اتفاقية الطائف لم تعد مناسبة لمقاسات الظرف اللبناني الراهن، والدستور بات بحاجة إلى تعديلات من أجل الوصول إلى أدنى حدود التوافق المطلوب .. أملا في ضبط منهجية التحليل السياسي لوقائع المشهد اللبناني الراهن بانسيابية نهر الليطاني وهو يبلغ ذروة تراجيديا الفصل ما قبل الأخير..! فالمأزق الذي لا شكل له ولا لون ولا طعم ، يغلف بخصائصه الزئبقية جميع التيارات اللبنانية المتصارعة نيابة عن القوى الدولية والإقليمية الساعية إلى تنفيذ مخططاتها المنقسمة بين فرض الهيمنة المطلقة على العالم وتحقيق أطماع توسعية عبر منافذ وحدة طائفية سياسية فشلت في فرض وجودها على امتداد عصور تاريخية مضت ..، ولكل أحد حاضنته..حاضنات إقليمية ومراعي بخصائص شرقية تقدس الفرائض الخمس وترتل طقوس الصلاة في كتاب موقوت وتطبق المنهج السياسي بقواعده القائمة على خطاب إعلامي منافق فتحت مراعي نمائها لوكلائها الذين يخوضون صراع المخطط التوسعي ... تقابلها في الضفة الأخرى حاضنات دولية جعلت من مراعي نمائها قرية كونية تختصر قانونا عالميا حضاريا يتجرد فيه البشر من خصائص مكوناته الاجتماعية ويقلب المفاهيم الإنسانية رأسا على عقب ويضعها على مقاسات القطب الواحد الساعي إلى فرض هيمنته المطلقة على عالم يكاد يختصر في شاشة فضائية حرة.. والتيارات اللبنانية المتقاتلة الآن عبر مكبرات صوتية توزعت في شوارع بيروت تتبادل فيما بينها التهم لتي لم يتطهر منها أحد فهذا يتهم ذاك بقذائف متبادلة بفتح خط ساخن مع حاضنته التي تلقنه بما يمكن فعله في المشهد الفرجوي المنقول بوقائعه الحية عبر الفضائيات إلى كل أنحاء العالم المتشوق لمعرفة نهاية دراما حرب معاصرة تدور وقائعها في لبنان الموعود رغما عنه بحروب الخراب والدمار والموت .. هل ستتربع الموالاة على كرسي مركز القرار السياسي؟؟ وتحصد المعارضة بذور هزيمة سياسة لم يحسب لعواقبها حسابا دقيقا..؟؟ أم ستتخلى الموالاة عن المزايا الدستورية التي تتمتع بها الأغلبية..؟؟ بورصة سوق الأوراق المالية في بيروت تكاد تتوقف ، وأختفى عنها كبار المتعاملين خوفا من احتراق أموالهم المنقولة في سندات بنكية بنيران حرب إقليمية – دولية تدور رحاها في بيروت..بينما بورصة الدعم المالي السياسي المتأتي من الشرق والغرب لوكلاء- الصراع سجلت أعلى ارتفاعات لأسهمها المتنافسة بين تياري الأغلبية والأقلية المعارضة ومازالت تشهد إقبالا لا حدود له جعلها في أفضل حالات الانتعاش.. ويبقى لبنان رغم كوارث الاهتزازات الأرضية التي تقض مضاجع قواه السياسية المستوردة لهوية حضورها الوطني متمسكا ببديهيته المتوارثة في تعادل النزالات البيروتية..!!