ترشح السيد عبد العزيز بوتفليقة بشكل رسمي للرئاسيات المقبلة بصفته مترشحا مستقلا، وهو مخرج ذكي ومنطقي دأب عليه منذ عام 1999 ، حتى لا يغضب أحدا بسبب تأييده من قبل عدة أحزاب ومنظمات وجمعيات .. على رأسها حزب جبهة التحرير الوطني الذي بادر بالدعوة لتعديل الدستور وبدعوته للترشح لعهدة ثالثة منذ وقت مبكر.. لقد آثر أن يكون مرشح الجميع في ثوب المترشح المستقل. وبذلك سيكون الفارس الضامن لرئاسيات 9 أفريل القادم، بالنظر إلى تاريخه وحصيلته وآفاق برنامجه. المعارضون لترشح بوتفليقة من جهة، لم يكن لديهم ورقة يعزفون عليها، سوى " لملف الصحي للرئيس " ، ويدّعون بعلم وبدون علم أن " بوتفليقة رجل مريض " بل إن كثيرا منهم ومنذ عام 2005 تاريخ مرضه وإجرائه عملية جراحية بمستشفى فال دوغراس بفرنسا ثم ركونه لفترة نقاهة وصفها طبيبه الخاص ب " الطويلة والصارمة " ، ظلوا يتحدثون بصوت عال في كواليسهم على أن نهاية الرجل المريض قد قربت ، وأنه عاجز عن آداء مهامه تماما .. لذلك قال بعض المتتبعين الفرنسيين مؤخرا " أن بوتفليقة لمح إلى أنه يبحث عن خليفة له " ، وقد نقلت الصحف الجزائرية ذلك التصريح، وذهب حديث الإشاعات إلى أن بوتفليقة سيعلن عن ترشيح أخيه بدل ترشيح نفسه. وخلافا لكل تلك التكهنات والإشاعات ، أعلن بوتفليقة في القاعة البيضاوية ترشحه .. بل بدا للجميع أنه " بصحة جيّدة .. فقد كان يصافح أنصاره بطريقة الشاب المتحمس، وكان يسير بطلاقة على البساط، بل جاب المنصة وحيا أنصاره قبل أن يعود إلى الميكروفون ليلقي خطابا مطولا استغرق أربعين دقيقة كاملة، مستخدما التكرار الثلاثي للعبارات الهامة، مثلما كان عليه قبل عام 2005. لو صدقنا العازفين على ملف مرض الرئيس .. لتوقفت الحياة السياسية في الجزائر منذ 2005 ، وقد مرّ لحد الآن عام 2005 كاملا، ثم تلاه 2006 ، وتبعه 2007 ، وانقضت سنة 2008 ، وانتصفت سنة 2009 .. والرجل يبدو سليما ومعافى رغم هموم الحكم الكثيرة، وأعلن ترشحه لولاية رئاسية جديدة . بوتفليقة اعترف بعظمة لسانه للصحافة الوطنية والدولية، وقال : " لقد مرضت بجد، وتعافيت والحمد لله، وإني لن أخفي أي شيء عن الشعب الجزائري " . ومع ذلك مازال الفاقدون لأي برنامج ، وأي نفوذ شعبي يتمسكون بورقة " الرجل المريض "، وكأنها الورقة السحرية الوحيدة التي توصلهم إلى الحكم.. أليس ذلك من غرائب الأمور السياسية في البلاد ؟ نعم .. حتى بعض وسائل الإعلام مهوسة بهذا الملف، وقد رأينا في سنوات خلت كيف أن بعض الصحف الجزائرية نقلت خبر وفاة وزير الداخلية الحالي نور الدين يزيد زرهوني على إثر إجرائه فحوصات طبية في فرنسا، وها هو زرهوني ما زال وزيرا وحيا يرزق .. بل إنه من أقوى وزراء الحكومة.. أبعد كل هذا .. ما زلنا نصدق أساطير الدعاية حول " الرجل المريض " ؟