أكدت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون أن الحرب العدوانية التي شنها الكيان الصهيوني على غزة أعادت للقضية الفلسطينية بعدها الدولي، حيث أشارت إلى مختلف ردود الفعل الدولية التي أدانت العدوان الإسرائيلي من خلال مختلف المسيرات والمظاهرات التي شهدتها دول العالم. نظم حزب العمال أمس يوما برلمانيا بالمجلس الشعبي الوطني تحت عنوان "من مذبحة دير ياسين 1948 إلى محرقة غزة 2008... 60 سنة كفى"، حيث ضم اللقاء عددا من الشخصيات السياسية الوطنية والدولية إلى جانب خبراء وإعلاميين خاضوا بإسهاب في تشريح الوضع الفلسطيني خاصة بعد العدوان الأخير الذي شنته إسرائيل على غزة طيلة 22 يوم والذي خلف آلاف الضحايا والجرحى. ويشار إلى أن هذا اللقاء جاء بعد أن فشلت بعض التشكيلات السياسية في تنظيم نقاش عام على مستوى المجلس الشعبي الوطني عندما بدأ العدوان يوم 27 ديسمبر الفارط، ويبرر المسؤولون على المجلس غياب مثل هذا النوع من النقاشات انطلاقا من القانون الداخلي للمجلس نفسه الذي يفرض شروطا معينة. من جهتها استهلت لويزة حنون اليوم البرلماني بتأكيدها أن ما يحدث في غزة يدخل في إطار الحرب الشاملة التي أعلنها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش سنة 2001، وقالت إن ما يحدث الآن هو دليل على أزمة النظام الرأسمالي بعد أن حاولت الدول الكبرى عن طريق مؤسساتها الدولية التي نصبتها تبرير العدوان على غزة في وقت يعلم فيه الجميع أن إسرائيل تهدف إلى تصفية الشعب الفلسطيني بكامله. حنون أوضحت أن الهدف من هذا اليوم البرلماني هو فتح النقاش حول الرهانات المطروحة، لا سيما أن هذه المحرقة جاءت في ظرف دولي غير مسبوق تميز بأزمة مالية خانقة يضاف إليها فشل كل مخططات السلام التي تم اقتراحها لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي، دون إغفال الصراع الداخلي القائم بين مختلف الفصائل الفلسطينية. وفي سياق متصل وجهت حنون انتقادات لاذعة للأنظمة العربية والجامعة العربية التي اتهمتها بالتواطؤ، واعتبرت أن جل القرارات الصادرة عن الاجتماعات الفارطة حول العدوان على غزة كانت باهتة ولم تساهم في إنقاذ أبناء غزة، كما أنها لم تستجيب في أي حال إلى رهانات الظرف الحالي، ومن هذا المنطلق قالت "إن الخندق أصبح كبيرا بين الشعوب العربية والإسلامية وبين أنظمتها على عكس ردود الأفعال التي ميزت بعض الدول الغربية في أوربا وحتى في القارة الأمريكية أو إسرائيل نفسها عندما رفضت الشعوب الاضطهاد الممارس ضد سكان غزة. وفي رأي الأمينة العامة لحزب العمال، فإن الجيش الصهيوني تمكن من قتل الآلاف وتدمير المنازل وتخريب الحياة على هذه الأرض، لكنه لم يحقق أهدافه المرجوة من العدوان وانهزم شر هزيمة وكل من يقول عكس ذلك فهو عدو للقضية الفلسطينية وعدو للحضارة الإنسانية على حد تعبير حنون. وعليه فقد خلصت حنون على التأكيد على ضرورة تحديد الأولويات عن طريق فك الحصار على غزة، مكافحة كل محاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني، بالإضافة إلى اقتراح لبدائل ومبادرات لدعم الثورة الفلسطينية، وكذا التركيز على توحيد مختلف الفصائل الفلسطينية المتناحرة. ومباشرة بعد المداخلة التي قدمتها لويزة حنون، جاء الدور على صلاح صلاح عضو مكتب سياسي في الجبهة الشعبية الفلسطينية وممثل لجنة اللاجئين الفلسطينيين على مستوى البرلمان الفلسطيني، الذي انتقد اتفاقية أوسلو وقال إن الوحدة الفلسطينية يجب أن تبدأ بعملية مراجعة كاملة ودقيقة لاتفاق أوسلو لأنه كان الأصل في الاختلاف والفرقة بين الفصائل الفلسطينية. أما فيما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي على غزة، فقد اعتبر أن قرار إسرائيل القاضي بوقف إطلاق النار هو اكبر دليل خسارتها للحرب، ليؤكد وجود إجماع وطني بفلسطين على انتصار المقاومة الفلسطينية وحتى على المستوى العربي، لأن النتائج كانت ملموسة في رأيه انطلاقا من تحقيق الوحدة الميدانية التي تجسدت بين جميع الفصائل، صمود الشعب الفلسطيني في الداخل، بالإضافة إلى الهيجان العالمي الذي لم يشهد له مثيل والذي هب من أجل نصرة أهل غزة. وتميز النقاش حول العدوان الإسرائيلي على غزة بنوع من التوتر وسط مداخلات لممثلين عن الفصائل الفلسطينية، حيث أكد سفير دولة فلسطين بالجزائر محمد الحوراني والممثل بدوره لحركة فتح أن الاختلاف لم يكن يوما حول المقاومة الفلسطينية من حيث مبدأ وجودها، وإنما كان حول طريق إدارة هذه المقاومة، مشيرا على ضرورة توحيد الجهود لنصرة الشعب الفلسطيني في وقت لن يزيد فيه التشتت إلا في تأزيم الوضع بما قد يساهم في إقحام أطراف إقليمية لتسوية النزاع الفلسطيني الفلسطيني. واعترف الحوارني بأسلوب صريح بأن المسار السياسي الذي انتهجته فتح قد اصطدم بالحرب وذلك لأسباب تتعلق في رأيه بفشل اتفاقية أوسلو، غياب إرادة حقيقة عند إسرائيل لحل المشاكل المطروحة، وكذا محاولة حركة حماس إفشال مشروع السلام، ويضاف على كل هذا أن حركة فتح كان لها أداء سيئ لم يقنع الفلسطينيين الأمر الذي نتج عنه الدخول في الانتفاضات. وردا على مداخلة الحوراني، أكد ممثل حركة حماس أحمد أبو عامر أن المقاومة انتصرت في هذه الحرب، واستطاعت البندقية أن تثبت وجودها وتوحد الفصائل الفلسطينية، وردد قائلا "20 سنة من المفاوضات لم تجلب لنا إلا العار و20 يوم من النضال حققت الانتصار"، لقد تم دفن أوسلو في التراب ولا صلاة عليها وإذا تحدثنا عن إعادة بناء منظمة التحرير، فيجب إعادتها على أساس السلاح والمقاومة وننسى التفاوض". بدوره دعا عبد الحميد مهري الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني الفصائل الفلسطينية إلى نبذ الشتات والفرقة وتوحيد الصفوف، بالإضافة إلى الاقتداء بالتجربة الجزائري في مواجهة المحتل والتي قامت على إستراتيجية مزدوجة مزجت بين مقاومة شرسة ونضال سياسي متواصل. اللقاء البرلماني سمح لعديد من الشخصيات الوطنية والدولية بالتدخل والتعبير عن أرائها حول القضية الفلسطينية بصفة عامة وانتقاد ما قامت به إسرائيل من خلال حربها التي شنتها ضد شعب أعزل.