لأنهها لأنها في مكان مقدس وشعيرة عظيمة وفي شهر حرام.. * الاستطاعة إيمانية وأخلاقية أيضا وعليه فإنه وفي الحالة الجزائرية يجب أن تتبدل الأمور في الجوهر وليس في الشكل فقط فقد أثبت تغيير الشكليات بتكليف هيأة جديدة بتنظيم الحج، أنه لم بقض على المشكل وأن الأمور انفلتت أكثر. الحج شيء عظيم، وعمل طاعة لا يمكن أن يقوم به أو ينظمه أو يؤديه إلا طائع. فليس من هب ودب مؤهل لتنظيم عملية الحج وإن كان من المقربين، وليس من حق أي كان أن يسمح له بأداء هذا النسك مباشرة لمجرد أنه "فاز في القرعة" أو لأنه يملك المال، ولنا في إخوتنا الأندونيسيين والماليزيين المثل والنموذج الطيب. شروط قبول الحجيج في الجزائر يجب أن تتغير ولا تظل مرتبطة بالقرعة والاستطاعة المادية، ومقتصرة على ذلك فقط. فالاستطاعة بالإضافة لكونها مادية وجسدية فهي أيضا أخلاقية وإيمانية وانتقائية بالامتحان والاختبار، وعقابية أيضا بالوعيد ضد كل من قد يفسق أو يجادل أو يتسبب في ذلك أيضا بالتحريض أو التقصير أو ما إلى ذلك، إن هي ارتكبت هذه المعاصي. فلا ضير أن يخضع الحجاج لدورات تربصيه وتعليمية وتفقيهيه قبل التوجه إلى الحج، ولا ضير في إقصاء كل من قد يثبت عدم أهليته لأداء هذه الشعيرة ممن قد يذيع بعدوانيته أثناء التربص أو يبدر منه عمل مسيء، أو يجادل أو يفسق قبل توجهه إلى البقاع المقدسة لأن "من فيه عادة لا ينساها.." كما يقول المثل. *مراجعة المدة أولى.. كما أن مدة بقاء الحاج في البقاع المقدسة من المفروض أن تقلص نظرا لما في كل ذلك من فوائد للجميع فأسبوع واحد كاف لأداء مناسك الحج كاملة وبكل راحة وسكينة وخشوع، وأسبوع آخر من قبل يوم التروية أي الثامن من ذي الحجة، أو من بعد أيام التشريق كاف لزيارة مدينة الرسول والصلاة في مسجده، وفي الروضة الكريمة، والسلام عليه وزيارة مختلف المواقع التاريخية المقدسة، فنصف المدة المعتمدة لحد الآن أي 15 يوما كافية لأداء مناسك الحج، وكفيلة بأن يمسك فيها الحاج أعصابه ويصبر، فلا يفسق ولا يجادل ويظل على شوقه وخشوعه.