كافأ الرئيس التشادي إدريس ديبي نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي عن الدعم الكامل الذي قدمه له في مواجهة المتمردين التشاديين الذين كانوا قد دخلوا العاصمة نجامينا وحاصروا القصر الرئاسي قبل أن يتم طردهم منها.. وتتمثل المكافأة في إعلان "ديبي" عن استعداده للعفو عن الفرنسيين المحكومين في إطار قضية تهريب أطفال دارفور من تشاد، المعروفة بقضية "ارش دو زويه" نسبة لإسم الجمعية المتورطة في العملية.. وجاء ذلك وسط تقارير فرنسية تؤكد مشاركة قوات فرنسية خاصة في المعارك ضد المتمردين. وأعلنت باريس أمس الجمعة أنها ستحول إلى السلطات التشادية طلب العفو عن الأعضاء الستة في الجمعية والموقوفين في فرنسا، بعد الحكم عليهم في تشاد.. وكانت السلطات التشادية قد أحبطت فى 25 أكتوبر الماضى محاولة للمنظمة الفرنسية لنقل 103 أطفال من إقليم دارفور إلى فرنسا بشكل غير قانوني لكى تتبناهم أسر فرنسية.. وتأتي المكافأة التشادية في الوقت الذي ذكرت تقارير إخبارية أن قوات فرنسية خاصة شاركت الأسبوع الماضي إلى جانب قوات الرئيس التشادي في مقاتلة المتمردين، وقد ردت وزارة الدفاع الفرنسية الجمعة على هذه التقارير، مؤكدة أنه "لم يتم تجنيد أي جندي فرنسي أو قوات خاصة أخرى لدعم أو معارضة أيا كان"، مبرزة أن "الجنود الفرنسيين قد قاموا بعمليات لحماية الرعايا الفرنسيين ورعايا المجموعة الدولية".. ولكن الرئيس "ديبي" اعترف في أول ظهور له الخميس منذ التطورات الأخيرة بأن فرنسا قدمت "عناصر معلومات بالغة الأهمية ومفيدة للعمليات التي نفذناها"، ولكنه نفى تدخلها المباشر إلى جانب الجيش التشادي.. وكان أحد قادة حركة التمرد، الجنرال محامات نوري، قد كشف في تصريح للإذاعة الفرنسية "أوروب 1" أن القوات الجوية الفرنسية قد "قصفت" مواقع تابعة للمتمردين. وخلال زيارته إلى العاصمة نجامينا يوم الخميس، أكد وزير الدفاع الفرنسي هرفي موران عن دعم بلاده "الكامل" للرئيس التشادي، وهو ما أثار غضب حركة التمرد، حيث أصدرت بيانا حذرت فيه فرنسا. وقالت أن فرنسا ضللت مجلس الأمن الدولي لتبرير تدخلها المسلح في تشاد، واتهمتها بالانحياز إلى "النظام الدكتاتوري القمعي والفاسد وغير الشرعي". كما توعدت حركة التمرد في بيانها بأنها "ستبذل كل ما في وسعها مع كافة القوى الحية في البلاد من اجل وضع حد لإفريقيا الفرنسية وبناء تشاد جديد".. ويوجد لفرنسا أكثر من 1000 جندي إلى جانب طائرات متمركزة في تشاد، وخلال الهجوم الأخير للمتمردين قدموا إمدادات ومعلومات مخابرات إلى جيش ديبي. ويذكر أن الانحياز الفرنسي للرئيس التشادي إدريس ديبي ضد المتمردين يحدث رغم أن فرنسا تقدم اكبر كتيبة في قوة "يوفور" التي قرر الاتحاد الأوروبي نشرها في تشاد وإفريقيا الوسطى بحجة حماية اللاجئين السودانيين في دارفور. وقد أعلنت النمسا على لسان المستشار الفرد غوسنباور أن التزام القوة الأوروبية "يوفور" في تشاد سيعاد النظر فيها في حال انحازت إحدى دول الاتحاد الأوروبي عسكريا إلى فريق ما، في إشارة إلى فرنسا. وتتعرض الحكومة النمساوية لانتقادات المعارضة بسبب مشاركتها في يوفور التي قد تستعملها باريس في النزاع الدائر في تشاد. وقررت النمسا أن تنشر 160 رجل في إطار هذه القوة الأوروبية ولكن الفرقة الأولى التي أرسلتها من 15 جنديا ماتزال عالقة منذ عدة أيام في فندق بوسط نجامينا لأسباب أمنية. وتسعى فرنسا إلى إشراك روسيا في هذه القوة الأوروبية، حيث اتصل وزير الخارجية برنار كوشنير صباح الخميس بنظيره الروسي سيرجيي لافروف وذكره ب"اهتمام" باريس بمساهمة روسيا في مهمة القوة الأوروبية شرقي تشاد. ووجه الرئيس التشادي يوم الخميس "نداء رسميا" إلى الاتحاد الأوروبي لنشر قوة "يوفور". وقال في تصريح لإذاعة "أوروبا 1" الفرنسية "أوجه نداء رسميا إلى الاتحاد الأوروبي وفرنسا التي بادرت بتلك الفكرة لنشر تلك القوة في أسرع وقت ممكن لتخفيف العبء الذي نتحمله اليوم". وأكد ديبي "لو كانت يوفور منتشرة لساعدنا ذلك". وفي المقابل شن الرئيس التشادي في نفس التصريح هجوما عنيفا على السودان واتهمها مجددا بالوقوف وراء هجوم المتمردين الأخير على نجامينا، وأعرب عن اعتقاده بأن السودان سيعاود بالتأكيد "زعزعة استقرار تشاد". كما ألقى ديبي باللوم على الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي، بقوله: "بما أن الأسرة الدولية لا تقول شيئًا ضد السودان وبما أن الاتحاد الإفريقي يتبع سياسة النعامة، حصل السودان على ضوء أخضر لزعزعة استقرار تشاد".. وعلق انتشار قوة "يوفور" عندما شن المتمردون التشاديون هجومهم في 28 جانفي على سلطات نجامينا. وحسب فيليب دي كوساك، الناطق باسم يوفور فإن الاوروبيين يأملون استئناف عملية انتشار قوتهم "اعتبارا من بداية الأسبوع المقبل"، متحدثا عن "عراقيل لوجستية في نجامينا". وتهدف هذه القوة الأوروبية إلى نشر نحو 3700 جندي منهم 2100 فرنسي في شرق تشاد وإفريقيا الوسطى لحماية 450 ألف لاجئ من دارفور "غرب السودان" والنازحين من تشاد وإفريقيا الوسطى. الذخيرة الليبية حسمت المعركة لصالح ديبي كشفت صحيفة "لاكروا" الفرنسية الجمعة عن مشاركة وحدة عسكرية خاصة تابعة للجيش الفرنسي في المواجهات بين الحكومة التشادية والمتمردين خلال الأسبوع الماضي، وأشارت إلى أن فرنسا زودت النظام التشادي بالذخائر عبر ليبيا وبالمعلومات التي التقطتها أقمارها الفضائية. ونسبت الصحيفة إلى دبلوماسيين وعسكريين فرنسيين القول "ما كان الرئيس التشادي ادريس ديبي لينجح بصد هجوم المتمردين لولا دعم فرنسا الأسبوع الماضي". وذكرت نفس المصادر أن "وحدة التدخل العسكرية الفرنسية، التي كانت وصلت إلى تشاد قبل أسابيع، تولت مسؤولية تنسيق الهجوم الذي شنه الجيش التشادي في الأول من هذا الشهر ضد المتمردين قرب العاصمة بنجامينا، وشارك بعض الضباط الفرنسيين في ذلك". وأشارت الصحيفة إلى فشل الجيش التشادي في هذا الهجوم على بعد خمسين كيلومترا عن العاصمة، والذي أسفر عن مقتل رئيس الأركان التشادي. وقالت الصحيفة إن عناصر من قيادة الوحدات الخاصة الفرنسية بدأت اعتبارا من اليوم الثاني لهذا الهجوم بالمشاركة في معارك نجامينا وفق إستراتيجية تقوم على "إنهاك المتمردين" باستخدام الذخائر أحيانا، ونوهت بأن الفرنسيين أطلقوا النار أكثر من مرة خلال إجلاء الرعايا الأجانب من مطار نجامينا، حيث اقترب المتمردون من المطار. وقدمت باريس بحسب الصحيفة للرئيس التشادي معلومات حول تحركات المتمردين، كانت حصلت عليها بواسطة طائرات الميراج التي تنشرها، إضافة لما التقطته الأقمار الفضائية. وكشفت الصحيفة أيضا أن فرنسا لجأت إلى ليبيا لنجدة ديبي فأمدت القوات التشادية بالذخيرة لدبابات "تي 55" الروسية الصنع، مما حول ميزان القوى شيئا فشيئا لصالح القوات الموالية للرئيس تشادي. ل / ل