رابطة أبطال إفريقيا/مولودية الجزائر- أورلوندو بيراتس 0-1: ''العميد'' يتعثر داخل الديار    ثاني أيام عيد الفطر: استجابة واسعة للتجار والمتعاملين الاقتصاديين لنظام المداومة    إسقاط طائرة بدون طيار مسلحة اخترقت الحدود الوطنية    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 209    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 50399 شهيدا و114583 جريحا    كاس الجزائر للمشي على الطريق: اجراء طبعة 2025 في 12 ابريل بمالبو    كرة القدم (كأس الكونفدرالية) : شباب قسنطينة -اتحاد الجزائر, لقاء جزائري بطابع نهائي قاري    وزيرة التضامن الوطني تتقاسم فرحة العيد مع الأطفال مرضى السرطان والمسنين    مزيان وسيدي السعيد يهنئان أسرة الصحافة الوطنية بمناسبة عيد الفطر المبارك    الفلين الجزائري, مورد طبيعي عانى كثيرا من النهب خلال الحقبة الاستعمارية    سونلغاز : نحو ربط 10 آلاف مستثمرة فلاحية بالشبكة الكهربائية في 2025    عيد الفطر المبارك : السيدان مزيان وسيدي سعيد في زيارة إلى وكالة الأنباء الجزائرية    مرصد حقوقي يدعو لفرض عقوبات على الاحتلال بسبب جرائمه في قطاع غزة    فتح معظم المكاتب البريدية غدا الأربعاء    المناوبة أيام العيد...التزام مهني, ضمانا لاستمرارية الخدمة العمومية    رئيس الجمهورية يتلقى تهاني نظيره الفرنسي بمناسبة عيد الفطر المبارك    الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار: تسجيل قرابة 13 ألف مشروع استثماري إلى غاية مارس الجاري    عيد الفطر: استجابة واسعة للتجار والمتعاملين الاقتصاديين لنظام المداومة خلال اليوم الاول    الجلفة..زيارات تضامنية للمرضى والطفولة المسعفة لمقاسمتهم أجواء عيد الفطر    عيد الفطر بمركز مكافحة السرطان بوهران : جمعيات تصنع لحظات من الفرح للأطفال المرضى    رئيس الجمهورية يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك بجامع الجزائر    رئيس الجمهورية يهنئ أفراد الجيش الوطني الشعبي وأجهزة الأمن والأطقم الطبية بمناسبة عيد الفطر    رئيسة الهلال الأحمر الجزائري تزور أطفال مرضى السرطان بمستشفى "مصطفى باشا" لمشاركة فرحة العيد    "الكسكسي, جذور وألوان الجزائر", إصدار جديد لياسمينة سلام    مسجد الأمير عبد القادر بقسنطينة .. منارة إيمانية و علمية تزداد إشعاعا في ليالي رمضان    طوارئ بالموانئ لاستقبال مليون أضحية    الجزائر حريصة على إقامة علاقات متينة مع بلدان إفريقيا    الدرك يُسطّر مخططا أمنياً وقائياً    الفلسطينيون يتشبّثون بأرضهم    الشباب يتأهّل    فيغولي.. وداعاً    66 عاماً على استشهاد العقيدين    موبيليس تتوج الفائزين في الطبعة ال 14 للمسابقة الوطنية الكبرى لحفظ القرآن    مؤسسة "نات كوم": تسخير 4200 عون و355 شاحنة    الجزائر تستحضر ذكرى العقيد عميروش قائد الولاية الثالثة التاريخية    القضاء على مجرمين اثنين حاولا تهريب بارون مخدرات بتلمسان    صايفي: كنت قريبا من الانتقال إلى نيوكاستل سنة 2004    مدرب هيرتا برلين ينفي معاناة مازة من الإرهاق    تحويل صندوق التعاون الفلاحي ل"شباك موحّد" هدفنا    المخزن واليمين المتطرّف الفرنسي.. تحالف الشيطان    ارتفاع قيمة عمورة بعد تألقه مع فولفسبورغ و"الخضر"    فنون وثقافة تطلق ماراتون التصوير الفوتوغرافي    أنشطة تنموية ودينية في ختام الشهر الفضيل    بين البحث عن المشاهدات وتهميش النقد الفني المتخصّص    تقييم مدى تجسيد برنامج قطاع الشباب    غضب جماهيري في سطيف وشباب بلوزداد يكمل عقد المتأهلين..مفاجآت مدوية في كأس الجزائر    اللهم نسألك الثبات بعد رمضان    فتاوى : الجمع بين نية القضاء وصيام ست من شوال    بمناسبة الذكرى المزدوجة ليوم الأرض واليوم العالمي للقدس..حركة البناء الوطني تنظم وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني    منظمات حقوقية: على فرنسا التوقف فورا عن ترحيل الجزائريين بطريقة غير قانونية    توجيهات وزير الصحة لمدراء القطاع : ضمان الجاهزية القصوى للمرافق الصحية خلال أيام عيد الفطر    لقد كان وما زال لكل زمان عادُها..    6288 سرير جديد تعزّز قطاع الصحة هذا العام    أعيادنا بين العادة والعبادة    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شهر شوال غدا السبت (وزارة)    صحة : السيد سايحي يترأس اجتماعا لضمان استمرارية الخدمات الصحية خلال أيام عيد الفطر    قطاع الصحة يتعزز بأزيد من 6000 سرير خلال السداسي الأول من السنة الجارية    رفع مستوى التنسيق لخدمة الحجّاج والمعتمرين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللغة العربية وإشكالية الحداثة
نشر في صوت الأحرار يوم 21 - 06 - 2009

خلال الأسبوع الماضي، خصصت جريدة الوطن الجزائرية "فورومها" لمناقشة مسألة العصرنة في الجزائر وأسباب فشلها؛ وهو موضوع في غاية الأهمية لأن الجزائر، كما يبدو من خلال ممارسات وسلوكات عديدة، هي ابعد ما تكون، في الوقت الحالي، عن السير نحو الحداثة، بل أكثر من ذلك، كل شيء ينبئ بأنها كانت أكثر قربا من الحداثة في مرحلة الستينيات والسبعينيات منها الآن.
إشكالية الحداثة تطرح، في العالم العربي، منذ أكثر من ستة عقود على الأقل. طرحت في مصر، زمن سلامة موسى وطه حسين ومصطفى عبد الرازق وغيرهم، كما حاولت مجموعة أخرى من المفكرين اليساريين العرب تناول هذه الإشكالية والبحث عن إجابة لها في بداية ثمانينيات القرن الماضي، وكان من أبرز هذه المجموعة التي تنتمي إلى ما عرف باليسار العربي الجديد الأستاذ سعد زهران الذي كان من أحسن وأكفأ الأساتذة المصريين الذين درسوا بالمدرسة الوطنية العليا للصحافة بالجزائر والذي استفاد من علمه، ومن تجربته النضالية أيضا في مصر أيام جمال عبد الناصر، العشرات من الصحفيين الجزائريين الذين يكتبون باللغة العربية.
ضيف "فروم" الوطن، كان الأستاذ في علم الاجتماع بجامعة وهران، جمال غريد، الذي يقول في حديث نشرته له نفس الجريدة في عددها الصادر يوم الجمعة (19/06/09)، أنه في تعريفه للمجتمع التقليدي يستعمل عبارة "arabiste" والتي يمكن ترجمتها بالمنتمي إلى العرب، وذلك، كما يقول، "لتجنب كل خلط مع الإسلام، لأن الأمر لا يتعلق بالدين الذي هو جزء فقط من الثقافة".
الأستاذ الجامعي وهو يتجنب بلباقة الربط بين العصرنة، أو نقيضها التخلف، والدين فأنه يعيد طرح نفس الفكرة التي كثيرا ما روج لها بعض المفكرين الفرنسيين الذين يقولون بأن المشكل هو في "العربي" الغير قابل للتطور وأن العروبة أو الانتماء إلى العرب (المقصود الانتماء الثقافي واللغوي) يتنافى والحداثة.
الدكتور الباحث في علم الاجتماع يبعث من جديد نقاشا عقيما كانت الجامعة الجزائرية مسرحا له في مرحلة السبعينيات من القرن الماضي وهو النقاش الذي خلف آثارا جد سلبية على الثقافة الجزائرية إذ أدى إلى وجود فئتين جامعتين متصارعتين، وكل فئة عملت بكل ما ملكت من وسائل، ومن سلطة، على إلغاء الفئة الأخرى أو إضعافها في أحسن الحالات.
النقاش العقيم عانى منه جيل كامل وأحدث شرخا لازلنا نلمس آثاره لحد اليوم، ولعل هذا الأستاذ هو من مخلفاته. لقد كان من نتائج التجاهل التام، الذي لازال قائما لحد اليوم، بين المثقفين باللغة الفرنسية وزملائهم المثقفين باللغة العربية أن عجزت الفئة الأولى في نقل المعارف والمنطق وكل ما تعلمته من الغرب إلى الأجيال التي أصبحت تدرس باللغة العربية، كما عجز الكثير من أفراد الفئة الثانية في تطوير الثقافة العربية والسير بها نحو المستقبل بل بقوا سجناء تفسيرات وأطروحات تجاوزها الزمن ولم تتمكن من الابتعاد بعض الشيء عن التراث أو إعادة دراسته دراسة نقدية. لم يحدث التواصل المنشود والمفيد بين الفئتين. كان من المفروض أن تمد الجسور بين المثقفين بغض النظر عن لغة التعليم، وأن تخلق مجالات للنقاش وللتنافس النبيل من أجل خدمة ثقافة وطنية عصرية متفتحة وراقية، لكن الإقصاء، الذي هو نتيجة للتطرف اللغوي جعل الجزائر تخسر الكثير من الوقت والجهد. حتى في عصر التعددية الصحفية يبقى الإقصاء هو المسيطر فمن النادر جدا أن نقرأ لمثقف أو عن مثقف جزائري باللغة العربية في الصحافة الجزائرية الصادرة بالفرنسية والعكس صحيح.
المفروض أن الأستاذ الجامعي لا يدلي بأي كلام أو مواقف علمية دون دراسة وبحث لذلك أتساءل على ماذا اعتمد الأستاذ غريد عندما ربط بين العصرنة وما سماه بالعربيست الذي يعني، على ما أعتقد، الارتباط بالثقافة العربية واستعمال اللغة العربية؟ وهل قام بدراسات وبحوث أكدت له وجود هذه العلاقة؟
وإن كان مقتنعا فعلا بوجود هذه العلاقة، فماذا يقول عن العشرات من اللبنانيين (بعضهم مسيحيين) الذين قدموا خدمات جليلة للثقافة العربية وباللغة العربية؟ هؤلاء الذين طوروا الكتابة الصحفية العربية والموسيقى العربية وأدخلوا، من خلال الكتابات والقواميس، العشرات من المفردات الجديدة إلى اللغة العربية، بل أحدثت بعض كتاباتهم ثورة في الفكر العربي، وقد تأثر بعض المثقفين الجزائريين المتعلمين باللغة العربية بهذه الثورة، وتمكنوا في فترة قصيرة من جعل عناوينهم الصحفية الصادرة باللغة العربية تتبوأ المراتب الأولى، كما ونوعا، وذلك على المستويين المحلي والعربي؛ فهل الأستاذ بجامعة وهران مطلع على الحركة الثقافية العربية ومساهمة اللبنانيين فيها؟ المشكلة الأخرى التي تطرح، من خلال موقف الأستاذ، لها علاقة بالأجناس الأخرى، فإن كان الانتماء للعربيست مناقضا للحداثة فما هو الانتماء الذي يجعل الجزائر تتعصرن، وإن كان الأمر يتعلق باللغة فأننا نتساءل هنا عن دور لغة معينة في جعل شعب معين يصبح معصرنا، ونفكر هنا في الشعب اليهودي الذي أحيا اللغة العبرية ويستعملها كلغة موحدة لشتات جاؤوا من كل أصقاع الأرض وكان كل واحد يلغط بلغة مختلفة عن لغة الآخر.
مشكلة بعض الدارسين باللغة الفرنسية هي أنهم مصابون بالاندهاش المتواصل الذي يحدث عادة لدى اتصالهم بثقافة الغرب وجامعاتها، وهو الاندهاش الذي يتعرض له المفكر اللبناني اليساري حسين مروة بكثير من التفصيل في كتابه الموسوعي "النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية". يحدث أن ينبهر بعض المتعلمين باللغة الفرنسية بالثقافة الفرنسية حد نقل نماذج وأنماط وترديد نفس العبارات والجمل التي تصدر في الصحافة الفرنسية دون القدرة على إعادة التفكير فيها وتمحيصها وغربلتها للتأكد من صحتها. إنه ما تأكدت منه من خلال أطروحة الدكتوراه التي ناقشتها، في منتصف التسعينيات، أمام لجنة من جامعة ستاندال، بغرونوبل (فرنسا) والتي تناولت موضوع الإسلام من خلال الصحافة الفرنسية، وكان أغرب ما اكتشفته هو أن الصحافة الفرنسية تربط ، في تعرضها للجزائر، وكما هو الشأن بالنسبة للأستاذ غريد، بين اللغة الفرنسية والديمقراطية وبينها وبين العصرنة، حيث تحاول إقناع القارئ بأن الفرنكوفونيين وحدهم من يمثلون العصرنة وأنهم بذلك وحدهم الديمقراطيين، وأن كل من هو غير فرانكوفوني هو غير عصري وغير ديمقراطي؛ مما يعني أن الانجليز والأمريكان والألمان وغيرهم من الأجناس الغير فرانكوفونية غير ديمقراطيين وغير عصرانيين... إنه الاختلاف على الطريقة الفرنسية، الذي يعني، كما يقول الكاتب الفرنسي (إتيان بيرينو)، أن المطلوب من الآخر أن يتخلى عن كل ما يميزه ليصبح كالفرنسي وعندها سيحتقره هذا الأخير لأنه لا يحب المتشبهين به.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.