أجمع الخبراء على أن القرار الحكومي الذي دخل حيز التطبيق نهاية شهر ديسمبر 2008 والمتعلق بالاستثمارات الأجنبية بالجزائر، إنما جاء من أجل إعادة النظر في الإطار العام الذي يحكم هذه العملية في وقت أثبتت الإجراءات المتخذة من قبل، عدم فاعليتها ونجاعتها بالنسبة للاقتصاد الوطني، ومن هذا المنطلق ألزمت الحكومة المتعاملين الأجانب بامتلاك 49 بالمائة من رؤوس الأموال المستثمرة في الجزائر والباقي من الأسهم يكون ملك لمتعامل وطني. اعتبر المتعاملون الاقتصاديون والخبراء حسب ما رصدته "صوته الأحرار"، القرار الحكومي الذي دخل حيز التطبيق نهاية شهر ديسمبر 2008 والذي جاء عقب الانتقادات التي وجهها رئيس الجمهورية للقطاع الاقتصادي خلال شهر جويلية من نفس السنة بمثابة الخطوة نحو تصحيح المسار الذي سارت على نهجه الاستثمارات الأجنبية بالجزائر والتي "وإن كانت لم تأت بشيء يذكر فإنها شهدت خلال السنوات الماضية استقرار ما يعرف بقطاع الخدمات، ولا شيء عن الصناعات ونقل التكنولوجيات الحديثة في إطار الانفتاح الاقتصادي الذي اعتمدته الجزائر في العشرية الأخيرة". وأكد المتعاملون الوطنيون، أن الخطوة وإن اعتبرت من جهة أخرى مفاجأة بالنسبة للمتعالمين الأجانب خصوصا منهم الفرنسيين، فإنها من جهة أخرى سجلت الارتياح الواضع لدى منظمات أرباب العمل الجزائريين الذي طالبوا في الكثير من المناسبات بإعادة النظر في الإجراءات المتعلقة بالاستثمار مع إعطاء الأولوية للمستثمرين الوطنيين. ومن هذا المنطلق ترجم الكثير من المتابعين للشأن الاقتصادي الوطني القرار الحكومي الصادر نهاية شهر ديسمبر 2008 بأنه خطوة من حكومة أحمد أويحيي للتراجع عن الاستثمارات الأجنبية، كما أنها خطوة نحو التراجع أيضا عن الإستراتيجية الصناعية التي طرحت للنقاش والإثراء منذ حوالي 3 سنوات والتي لم تظهر نتائجها لحد الآن. ولو أن الجهات الرسمية نفت صفة التراجع عن هذه الخطة، فإنها أشارت إلى أن المسألة فيها إعادة نظر في بعض الإجراءات المتعلقة بتشجيع المؤسسات الصناعية الوطنية وتكييف دورها في إطار الأزمة الاقتصادية العالمية، في حين ترجم عدد من الملاحظين الانتقادات التي جاءت عل لسان الوزير الأول أحمد أويحي حول هذه الخطة حين وصفها بأنها "غير موجودة إلا على صفحات الجرائد" بأن الأمر وصل إلى مرحلة الحسم النهائي في مشروع الإستراتيجية التي أعدها عبد الحميد تمار في السنوات الماضية والتي ارتكزت في تنفيذها على مداخيل البترول التي شهدت ارتفاعا محسوسا خلال السنتين الماضيتين. وللإشارة فإن القرار الحكومي الذي جاء عقب الانتقادات التي وجهها رئيس الجمهورية للقطاع الاقتصادي الوطني في لقائه برؤساء البلديات بداية الصائفة الماضية، يتضمن قواعد جديدة تخص الاستثمارات الأجنبية بالجزائر، حيث أن القرار يتضمن أن عدم تجاوز نسبة 49 بالمائة من رأس مال المشاريع التي يملكها أي مستثمر أجنبي بالجزائر وهو الأمر الذي يلزم المتعامل الأجنبي من أجل البحث على شريك من داخل الجزائر الذي تعود إليه باقي الأسهم، إلى جانب إجبارية مرور الشروع على المجلس الوطني للاستثمارات الذي يعطي رأيه فيه بالموازاة مع ضرورة أن يودع صاحب المشروع الأجنبي ما يعادل قيمة المشروع بالعملة الصعبة لفائدة الجزائر طيلة مدة حياة المشروع. وقد وصف عدد من أرباب العمل هذه الخطوة بالمهمة في حياة الاقتصاد الجزائري، باعتبار أن الاستثمارات التي دخلت الجزائر، أزيد من 80 بالمائة منها خدماتية، ولا تقدم من القيمة المضافة للجزائر إلا الشيء القليل، في حين أحجمت الاستثمارات الصناعية ذات الوزن الثقيل عن الدخول إلى الجزائر في الوقت الذي يتهم فيه المتعاملون الأجانب الإدارة الجزائرية بالبيروقراطية وتأخرها في معالجة الملفات في حينها.