تواصل وزارة التجارة تحرّكاتها للتقليل من مخاوف المتعاملين الاقتصاديين بخصوص انضمام الجزائر إلى المنطقة العربية للتبادل الحر وإقناعهم بضرورة المساهمة في هذا المسار بتنويع صادراتهم نحو البلدان العربية مقابل امتيازات جمركية، واعتبرت مصالح الوزارة أن الجدل الحاصل حول هذا الملف شبيه بالانتقادات التي وجّهت إلى اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في 2005 سرعان ما سيتلاشى. سارعت الحكومة إلى تقديم ضمانات فعلية للمتعاملين الاقتصاديين قصد إقناعهم بالتجاوب الإيجابي مع قرار الانضمام إلى المنطقة العربية للتبادل الحر، حيث من المنتظر أن تفتح وزارة التجارة اليوم النقاش أمام الشركاء الاقتصاديين لتقديم تصوراتهم واقتراحاتهم بشأن هذا الفضاء التجاري الذي تم إنشاؤه في القمة العربية التي عقدت في عمّان 2001، وتحاول الحكومة من خلال هذا الإجراء التأكيد على الفوائد التي يمكن أن جنيها خصوصا في مجال الضرائب ومن ناحية تسهيل تصدير منتجاتها المحلية. وقد استفيد من وزارة التجارة بأنه تم إبلاغ كافة المتعاملين الاقتصاديين بلقاء اليوم الذي سيحضره كذلك المدراء الجهويون والولائيون للتجارة بالإضافة إلى مدراء غرف الصناعة والتجارة، كما أفادت الجهة ذاتها أن الانضمام إلى المنطقة العربية للتبادل التجاري الحر هو في النهاية "قرار دولة ينبغي على كافة الأطراف الفاعلة المساهمة في دعمه خاصة المتعاملين الاقتصاديين..". وتأتي تحرّكات الحكومة بعد أن تصاعدت حدة الانتقادات لقرار انضمام الجزائر إلى المنطقة العربية للتبادل الحر في هذا الظرف، حيث لم يخف العديد من المتعاملين الاقتصاديين انشغالهم البالغ ب "الانعكاسات السلبية" التي قد تنجر عن ذلك، وكانت منظمة أرباب العمل "الباترونا" في مقدمة المتحفظين على خيار الحكومة، وأسّس هؤلاء انشغالهم على أن بعض الفروع الصناعية ستصبح معرضة لأزمات خانقة على غرار قطاعي الصناعات الغذائية ومواد البناء. وسبق للمجلس الأعلى لأرباب العمل الجزائريين أن دعا في هذا الملف إلى إنشاء لجنة تحكيم للفصل في النزاعات التجارية بين الدول العربية، وذلك على خلفية انضمام الجزائر لمنطقة التبادل الحر العربية، معتبرا أنه من الواجب على الحكومة استباق خيار الانضمام بإنشاء لجنة تحكيم أو تسوية للنزاعات التجارية بين الأطراف العربية على غرار المحكمة التابعة لمنظمة التجارة العالمية، مشيرا إلى أن قلق "الباترونا" يكمن في إمكانية تحوّل بعض الدول العربية إلى وسائط تجارية للمواد المصنّعة في بعض الدول الأجنبية مع وضع شهادات منشأ مزوّرة. وإذا كانت الملاحظات التي بنى عليها المتعاملون الاقتصاديون انتقاداهم للحكومة في مسألة المنطقة العربية للتجارة الحرة تخص قائمة من المنتوجات التي يتم إعفاؤها من الرسوم الجمركية، فإن وزير التجارة طمأن من جانبه بأنه في حالة تسجيل تنافس تجاري غير نزيه أو تخفيض غير قانوني للأسعار أو أي تهديد يمس أحد فروع الصناعة الوطنية فإن الوزارة "ستلجأ إما إلى تحديد استيراد هذه السلعة المستوردة في إطار المنطقة العربية للتبادل التجاري الحر أو بتأجيل عملية استيرادها لمدة تتراوح من سنتين إلى أربعة سنوات". وبموجب ذلك تسعى وزارة التجارة في لقاء اليوم إلى توضيح نقاط الغموض خاصة بعد قرار الحكومة بإشراك المتعاملين الاقتصاديين في عملية تحيين قائمة المنتوجات والسلع التي يمنع استيرادها من المنطقة العربية للتبادل التجاري التي أعدت في 2004، وهذا الإجراء يمكن أن يكون محفزا لإعادة الثقة لدى المتعاملين من أجل رفع حجم صادراتهم نحو البلدان العربية. ومن المنتظر أن يجدد الهاشمي جعبوب التأكيد مرة أخرى بأن الاتفاق الذي ينصّ على انضمام الجزائر إلى المنطقة العربية للتبادل التجاري الحر يعتبر "اتفاقا سياسيا استراتيجيا من شأنه أن يسمح للجزائر بتنويع مزوديها، إلى جانب دفاعه على أن المنطقة تمثل سوقا معتبرة الأهمية بالنسبة للجزائر خصوصا أن 15 دولة عضو تعتبر دولا مستوردة وهي تولي اهتماما للسلع والمنتوجات الجزائرية.