تباشر الجزائر في غضون الأشهر القليلة المقبلة لإرسال عناصر من الشرطة لإدماجهم ضمن وحدات مكافحة الإرهاب الفرنسية، فيما كشفت مصادر حكومية فرنسية أن باريس ستقوم بنفس الخطوة مع الجزائر في إطار إنشاء فرق مشتركة للشرطة بين البلدين بموجب اتفاق امني بين البلدين. دخل التعاون الأمني بين الجزائر وباريس مرحلة جديدة بعد زيارة وزيرة الداخلية الفرنسية ميشال آليو ماري الأخيرة وما حملته من معطيات تمهد لقيام تحالف أمني استراتيجي بين البلدين، حيث كشفت تقارير إعلامية استنادا إلى مصادر من الحكومة الفرنسية عن إنشاء فرق مشتركة للشرطة بين البلدين مكلفة بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. وتشير مصادر فرنسية إلى أن الجزائر، ووفق فحوى الاتفاق الأمني المبرم مع باريس، قررت إرسال عناصر من الشرطة لإدماجهم ضمن وحدات مكافحة الإرهاب الفرنسية في غضون الأشهر القليلة المقبلة، فيما ستقوم مصالح الشرطة الفرنسية ضمن نفس الإطار بإيفاد عناصرها لإدماجهم في وحدات الأمن الوطني المختص في مجال مكافحة الإرهاب والمخدرات وتبيض الأموال، سيشاركون مباشرة في العمل الميداني ويقدمون خبراتهم في هذه المجالات، ومعلوم أن الحكومة الفرنسية لم تقدم على هذا النوع من التعاون الأمني القائم على إنشاء فرق مشتركة للشرطة إلا مع عدد من الدول الأوروبية في إطار الاتحاد الأوروبي. وبعد حوالي شهر من دخول الاتفاقية الجزائرية الفرنسية حول التعاون الأمني حيز التنفيذ، والتي كانت قد نشرت في العدد 77 من الجريدة الرسمية الجزائرية نهاية السنة المنصرمة، أفادت ذات المصادر الحكومية الفرنسية أنه وفي إطار تطبيق الشق المتضمن في الاتفاقية والمتعلق بتكوين الموارد البشرية سيتم تكوين 55 ألف من عناصر الدرك الوطني من طرف خبراء فرنسيين، في وقت سبق وأن أعلن وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين زرهوني عن مخطط جاري تطبيقه لرفع عدد أفراد مصالح الدرك الوطني من 80 ألف حاليا إلى 135 ألف مع آفاق 2010. وكانت الاتفاقية الأمنية الجزائري التي دخلت حيز التطبيق في أفريل الفارط بموجب مرسوم وقعه الرئيس الفرنسي ساركوزي قد حددت مجالات تكوين ورسكلة الموارد البشرية ، في عناصر الشرطة العلمية والتقنية وشرطة الاستعلامات. ويركّز متابعون على أنّ الجزائروفرنسا تريدان التأسيس لنسق جديد في مسار تنسيق خطط مكافحة الإرهاب بين البلدين، لا سيما بعد النداء الذي وجهه الرقم الثاني في تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري ودعا فيه "للتخلص من أبناء فرنسا واسبانيا"، ولعلّ هذا الهاجس عبّرت عنه وزيرة الداخلية الفرنسية ميشال آليو ماري، عندما خاطبت نظيرها نور الدين زرهوني "تكون حمايتنا أنجع عندما نقوم بها معًا والعمل على تطوير القدرات التي تتوفر لدينا من أجل حماية مواطنينا". وتعد الجزائر الدولة العربية الأولى التي رفعت مستوى التعاون الأمني مع باريس إلى هذا المستوى، في وقت تتفق تحاليل عدد من الخبراء في الشأن الأمني أن رهانات الأمنية للجزائر وفرنسا، تحتم عليهما توسيع علاقات التعاون الثنائي في مجال الاستخبارات والأمن وحماية الحدود والمكافحة المشتركة ضد كل ما هو مبعث للاأمن بالنسبة إلى البلدين، ما جعل الطرفان يسارعان للتفكير في وضع إستراتيجية شاملة في مكافحة الإرهاب على المحك، والذهاب بعيدًا في تعاونهما الأمني، على درب جعل محور باريس الجزائر أقوى أكثر من أي وقت مضى.