تواصلت أمس بالعاصمة التشادية نجامينا المواجهات بين القوات الحكومية والمتمردين، حيث كان محيط القصر الرئاسي مسرحا لإطلاق نار وقصف متبادل.وقد أعلن عن مقتل رئيس هيئة الأركان التشادي في مواجهات جرت الجمعة الماضية، فيما رفض الرئيس إدريس ديبي عرضا فرنسيا لمساعدته على مغادرة البلاد. وأفادت مصادر في نجامينا أن الاشتباكات بين القوات النظامية والمتمردين تتواصل بشكل مكثف، مشيرة إلى أنها تدور على بعد حوالي ثلاثة كيلومترات عن القصر الرئاسي وأن الطريق الرئيسي المؤدي إليه يخضع لسيطرة القوات الموالية للرئيس. وقد تجددت الاشتباكات حول القصر الرئاسي صباح أمس بعد فترة هدوء سادت الليلة ما قبل الماضية،حيث سمع دوي مدافع دبابات وكذلك إطلاق نار بالأسلحة الرشاشة انطلاقا من وسط نجامينا. وكان المتمردون قد أفادوا في وقت سابق أنهم يحاصرون القصر الرئاسي ويحجمون عن اقتحامه ليمنحوا الرئيس ديبي فرصة لمغادرة البلاد ونفوا التوصل لاتفاق لإطلاق النار. وقد تمكنت مروحيات تابعة للجيش التشادي من الإقلاع من قاعدة عسكرية تشادية في المطار حيث توجد أيضا القاعدة الفرنسية لعملية "إبيرفييه" (الصقر) وهاجمت رتلا للمتمردين كانوا يحاولون التقدم في جنوب شرق العاصمة. وتعليقا على ذلك التطور قال الناطق باسم تحالف المتمردين عبد الرحمن كلام الله إن المتمردين لم يتوجهوا للاستيلاء على المطار من أجل عدم عرقلة حركة إجلاء الرعايا الأجانب، ووجّه اللوم للقوات الفرنسية قائلا إنها تسمح للمروحيات التشادية بالإقلاع ومهاجمة قواتهم. ومن جهة أخرى أقلعت طائرات ميراج فرنسية صباح أمس وبدأت التحليق فوق نجامينا بينما لم تتحرك أول أمس حين دخل المتمردون المدينة. ومن جهة أخرى أكدت وزارة الدفاع الفرنسية مقتل رئيس هيئة الأركان التشادي الجنرال داود سوماين في معارك ضد المتمردين الجمعة الماضية. وأفادت مصادر فرنسية رفض الرئيس ديبي عرضا من فرنسا لمساعدته على مغادرة تشاد إذا اعتبر أن حياته في خطر. وقال مصدر مقرب من الرئاسة الفرنسية إن الاقتراح الفرنسي لا يزال قائما وإن باريس لا تزال تتابع الوضع في تشاد، في وقت عقد فيه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اجتماعين طارئين مع وزيري الدفاع إيرفيه موران والخارجية برنار كوشنر دون أن يصدر أي بيان عن الرئاسة. وذكرت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس ساركوزي تحادث هاتفيا أول أمس السبت مرتين مع نظيره التشادي "بشأن آخر المستجدات على الساحة التشادية خصوصا في نجامينا". وكانت فرنسا قد أكدت أن قواتها المرابطة في تشاد ستقف على الحياد في الصراع الحالي، في حين كان يعتقد أن تلك القوات المقدر قوامها بنحو ألف جندي ساعدت الرئيس ديبي في صد محاولة انقلابية سابقة عام 2006. وفي أولى التداعيات الإقليمية للتطورات التي تشهدها تشاد، قال وزير الدفاع الفرنسي إن نشر القوة الأوروبية "يوفور" في تشاد وأفريقيا الوسطى "علق حتى الأربعاء". وقال الوزير الفرنسي إنه تم تعليق انتشار يوفور لبضعة أيام حتى الأربعاء القادم، مؤكدا أنه لن يتم التخلي عن نشر تلك القوات التي سيكون من مهامها حماية حوالي 450 ألف لاجئ من دارفور (غرب السودان) ونازح من تشاد وأفريقيا الوسطى. وتخوفا من تردي الأوضاع في تشاد، يتواصل إجلاء الرعايا الأجانب حيث نقلت طائرات نقل تابعة للجيش الفرنسي ليلة السبت إلى الأحد 397 أجنبيا من نجامنيا إلى العاصمة الغابونية ليبروفيل. كما أجلي موظفو السفارة الأمريكية إلى القاعدة العسكرية الفرنسية على متن آليات على أمل مغادرة تشاد جوا إذا سمحت الظروف الأمنية بذلك، في حين بدأت الصين إجلاء رعاياها من تشاد. وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة إن حوالي 210 صينيين وتايوانيين اثنين سيتم إجلاؤهم إلى الكاميرون. وكانت الأممالمتحدة قد بدأت أول أمس عملية إجلاء موظفيها من هناك. وفي آخر التطورات،هاجم متمردون تشاديون أمس مديرية ادري شرق تشاد على الحدود مع السودان، كما أفادت مصادر في حركة التمرد وفي السلطات الرسمية. وصرح متحدث باسم المتمردين لوكالة فرانس برس "لقد هاجمنا ادري"،فيما أكد المسؤول المحلي عابدي ساير انه "وقع هجوم على ادري شنه العديد من المتمردين، ولكننا نقاوم". وقال ساير أن "مروحيات وطائرات عسكرية سودانية من طراز انطونوف تشارك في الهجوم"، وهو ما نفته الخرطوم أمس في بيان رسمي داعية أطراف النزاع إلى ضبط النفس