استقر رأي أحمد أويحيى أخيرا وبشكل قطعي على تعديل الدستور ودعوة بوتفليقة للترشح لعهدة ثالثة، وكان ذلك بشكل قطعي لا يقبل التأويل وتعدد القراءات. بل إن أحمد أويحيى أكد أن بوتفليقة سيعلن عن تعديل الدستور قريبا جدا. وقد حرص أحمد أويحيى أن يسوق لنفسه ولحزبه على أن موقفه هذا هو الفيصل في النقاش والجدل السياسي الذي شهدته الساحة السياسية بشكل واضح وصريح مباشرة بعد الإنتخابات المحلية بتاريخ 29 نوفمبر 2007 ، وهو التاريخ الذي ألقى فيه بلخادم وجبهة التحرير بكل الثقل لصالح تعديل الدستور وترشح بوتفليقة لعهدة ثالثة، رغم أن الأفلان وأمينه العام قد كشف في وقت مبكر عن مسودة تعديل الدستور تتضمن تعديل المادة 74 التي تمكن بوتفليقة من خوض غمار رئاسيات 2009. حينذاك كان أويحيى يصف مبادرة بلخادم وحزبه ب " البدعة " ، حيث قال في برنامج تلفزيوني في القناة الجزائرية أن دعوة جبهة التحرير لتعديل الدستور تعد بدعة سياسية لم يشهد لها التاريخ مثيلا ، حيث لم يبادر أي حزب ببدعة تعديل الدستور ". وقال المحللون حينها أن أويحيى والأرندي سيقفون ضد التعديل وضد ترشح بوتفليقة لعهدة ثالثة. ودارت الدائرة، واستقر أويحيى أخيرا على رأي واضح. وقال بالحرف الواحد أن " الآلة الإنتخابية لحزبه بدأت تعمل لصالح بوتفليقة ". ليس في هذا أي عيب، فالرجل قدر أن مصلحته السياسية ومصلحة حزبه أيضا تقتضي أن تتحرك الآلة الإنتخابية في الوجهة الذي حدده المسؤول الأول على الحزب. القضية بسيطة جدا، وهو أن أحمد أويحيى المعروف بعدائه التاريخي للمصالحة الوطنية، انخرط فيها بطريقته عقب وصول بوتفليقة إلى الحكم. وكلما تكلم أحدهم عن المصالحة ، يبادر أويحيى بدعوته لاحترام الملكية الفكرية لصاحبها " عبد العزيز بوتفليقة ". الآن على الأرندي ورئيسه أن يتوقف قليلا ويحترم " الملكية الفكرية في مسألة تعديل الدستور ودعوة بوتفليقة للترشح لعهدة ثالثة " لأصحابها، جبهة التحرير الوطني وعبد العزيز بلخادم تحديدا، والآلة الإنتخابيثة لجبهة التحرير التي كانت سباقة في هذا الإتجاه. تلك الملكية الفكرية التي كانت " بدعة سياسية " في نظر أويحيى، أصبحت سنة حسنة، بعد أن نضجت ، وتكسر الطابو والحاجز النفسي الذي كان ممكنا أن يشكل حاجزا في وجهها. الطريق أصبح ممهد ومعبدا، ومن سلكه سيكون آمنا، لكن الفضل كله يكون لمن عبد الطريق ، وخاصة إذا كان أول المعبدين.