جاء في بيان رئاسة الجمهورية أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة " قرر " إبقاء كافة أعضاء الحكومة في مناصبهم ، من منصب الوزير الأول إلى غاية الأمين العام للحكومة. ولم يغادر الفريق الحكومي إلا أبوجرة سلطاني بطلب منه ليتفرغ لمشاكل حركة مجتمع السلم التي تواجه حاليا موجة انشقاقات داخلية خطيرة. ولم تستبعد التحليلات السياسية في وقت سابق " هذا الإبقاء " ، باعتبار أن الإستمرارية التي رفعها الرئيس بوتفليقة شعارا له خلال الحملة الرئاسية ، تحمل معنيين : المعنى الأول هو الإستمرارية في البرامج والمناهج، والثانية تعني الإستمرارية في الرجال. خاصة أن كل أفراد الطاقم الحكومي ساهموا في الحملة الإنتخابية لصالح بوتفليقة. وكانت تحليلات أخرى ، من باب الأفضلية، رأت بضرورة أن يقوم الرئيس بتغيير جذري في الرجال، معللين ذلك أن نجاح الإستمرارية في البرامج والمناهج، تقتضي بالضرورة تغيير في الرجال، لتجديد النفس وتجديد الدم، والأكثر منها تمكين الوزارات المختلفة من طاقات جديدة بابداعات جديدة، مع فتح المجال لعنصر الشباب، والعنصر النسوي طبقا للتعديل الدستوري بتاريخ 12 نوفمبر 2008. وتوقع آخرون أن التوازنات الوطنية التي " جهر " بها بوتفليقة عام 2005 عشية الإعلان عن ميثاق السلم والمصالحة، تعد عائقا في وجه تغيير جذري، بينما اعتقد آخرون أن نسبة ال 90 بالمئة التي فاز بها بها الرئيس في انتخابات 2009 طبقا لرغبته في آخر تجمع له في خضم الحملة الإنتخابية، سوف تحرره من " قبضة التوازنات " الوطنية، وتجعل الكفة تميل كلية لقراراته طبقا للتصورات والأهداف التي يحملها. وعندما نزل البيان الرئاسي يوم أمس، يكون المحللون قد اكتشفوا " قضية " مهمة ، وهي أن الإستمرارية في الحكومة الحالية، هي استمرارية مؤقته، وربما سيعمد بوتفليقة إلى تغيير جذري، خلال الصائفة القادمة، أو بعد شهر رمضان الكريم ، لأنه تعود أن ينظم جلسات استماع للوزراء خلال رمضان المبارك. ويستشف هذا الإحتمال من خلال الصياغة التي جاء بها البيان الرئاسي، حيث قال بالحرف : " نظرا للرزنامة الدولية، والمقتضيات الوطنية ، قرر الرئيس إبقاء الحكومة بتشكيلتها الحالية ". والرزنامة الدولية، قد يفهم منها قرب موعد الزيارة التي سيقوم بها الرئيس بوتفليقة لباريس خلال شهر جوان، والمهرجان الثقافي الإفريقي خلال الصيف القادم. أما المقتضيات الداخلية، فربما تعني " التوازنات " التي يجب مراعاتها في أي تشكيل حكومي، وهو ما يستغرق وقتا طويلا، وأن الرئيس بدأ يتعرض لضغوطات إعلامية حول " الحكومة الجديدة " فقرر إبقاء نفس الطاقم ، ويمنح لنفسه الوقت الكافي، لتغيير حكومي جذري. ولا يستبعد أن تكون " المقتضيات الداخلية " لها علاقة، بقرب موعد الإمتحانات بالنسبة للطلبة والتلاميذ، وقرب موعد " الخروج الإجتماعي " ، وقد يكون الدخول الإجتماعي القادم دخولا سياسيا أيضا بحكومة جديدة. أما الآن فنحن أمام الإستمرارية، لكننا أمام حكومة " مؤقتة ".