ألغى الكثير من الجزائريين سفرهم إلى الخارج لهذا الصيف،رغم أنه كان سفرا مبرمجا للعطلة السنوية ادخروا له طيلة السنة بعد أن خالج أنفسهم الرعب إزاء تفشي أنفلونزا الخنازير،المرض الذي تزامن إعلانه كوباء من طرف منظمة الصحة العالمية مع بداية موسم الصيف والعطل . يرجح رأي أغلب المواطنين أن السياحة ستزدهر هذه الصائفة في ولايات الوطن الداخلية بسبب عزوف الأغلبية عن قضاء العطلة الصيفية خارج الوطن مخافة أن يصابوا بعدوى أنفلونزا الخنازير في إحدى الدول الموبوءة والتي تجاوزت ال89 دولة ، لذا فالمكوث بالجزائر أأمن وأضمن يقول عبد الكريم الذي تراجع عن مشروع سفره إلى تركيا وهذا بعد أن أعلنت وزارة الصحة التركية تسجيل عدة إصابات بالأنفلونزا . وأضاف :" لم أكن أنوي تمضية العطلة السنوية في الجزائر وقد اتفقت مع زوجتي على السفر إلى تركيا وهي رحبت كثيرا، أعتقد أن الجزائريات صرن يعشقن السفر إلى تركيا بعد أن غزت مسلسلاتهم المد بلجة باللهجة اللبنانية الفضائيات .لكن يبدو أن مشروع السفر إلى تركيا سيتأجل على الأقل هذه الصائفة والوجهة البديلة ستكون وهران ،كنا نتوق إلى زيارتها منذ زمن وها قد جاءت الفرصة رغم أننا لم نخطط إلى ذلك ، لكن الملاحظ أن التصييف في الجزائر مكلف كالخارج ،لذلك يفضل الأغلبية السفر والتعرف على بلدان أخرى . "اللي يخاف سلم " ساد مثل هذا الرأي لدى العديد من الأسر الجزائرية التي كانت تعول على الاستجمام هذا الصيف في الخارج ومنها عائلة مختار التي ألغت مشروع سفرها إلى دولة المغرب الشقيق بعد أن اكتشفت فيها حالات إصابة بأنفلونزا الخنازير فيها .يقول أمين : "قضينا عطلة الصيف الماضي في تونس وأعجبتنا، وكنا قد برمجنا السفر إلى المغرب منذ العالم الماضي .ولولا إعلان هذا الأخير عن تسجيل حالات إصابة لما غيرنا رأينا . والحقيقة أنني غير متخوف من كل سيناريوهات الرعب التي يساهم فيها الإعلام بشكل كبير، إلا أن زوجتي تخوفت على بنتينا وقالت أن اللي يخاف سلم واستجبت معها لنداء العقل رغم عدم اقتناعي تماما بأن هذا المرض يشكل خطورة كبيرة.في حين أضافت زوجته نصيرة بأن السفر إلى الخارج هذا الصيف هو الجنون بعينه مشيرة إلى أن الكثير من الأسر التي تعرفها ألغت سفرها إلى أي دولة حتى لو لم تسجل فيها أية حالة، لأن الوباء ينتشر بسرعة كبيرة وعلينا أن نتحلى بالحكمة ونلغي تحركاتنا إلى الخارج . كما أبدت تخوفها من قدوم العائلات المهاجرة خلال الصيف ولتمضية رمضان لأنها قد تحمل معها الفيروس مضيفة "الله يستر هذا الصيف" وعن برنامج العطلة والاستجمام قالت أنها ستقضيها رفقة أسرتها الصغيرة بسواحل بجاية الجميلة رفقة عائلتها الكبيرة "لو لم تدخل حالات إصابة من الجالية المغتربة التي تقبل بكثافة في كل صيف إلى مدينة بجاية . العمرة والحج ...إلى أجل مسمى أفتى الشيخ عبد العزيز آل الشيخ،مفتي المملكة العربية السعودية مؤخرا بحرمة السفر من وإلى الدول التي ظهر فيها فيروس أنفلونزا الخنازير، باعتبار أن ذلك يندرج تحت من يعرض نفسه للتهلكة ،مؤكدا أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشدنا إذا وقع الطاعون في بلد ألا ندخله .وإذا وقع ونحن فيه ألا نخرج منه وأيدت لجنة الفتوى بالأزهر الشريف تأجيل رحلات العمرة والحج لحين انتهاء خطر مرض أنفلونزا الخنازير ، ومن جانبه دعا الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية المصرية إلى ضرورة الاجتهاد الجماعي بين كل المجامع الفقهية المعترف بها على مستوى العالم الإسلامي للخروج بفتوى موحدة حول تحريم السفر وتأجيل الحج والعمرة آنيا للحد من انتشار الوباء. وذلك بعد أن بلغت حالات الإصابة بأنفلونزا الخنازير في الأراضي السعودية أكثر من 22حالة ،أصدرت دار الفتوى السعودية فتوى تحرم السفر من وإلى الدول الموبوءة وكان قبلها الكثير من الجزائريين الذين عقدوا النية على القيام بعمرة رمضان أو حتى قبلها وبعدها قد قرروا تأجيل العمرة كنوع من الحرص واتقاء شر الوباء، بالنظر إلى الاختلاط الحاصل بين كل الأجناس حيث يصعب اتخاذ الحيطة أو الحذر بأي شكل من الأشكال.تقول الحاجة يمينة التي سبق لها وأن أدت مناسك الحج منذ ثلاث سنوات أنها اشتاقت للنفحات الإيمانية بالبقاع المقدسة فقررت أداء مناسك عمرة رمضان التي تضاهي في أجرها مناسك الحج رفقة ابنتي وزوجها. لكن بعد أن سمعنا عن هذا المرض عافانا الله وإياكم قررنا تأجيل عمرة رمضان إلى أن يعلن عن محاصرة المرض. وتضيف ابنتها عقيلة:"في الحقيقة كنا مترددين حول تأجيل العمرة واعتقدنا في أول الأمر أن إيماننا يجب أن يكون قويا إلى درجة التوكل على الله ،خاصة وأنه لا يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ،لكن وبعد الفتاوى المتعددة لعلماء الأزهر والسعودية والتي دعت إلى تأجيل الحج والعمرة بعذر شرعي لأنه لا يحق لنا إلقاء أنفسنا في التهلكة ، تشجعنا وقررنا تأجيل العمرة عن قناعة وبكل ارتياح وعلى أمل أن ينتهي هذا الكابوس لنبرمج عمرة أخرى أصحاب القرعة ..لا تراجع في الحج وجد أغلب من حالفهم الحظ في الفوز بقرعة الحج صعوبة كبيرة لإعلان تراجعهم عن أداء مناسك الحج الذي طالما حلموا به وانتظروا فرصة خروجهم في القرعة بفارغ الصبر وربما لسنوات.ويمكن القول أن أغلبية من تحدثنا إليهم لم يبدوا أي استعداد لتأجيل الحج بقولهم أنهم لا يضمنون أن يعيشوا للعام الموالي وحتى وإن عاشوا فقرعة الحج غير مضمونة والأعمار بيد الله. هذا ما قالته الخالة صفية التي انتظرت أن يكون اسمها ضمن قائمة الحجاج هذا الموسم لمدة ثلاث سنوات متتالية " لن أتراجع عن أداء الحج لأي سبب من الأسباب لأنني مؤمنة بأن الأعمار بيد الله وحده. ولو قدر لي أن أتوفى في البقاع المقدسة فسيكون لي الشرف أن أجاور رسول الله والنبيين والصديقين. وكانت لي خالة توفيت في مكة أثناء أداءها لمناسك الحج منذ سنوات ودفنت في أراضيها الطاهرة. لكن ما يؤرق الخالة صفية هو إصرار أبناءها على عدم ذهابها بشدة .خاصة ابنها الدكتور الذي أكد لها بأن الحج سيساهم في انتشار الوباء بشكل رهيب ونصحها بألا تلفي بنفسها إلى التهلكة . وكما تقول أنها تشفق على أبنائها من حالة القلق والرعب التي سيعيشون فيها .أما الحاج منصور وهو من ولايات الداخل فقد سبق له وأن أدى مناسك الحج منذ اثنا عشر عاما، لكنه قرر أن يعيد الكرة لأنه اشتاق إلى النفحات الإيمانية والطواف ورؤية بيت الله مجددا . قائلا : "ليس هناك من حاج إلا وتهفو نفسه كل عام لمعاودة رؤية بيت الله الحرام وقبر النبي الكريم ، لذا فمهما قيل عن المرض هذا فليس لدي استعداد لتأجيل حجي لأي سبب كان حتى ولو كلفني ذلك حياتي . تأجيل السفر والتقليل من التنقل لتفادي الإصابة ولأن منظمة الصحة العالمية قالت إن المرض الذي أصبح اسمه اتش 1 إن1 ينتقل من إنسان إلى آخر بالاحتكاك أو الاقتراب، فإن أول ما تبادر إلى أذهان المواطنين هو منع الاختلاط بقدر الإمكان ،وهذا يعني عدم السفر إلي الدول التي أعلنت عن حالات إصابة فيها أو اتخاذ إجراءات احتياطية وصحية مع الأشخاص الذين تواجدوا في هذه الدول وعادوا إلي بلادهم أو سافروا إلي دول أخري, أي أن الخسارة المباشرة لمرض أنفلونزا الخنازير بعد الضحايا البشر بالطبع, تركزت في قطاع السفر ومن ثم السياحة بعده. وقد سارع عديد من الأخصائيين إلى إسداء نصائح إلي المواطنين بتجنب السفر إلى المناطق المنكوبة وهناك من طالب بالتأني في السفر عموما, الأمر الذي دعا منظمة الصحة العالمية وهي منظمة لا علاقة لها بالسفر والسياحة إلي أن تؤكد مؤخرا أنها لا تنصح بفرض قيود علي حركة السفر بسبب أنفلونزا الخنازير, وقالت المنظمة أن حركة السفر العالمية الآن سريعة للغاية مع وجود أعداد كبيرة من الناس تنتقل من مكان, إلى مكان ولذلك فإن الحد من السفر وفرض قيود عليه سيكون له تأثير ضئيل علي وقف انتشار الفيروس, ولكن سيؤدي في المقابل إلي تقييد حركة السفر إلى إحداث بلبلة وتشوش في العالم.. ولذلك لا داعي للفزع.. فالتصرف بحكمة وهدوء وعلي أساس علمية هو الأفضل.