احتفظ أعضاء الطاقم الحكومي بمناصبهم في اتجاه عكس أغلب التقارير والتسريبات حول وجود تغيير وزاري شامل في الجزائر ، واكتفى بيان رئاسي صدر أمس بالقول إن رئيس الجمهورية قرر إبقاء السيد أحمد أويحيى في منصبه كوزير أول عبد الله بن وأضاف البيان أنه نظرا للرزنامة الدولية والمقتضيات الداخلية، قرر رئيس الدولة الإبقاء على الحكومة بتشكيلتها الحالية باستثناء أبوجرة سلطاني الذي غادر منصبه بطلب منه. ويبدو من خلال قراءة متأنية لبيان رئاسة الجمهورية أن عبد العزيز بوتفليقة ارتأى عدم تغيير الطاقم الحكومي حفاظا على استقرار الوضع الاجتماعي لاسيما أن الحكومة مقبلة على عدة مواعيد هامة مثل امتحانات آخر السنة كالبكالوريا والدخول الاجتماعي وشهر رمضان، وقبلها المهراج ن الثقافي الإفريقي لمزمع استضافته في جويلية القادم، واحتضان الجزائر عدة ورشات وصالونات دولية. وعلى الصعيد الدولي، فإن للرئيس أجندة حافلة كما لمّح إلى ذلك في بيان الرئاسة، إذ ينتظر أن ينتقل في زيارة دولة هامة إلى فرنسا مطلع الصيف الداخل، والمشاركة في اللقاء السنوي لدول الاتحاد المتوسطي وقمة دول بلدان الساحل لمجابهة المد الإرهابي بالمنطقة. فضلا عن مشاركة الرئيس في قمة ال77 لعدم الانحياز المقررة في العاصمة الكوبية بهافانا، ناهيك عن قمة الفرنكفونية ومؤتمر القمة السنوي للأمم المتحدة. أجندة حافلة على الصعيد الداخلي كما الخارجي، ويوحي الإبقاء على نفس الطاقم الحالي للبعض تفضيل الرئيس منطق الاستمرارية في الجزائر، في وقت كان الجزائريون والأوساط الغربية ينتظرون تغييرات شاملة للنهوض بالحركية الاقتصادية في الجزائر. لاسيما وسط اعتقاد الكثيرين أن الرئيس بوتفليقة منح نفسه مزيدا من الوقت لتشكيل الطاقم الذي يرافقه في العهدة المقبلة من حكمه وتجسيد برنامجه الانتخابي. ومعلوم أن أغلب التغييرات التي أجراها الرئيس بوتفليقة تتم إما عقب الانتخابات وتكون جزئية في أغلبها وتغييرات في الخريف. وتشير تحاليل إلى أن تأجيل التغيير الحكومي المطلوب بالنظر إلى استهلاك أغلب أعضاء الطاقم الحكومي لطاقاتهم وعجز بعضهم عن تقديم الجديد لقطاعه، أملته ضرورات مرحلية بالنظر إلى كثافة الرزنامة المقبلة وخصوصا إجراء امتحانات البكالوريا التي تتطلب تجنيد أكثر من وزير، خصوصا قطاعات التربية والداخلية. وطرح سابقا سيناريو إمكانية تأجيل التغيير الحكومي والاكتفاء بمرحلة أولى بمواصلة التغييرات على مستويات أدنى وفي بعض مؤسسات الجمهورية قبل الانتقال لاحقا إلى تغييرات في العمق. والملاحظ أيضا في البيان الحكومي هو نزول الرئيس بوتفليقة عند رغبة رئيس حركة حمس أبوجرة سلطاني الذي لطلب الإعفاء من منصبه للتكفل والتفرغ لعائلته السياسية، في وقت أشيع أنه لا أحد يستقيل مع الرئيس بوتفليقة، ويثير قرار بوتفليقة بالإبقاء على نفس الطاقم خيبة كبيرة لدى كثير من الإطارات السياسية والقيادات الحزبية التي رشحت أو عرضت خدماتها في الأشهر الأخيرة وخصوصا خلال الحملة الانتخابية، إلى درجة أن البعض فقد صبره في الانضمام إلى الحكومة. لكن مراقبين قرأوا مابين سطور حديث بيان الرئاسة بالتأكيد أن تقديم الرئيس لمبررات الإبقاء على حكومة أويحيى يعد سابقة في تقاليد عمل الرئيس مما يؤكد رغبته إجراء التعديل..وأنه أجل الرغبة إلى وقت آت لا محالة.