الحج من أركان الإسلام الخمسة، يجب مرة واحدة في العمر على المستطيع القادر، وهو عبادة يتقرب بها المسلمون إلى ربهم، مظهر من عبدويتهم وامتثالهم لأمره، فيجتمعون من أقطار لأرض في مكان واحد، تذوب فيه الفوارق بينهم، وتتحد كلمتهم وتصفوا قلوبهم، وفي هذا الاجتماع يتدارسون ما يعنيهم من شؤون الحياة وما يعمل على النهوض بهم ورفعة شأنهم· قال الله تعالي:"إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين، فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين"· (سورة آل عمران: 96،97)·· وهذه الفريضة من أركان الإسلام الخمسة التي بينها الرسول صلوات الله وسلامه عليه في حديث "بني الإسلام على خمس"··· وقد فرض مرة واحدة في العمر على كل مسلم ومسلمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا" فقال رجل "أكل عام يا رسول الله؟" فسكت، حتى قالها ثلاثا ثم قال رسول الله عليه الصلاة والسلام "لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم"· والحج هجرة إلى الله تعالى استجابة لدعوته، وموسم دوري يلتقى فيه المسلمون كل عام على أصفى العلاقات وأنقاها، ليشهدوا منافع لهم على أكرم بقعة شرفها الله· وعبادات الإسلام وشعائره تهدف كلها إلى خير المسلمين في الدنيا والآخرة، ومن هنا كان الحج عبادة يتقرب بها المسلمون إلى خالقهم، فتصفوا نفوسهم وتشف قلوبهم، فيلتقون على المودة، ويربط الايمان والإسلام بينهم رغم تباعد الأقطار واختلاف الديار، إذ أن من أهداف الإسلام جمع الكلمة وتوجيه المسلمين إلى التدارس فيما يعنيهم من شؤون الحياة ومشاكلها اقتصادية وسياسية واجتماعية· والقرآن والسنة يرشدان المسلم إلى أن يجعل حجة لله امتثالا لأمره، وأداء لحقه ووفاء لعهده وتصديقا بكتابه، ومن أجل هذا وجب على الحاج أن يخلص النية لربه فيما يقصد إليه، وألا يبتغي بحجة إلا وجه الله تعالى، ومن مظاهر الإخلاص في الحج وحسن النية، أن يرد ما عليه من حقوق لأصحابها إن استطاع والتوبة إلى الله بإخلاص مع الاستغفار، وتسليم الأمر إليه إن عجز عن الرد، وأن يترضى أهله ويصل رحمه ويبر والديه، قال تعالى:" وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولى الألباب" (سورة البقرة: 197)·