عادت الذكرى الثالثة والثلاثون ليوم الأرض كما لم تعد من قبل.. ففي هذا التاريخ الرمز في النضال الوطني الفلسطيني استشهد ستة فلسطينيين بنيران قوات الاحتلال الصهيوني إثر مظاهرات عارمة بعد قيام السلطات الإسرائيلية بمصادرة آلاف الدونمات في قرى وبلدات الجليل في إطار مشروعها لتهويد الجليل، وزيادة الكثافة السكانية لليهود فيه من جهة، مقابل ضرب الوجود العربي وتشديد الخناق على الفلسطينيين في الداخل ودفعهم للهجرة من إسرائيل. عمّت المظاهرات بلدات عرابة ودير ياسين في 29 مارس و باقي القرى أياما أُخر، وليصير تاريخ 31 مارس من كل عام رمزا للصمود في وجه التهجير والتهويد والعنصرية الإسرائيلية. عادت المناسبة لتذكّر العالم بأن المخطط الذي عرف عند الكشف عنه عام 1982 بمخطط "إسرائيل كينغ" مستمرّ بصيغ أخرى باسم "الترانسفير" وباسم "الدولة اليهودية" وبأسماء ومشاريع أخرى يدعمها صعود اليمين المتطرف في تل أبيب. عادت الذكرى لتنبّه إلى خطورة ما استلب من الأرض في فلسطينالمحتلة ومصادرة ممتلكات أهل البلد الشرعيين وهدم المنازل خاصة حول القدس، ناهيك عن خنق البلدات العربية ومنع تراخيص البناء والتوسعة فيها وبناء جدار الفصل العنصري، وأن ما ضاع من أرض طيلة مفاوضات "السلام المستحيل" فاق التصوّر مع استمرار سياسة الاستيطان داخل الضفة الغربيةالمحتلة عام 1967 والتي يأمل الفلسطينيون أن يقيموا دولتهم عليها. عادت الذكرى لتقول للعالم بقيادة واشنطن أن حلّ الدولتين يكاد يتحوّل إلى سراب بفعل التماطل وسياسة الأمر الواقع وقانون القوة والقهر الذي تمارسه إسرائيل.. عادت الذكرى لتواجه الرباعية الأوروبية التي تفرض شروطها على حماس وتعطّل الحوار الفلسطيني والمصالحة بأي شكل وتسكت تماما عن جرائم الحرب ضد الإنسانية في غزة وتتواطأ ليستمر الحصار على الشعب هناك. ذكرى يوم الأرض مناسبة للوعي العربي بأن الأرض هي الهوية والوجود والشرف الرفيع الذي لا يسلم من الأذى حتى يُراق على جوانبه الدم..! من سلّم في أرضه سلّم في عرضه..